الإيطالية نيوز، السبت 23 ديسمبر 2022 - كشف أكبر حاخام في دولة الإمارات العربية المتحدة عن خطط لتطوير أول حي يهودي يحتوي على مؤسسات تعليمية وتجارية لآلاف اليهود الذين اتخذوا من الإمارات وطنًا لهم.
ووفقا لما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست"، كشف لها الحاخام اليهودي «إلي عبادي» (Elie Abadie) عن خطط لإنشاء أول حي لليهود لآلاف اليهود المقيمين في الإمارات العربية المتحدة. وقال، حسب المصدر نفسه، أن الحي اليهودي في الإمارات يضم كنيسًا وفنادقًا ومدارسًا وكليات جامعية ومركزًا مجتمعيًا.
ويقول «عبادي» إن في الإمارات العربية يوجد نحو 2000 يهودي مقيم في الإمارات العربية المتحدة، منهم نحو 500 يهودي نشط يمارسون شعائرهم الدينية. ويقول إن هذا العدد تضاعف منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم التاريخية، التي ساهمت في تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، في عام 2020.
واستقبلت الإمارات وحدها أكثر من 200 ألف سائح يهودي منذ اتفاق السلام، حيث استكشف الكثيرون فكرة الانتقال إلى الإمارات وتأسيس أعمال تجارية. ويتوقع «عَبّادي» أن يتضاعف هذا العدد أربع مرات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وهذا يعني، كما قال الحاخام، أن الوقت قد حان لكي يكون لدولة الإمارات العربية المتحدة حي يهودي خاص بها، يضم فنادق ومراكز تسوق ومدارس ومعبدًا يهوديًا ومركزًا مجتمعيًا.
وقال «إلي عبادي»: “نرى المزيد من دور العبادة والمدارس – من دور الحضانة إلى التعليم العالي – ومكان مخصص للميكفيه، وحمام طقسي مصمم لطقوس التطهير اليهودية، والمزيد من مؤسسات طعام الكوشر، ومركز مجتمعي. ما نحتاجه هو حي يهودي، ولقد تحدثت مع عدد قليل من المطورين العقاريين حول هذا الموضوع.”
وقال الحاخام “إن وجود حي مخصص يعمل بكامل طاقته يكون ذا أهمية خاصة في أيام السبت، عندما لا يقود اليهود الأرثوذكس سياراتهم إلا في حالات الطوارئ التي تهدد حياتهم. لذلك نرغب في حي به كنيس يهودي، ومنازل خاصة، ووحدات سكنية، وفنادق، ومراكز تسوق.” وتابع: “هذا شيء أتطلع إليه والمحادثات مستمرة.”
ويرأس المؤتمر العام اليهودي رئيسه البحريني «إبراهيم داود نونو» (Ebrahim Dawood Nonoo)، ويرأسه «إلي عبادي» المولود في بيروت.
وقال الحاخام: "منذ اتفاقات إبراهيم وتأسيس المركز اليهودي العالمي، تمكنا بالفعل من مساعدة الجاليات اليهودية في الخليج والعديد من اليهود الأفراد في البلدان الأخرى التي ليس لديها مجتمع يهودي رسمي مع رعايتهم ودينيا ووتلبية احتياجاتهم الروحية."
وفي أماكن أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي، يقدر العبادي أن المملكة العربية السعودية لديها نحو 1000 يهودي، مع أعداد أقل في البحرين والكويت وقطر وعمان.
ويتوقع أن تعترف كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي بالجاليات اليهودية في السنوات الخمس المقبلة، بناءً على معاهدات السلام التي تم التوصل إليها في اتفاقيات إبراهيم بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.
وقال إنه يعتقد اعتقادا راسخا أن المملكة العربية السعودية والكويت وقطر وعمان تحذو حذوها وتنضم إلى عملية التطبيع مع إسرائيل، مما يمهد الطريق أمام اليهود لممارسة شعائرهم الدينية علانية عبر الخليج.
وقال «إلي عبادي»: “آمل أن تنفتح بقية دول مجلس التعاون الخليجي أكثر وتعترف بجالياتها اليهودية، أو تسمح لأفرادها بتشكيل مجتمع”. وأضاف: "آمل ذلك وأنا متأكد من أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي تحذو حذوها. سوف تستغرق بعض الدول وقتًا أطول من غيرها، لكنني متأكد من أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي تحدث هذا التغيير خلال السنوات الخمس المقبلة.
في شهر أغسطس من العام 2020، وقّعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقية السلام "أبراهام" مع إسرائيل، ونتجت عنها خطوات متسارعة نحو التعاون الاقتصادي والسياسي الإقليمي. وتفيد إحصائيات وردت في تقرير لـ "
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، بأن حجم التبادل التجاري الإماراتي الإسرائيلي بلغ نحو 1،154 مليار دولار أمريكي في 2021، وتضاعف إلى ملياري دولار خلال العام 2022.
تستفيد إسرائيل من الترويج لمنتجاتها ومؤسساتها داخل الإمارات، ويأخذ هذا التعاون التجاري أشكالاً عدة أبرزها في القطاع العسكري-الحربي، القطاع الصحي، تجارة الآلات والمعدات الإلكترونية والكهربائية، المجال الزراعي، المعاهد الجامعية والفنية، وغيرها الكثير.
ووفق موقع "
تايمز أوف إسرائيل"، فإن حجم التبادل التجاري السلعي بين الإمارات وإسرائيل، يُعدّ الأكبر بين أي دولة عربية أخرى شملتها اتفاقات أبراهام، كالمغرب والبحرين والسودان.
وبالمقارنة مع عام 2020، عندما وقّع البلدان على الاتفاقية، قفزت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات بنسبة 510 في المئة في عام 2021، وفي النصف الأول من عام 2022، بلغ حجم التجارة الثنائية 1.2 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادةً بنسبة 117 في المئة في التجارة عن النصف الأول من عام 2021.
تتخذ المنتجات الإسرائيلية الموجودة داخل أسواق أبو ظبي ودبي، أشكالاً عدة، أبرزها المنتجات الصناعية الكبيرة مثل الآلات الطبيّة والزراعية، ناهيك عن المؤسسات التقنية التي تنتشر على نطاق واسع، فما هي؟ وهل تأثرت بعد العدوان على غزة؟
في بداية العام 2022، وقّع البلدان اتفاقية تجارة حرّة ضمن شراكة اقتصادية شاملة، تُعدّ الأولى من نوعها بين تل أبيب ودولة عربية، حيث نصت الاتفاقية على استثناء 96 في المئة من الرسوم الجمركية على جميع السلع فوراً أو تدريجياً، وأتى ذلك بعد شهرين ونصف من إعلان الإمارات إنشاء صندوق استثماري بقيمة عشرة مليارات دولار، مخصص للقطاعات الإستراتيجية في إسرائيل.
أبرز الشركات الإسرائيلية داخل الإمارات
تتخذ المنتجات الإسرائيلية الموجودة داخل أسواق أبو ظبي ودبي، أشكالاً عدة، أبرزها المنتجات الصناعية الكبيرة مثل الآلات الطبيّة والزراعية، ناهيك عن المؤسسات التقنية التي تنتشر على نطاق واسع.
في
القطاع الطبي، توجد 11 شركةً طبيّةً إسرائيليةً تعمل داخل الدولة والنسبة الأكبر منها في دبي، تبرز من بينها شركة "
Tyto Care"، وهي شركة ناشئة للرعاية الصحية عن بعد، طورت جهازاً قائماً على الذكاء الاصطناعي يمكّن الأطباء من إجراء العمليات عن بعد.
كذلك شركة
Brain sway، التي طوّرت علاجات غير جراحية لاضطرابات الدماغ تعتمد على التحفيز المغناطيسي العميق عبر الجمجمة، وهي شركة تصنّع أجهزة تهوية محمولةً للرعاية المنزلية وحالات الطوارئ والنقل والمستشفيات.
ويحضر
القطاع المؤسسي الزراعي الإسرائيلي بقوة ملحوظة داخل الإمارات، ووفقًا لموقعي "GCC Business" و"تايمز أوف إسرائيل"، تعمل شركة "
Vertical Field" منذ سنتين في مناطق إماراتية عدة، وهي شركة ناشئة طوّرت نظام الزراعة العامودية، وتهتم بإدارة المزارع العامودية في إمارة "أم القيوين"، وانتشرت منذ أشهر فقط في "أبو ظبي" و"الشارقة"، وعلى نطاق هذه المزارع تحدد المحاصيل الأفضل للسوق المحلية، ويشرف عليها مهندسون زراعيون إسرائيليون في الشركة.
السلع الغذائية مبهمة
يمكن القول إن السلع الغذائية وغيرها من المنتجات التي يحصل عليها المستهلك مباشرةً من السوق والواصلة طبعاً من إسرائيل، غير واضحة، بمعنى أدق لا تُدوَّن عليها عبارة "صُنع في إسرائيل"، كما هو الحال مع بقية السلع، والسبب طبعاً رفض غالبية المقيمين العرب شراءها. لذا يتم تمييزها عبر خاصية "البار كود"، لكن خبراء التقنيات يمكنهم كشف الرقم التسلسلي للمنتج الذي يشير إلى أي دولة ينتمي.
لذا مع بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر الماضي، قام عدد من الناشطين بنشر معلومات تفيد بأن الغرفة التجارية الإسرائيلية قامت بتغيير رمز البضائع المستوردة من إسرائيل، والتي كانت تبدأ عادةً برقم 729، لتبدأ برقم 871. ونتحدث هنا حصراً عن المنتجات الغذائية والملابس وبعض أنواع المبيدات والمنتجات الصناعية التي يحتاجها المستهلك، لكن فعلياً لم يحصل سابقاً أن عرضت منتجات داخل المولات المعروفة في الإمارات، أو حتى في المتاجر الكبيرة، مثل ك"ارفور" و"لولو" و"جاينت" وغيرها.
لكن ذلك لا يمنع أن متاجر محدودةً جداً وإماراتيةً تحديداً، عرضت منتجات غذائيةً إسرائيليةً بشكل علني، على سبيل المثال محال "فريش ماركت"، وهي سلسلة بقالة إماراتية منتشرة في مناطق عدة داخل إمارة دبي، تبيع جميع المنتجات الغذائية الإسرائيلية من الخضروات والفاكهة واللحوم ومشتقاتها، وحتى التمور باتت تأتي من تل أبيب إلى الإمارات وليس العكس، حتى أنها تُباع بأسعار مرتفعة.
وفي سياق المنتوجات الإسرائيلية، خاصةً المواد الغذائية الموجودة داخل الإمارات منها، تبرز شركة "تنوفا" الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج مشتقات الألبان والأجبان، لكن المستهلك مهما كانت جنسيته لا يهمه بلد المنشأ لهذا المنتج أو غيره، بقدر ما يهمه السعر، باستثناء من يهتمون جدّاً بموضوع مقاطعة البضائع الإسرائيلية. واللافت أن منتوجات الشركة تُكتب عليها "صناعة الإمارات العربية المتحدة"، كون الشركة لها مركز داخل الدولة وتالياً لا تخسر قسماً كبيراً من الزبائن.
المرافق الطبية والسياحية الإسرائيلية
في نهاية العام 2021، جرى افتتاح مشفى "أڤيڤ" (AVIV) في منطقة أبراج "بحيرات الجميرا" المرموقة في دبي. وهذا المشفى مخصص لمرضى العظام والعضلات ومشكلات الدماغ، ويعالج أعراض ما بعد فيروس كورونا من خلال تقنية العلاج بالأوكسجين، ويرتاده مواطنون ومقيمون من جنسيات مختلفة، لا الإسرائيليون أو اليهود فقط، حتى أنه يعمل فيها أفراد يحملون بعض الجنسيات العربية، لكن لا يمكن معرفة ما إذا تمت مقاطعة المركز الطبي عقب أحداث غزة، حتى أن المديرين فيه يرفضون التصريح أو الخوض في هذا الموضوع.
من جهة أخرى، يتمثل القطاع السياحي الإسرائيلي في دبي تحديداً، ومن ثم أبو ظبي، بتواجد الفنادق والمطاعم التي قد لا تكون واضحةً للعيان مباشرةً، ومنها ما يكون معروفاً لهم أقلّه بسبب الاسم. والبحث عن تفاصيله عبر محرّك غوغل كفيل بإعطاء كافة المعلومات، وهنا مثلاً تنتشر في الإمارات سلسلة فنادق "آفاني" – (AVANI) وتشغّلها شركة النخيل التي يرأس مجلس إدارتها «علي لوتاه» (Ali Lootah)، ويشاركه المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة شركة "ماينور" الدولية التايلاندية، «ويليام إي. هاينكي»، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية معاً، وفقاً لتقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي عن تغلغل الوجود اليهودي الإسرائيلي داخل الإمارات.
الحياة الخاصة ليهود البلد
افتتحت الطائفة اليهودية في الإمارات، التي يقيم فيها نحو ألفي شخص من أتباعها (وهنا نتحدث عن عدد الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وليس اليهود من جنسيات أخرى)، في نهاية العام 2022، أول متجر في المنطقة العربية متخصص في بيع المنتجات اليهودية الحلال أو "الكوشير"، ويحمل المتجر الذي يقع في منطقة الصفا في إمارة دبي اسم "ريمون ماركت". لكن بعد أحداث قطاع غزة الأخيرة، لوحظ أنه نقل نشاطه إلى خدمة "الأونلاين"، ولا توجد معلومات مؤكدة حول ما إذا كان الأمر قد حدث تجنّباً لإثارة أي حساسية من قبل العرب، أو لأن عدد اليهود في الدولة لا يحتاج إلى أن يكون لديهم متجر كبير للتسوق المباشر، أو أن الأمور كلها صدفة.
قبل العام 2020، كان هناك فندقان في دبي وآخر في أبو ظبي تبيع في إحدى طوابقها مأكولات خاصةً بطائفة "الحريديم" المتديّنين، كذلك اتُّخذ من بعض الفيلات في منطقة الجميرا (دبي)، وبور دبي وعود ميثاء أو فيلات جزيرتي "الريم" و"السعديات" (في أبو ظبي)، أماكن للصلوات، ولكن بعد اتفاقية أبراهام بُني عدد كبير من الكنس داخل فيلات الحاخامات، وأصبح بالإمكان إقامة صلوات الجنازة والأفراح والتطهير وغيرها من المناسبات الدينية بشكل واضح، مع العلم أنّ في أبو ظبي رئيس جالية منفصل عن دبي، لكن رئيسَي الجاليتين يخضعان لتعليمات رئيس الطائفة.
وفي تصريح لرئيس الطائفة اليهودية في دبي، الحاخام «إيلي عبادي»، لصحيفة "
المونيتور"، قال إنه "حتى الآن، لا يوجد معبد رسمي لليهود في الإمارات، لكن هناك حالياً إجراءات لبناء كنيس يهودي في مبنى منفصل". وتسمح حكومة الإمارات بإصدار تراخيص استئجار أماكن في الفنادق لإقامة الصلاة.
وفي عام 2021، تم افتتاح حضانة "ميني ميراكلز كوشر"، وهي خاصة بأطفال اليهود وتقع داخل فيلا خاصة في منطقة الجميرا في دبي. كما افتتح مركز الجالية اليهودية في الإمارات أبوابه عام 2021، بالإضافة إلى وكالة الإمارات لشهادة الكوشر أو أكل الحلال.