باحث في الأرشيف الرسولي بالفاتيكان: "البابا بيو الثاني عشر كان على علم بإبادة اليهود" - الإيطالية نيوز

باحث في الأرشيف الرسولي بالفاتيكان: "البابا بيو الثاني عشر كان على علم بإبادة اليهود"

الإيطالية نيوز، الأحد 17 سبتمبر 2023 - قال «جوفانّي كوكو» (Giovanni Coco)، وهو أمين أرشيف وباحث مهم في أرشيف الفاتيكان الرسولي، لملحق القراءة في صحيفة "كورييري ديلا سيرا" إنه اكتشف خلال دراسته رسالة من عام 1942 يتحدث فيها اليسوعي الألماني المناهض للنازية، «لوثار كونيغ» (Lothar König)، صراحةً إلى البابا «بيوس الثاني عشر» (Pio XII) عن إبادة اليهود على يد النازيين، يصف فيها ما كان يحدث في معسكرات الاعتقال والإبادة في ألمانيا وبولندا خلال الحرب العالمية الثانية.


  ربما تكون الرسالة، المحفوظة في أرشيف الفاتيكان الرسولي ولكن لم تتم دراستها مطلقًا، أهم دليل تم اكتشافه حتى الآن على أن البابا «بيوس الثاني عشر» كان على علم بإبادة اليهود التي حدثت في المعسكرات النازية.


لعقود من الزمن، كانت شخصية «بيوس الثاني عشر» واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ الكنيسة الحديث: بعد وفاته تعرض لانتقادات كثيرة لأنه لم يتخذ مواقف صارمة ضد المحرقة والفاشية والنازية خلال بابويته، سواء من قبل المجتمع اليهودية وداخل الكنيسة الكاثوليكية. وعلى مر السنين، دافع عنه آخرون، زاعمين أنه لم يكن لديه مجال كبير للتحرك، وأنه عمل سرًا لمساعدة الجالية اليهودية في روما أثناء الاحتلال النازي.


مع اكتشاف الرسالة، على أي حال، يبدو من الصعب القول بأنه لم يكن لديه معرفة كافية بالأحداث: إن الإشكالية القائمة هنا هي فشل في اتخاذ موقف عام نَبَع من خيارٍ يعي تماما عواقبه على اليهود المتضررين وقتئذٍ. ومن الممكن أن يكون للرسالة أيضًا تداعيات على عملية تطويبه المتنازع عليها، والتي بدأت في عام 1967 وهي الآن في حالة توقف تام. ومن الممكن أن يكون للرسالة أيضًا تداعيات على عملية تطويبه المتنازع عليها، والتي بدأت في عام 1967 وهي الآن في حالة توقف تام.


تحدث «كوكو» عن اكتشافه في مقابلة طويلة مع الصحفي «ماسِّمو فرانكو» نشرت صباح الأحد في "القراءة"، ملحق "كتب وثقافة الأحد" في صحيفة "كورييري ديلا سيرا".وإلى جانب المقابلة، نشرت أيضًا صورة للرسالة، باللون الأصفر، المكتوبة باللغة الألمانية والمؤرخة في 14 ديسمبر 1942، والتي يتم فيها التعرف على العناصر الأساسية للاكتشاف. وأرفق بالرسالة أيضًا نص يحتوي على إحصائيات عن الكهنة المحتجزين في معسكرات الاعتقال النازية.


خلال الحرب العالمية الثانية، عمل كاتب الرسالة، اليسوعي «كونيغ»، كجاسوس، حيث قام بأنشطة استخباراتية لإرسال معلومات سرية حول الجرائم النازية إلى روما والبابا نيابة عن أسقف ميونيخ، «مايكل فون فولهابر» (Michael von Faulhaber) المناهض للنازية. وفقًا لـ «كوكو»، يتضح من الرسالة أنه كان هناك قدر معين من الألفة بين «كونيغ» و«بيو الثاني عشر» وأن تلك المراسلات كانت مستمرة بالتأكيد لبعض الوقت: باختصار، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعلم فيها البابا عن  إبادة اليهود والجرائم النازية، كما يدعي «كوكو».


كما يوضح «كوكو» في المقابلة أنه "خلال الحرب كانت معسكرات الاعتقال النازية معروفة لبعض الوقت  في الفاتيكان "كأماكن اعتقال جماعي، خاصة للبولنديين واليهود، حيث تُزهَق أرواح الناس بسبب التعذيب الذي تعرضوا له".


يقدم «كونيغ» في الرسالة معلومات متنوعة حول معسكرات الاعتقال والإبادة في "داخاو"، بالقرب من "ميونيخ"، ألمانيا، و"أوشفيتز"، بولندا.  وكان كلاهما معروفين بالفعل في الفاتيكان: فقد أصبح "داخاو" على وجه الخصوص معسكر اعتقال لأعضاء رجال الدين، كما يوضح «كوكو». ويتحدث «كونيغ» أيضًا عن معسكر اعتقال في أوكرانيا، بالقرب من مدينة "رافا روسكا"، قائلاً: "أحدث المعلومات عن "رافا روسكا" مع فرنها العالي لـ"قوات الأمن الخاصة النازية"، أو وحدات "إس إس"، حيث يُقتَل ما يصل إلى 6000 رجل كل يوم، وخاصة البولنديين واليهود، وجدتُها مؤكدة من مصادر أخرى".


وفقًا لـ «كوكو»، كان من الممكن أن يكون الدافع وراء البابا «بيو الثاني عشر» (واسمه الحقيقي أوجينيو ماريا جوزيبي جوفاني باتشيلي) هو عدم اتخاذ مواقف عامة واضحة ضد النازيين خوفًا من "الانتقام النازي ضد الكاثوليك البولنديين"، وهو الاحتمال الذي يُعرِّفه «كوكو» بأنه "ملموس". لكن بالنسبة إلى أمين المحفوظات، كان هناك أيضًا "تحيز معين ضد اليهود ليس فقط على المستوى الديني، ولكن أحيانًا أيضًا معاداة السامية" الموجودة "في جزء كبير من عالم الفاتيكان". ويقول «كوكو» إن وجود شخصيات مثل الكاردينال «أنجيلو ديل أكوا» (Angelo Dell’Acqua) في مناصب بارزة في الفاتيكان أثر أيضًا على البابا للتقليل من أهمية المعلومات التي وصلت إليه حول إبادة اليهود.


يرجع اكتشاف الرسالة أيضًا إلى الانفتاح الكبير الذي شهدته الكنيسة مؤخرًا في البحث عن معلومات حول «بيو الثاني عشر»: في عام 2019 قرر البابا «فرانسيس» فتح (ابتداءً من عام 2020) أرشيف الفاتيكان السري - والذي يُسمى اليوم "الأرشيف الرسولي" - المتعلقة بتلك البابوية، التي استمرت من عام 1939 إلى عام 1958. إن المزيد من الشفافية حول هذا الموضوع مفيد أيضًا للكنيسة، التي لا تزال تقوم بتقييم تطويب «بيو الثاني عشر».