النيجر: بعد الانقلاب في نيامي، أصبحت فرضية انسحاب الجيش الفرنسي محتملة بشكل متزايد - الإيطالية نيوز

النيجر: بعد الانقلاب في نيامي، أصبحت فرضية انسحاب الجيش الفرنسي محتملة بشكل متزايد

  الإيطالية نيوز، الإثنين 4 سبتمبر 2023 - إن الأزمة التي تتكشف بين باريس والمجلس العسكري الانقلابي الذي وصل إلى السلطة في النيجر في 26 يوليو تجعل احتمال انسحاب القوات الفرنسية من هذه الدولة الواقعة في منطقة الساحل، المعقل الأخير للاستراتيجية الفرنسية للجماعات الاستقلالية المعادية لمصالحها في أفريقيا، أكثر واقعية.


والآن تستمر "المصارعة الذراعيّة" منذ أكثر من شهر، وتبلورت في رفض فرنسا سحب سفيرها «سيلفان إيتيه» (Sylvain Itté)، في تجاهل فعلي للسلطة التي كانت وراء الانقلاب. ويتجلى الاشتباك أيضًا في الاحتجاجات المتكررة والتشاركية التي هاجم بها المئات من أنصار الانقلاب السفارة الفرنسية في البداية، ثم طالبوا بتفكيك القواعد الفرنسية (والأمريكية) في البلاد لوضع حد لما حدث يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للنيجر.


  علاوة على ذلك، تتبع تطورات ما بعد الانقلاب في النيجر سيناريو معروف جيدًا بعد الانقلابات الأخيرة في غينيا ومالي وبوركينا فاسو، كما يتضح أيضًا من حظر أنشطة المنظمات غير الحكومية الفرنسية والدولية في المناطق التي تعتبر "عملية" "من وجهة نظر عسكرية في الحرب ضد ما يطلق عليه "الإرهاب".


ولذلك يبدو أن فرضية انسحاب ما يقرب من 1500 رجل كانوا موجودين في "نيامي" أصبحت محتملة أكثر فأكثر يومًا بعد يوم، خاصة بعد المقابلة التي أجرتها وزيرة الخارجية الفرنسية، «كاثرين كولونا» (Catherine Colonna)، مع صحيفة "لوموند" خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي أشارت إلى استحالة استمرار باريس – في الظروف الحالية – في دعمها العسكري للنيجر على صعيد مكافحة الإرهاب وتدريب الجنود المحليين.


وأضافت "هذه القوات موجودة هناك بناء على طلب السلطات (المنتخبة ديمقراطيا) في النيجر لدعمها في الحرب ضد الجماعات الإرهابية المسلحة وتنفيذ أنشطة تدريبية. وقالت «كولونا» للصحيفة الفرنسية: “لم يعد من الممكن اليوم ضمان هذه المهمة لأنه لم يعد لدينا في الواقع عمليات مشتركة مع القوات المسلحة النيجيرية”.


علاوة على ذلك، في السنوات الثلاث الماضية، أجبرت المواجهة مع المجالس العسكرية الجديدة في غينيا ومالي وبوركينا فاسو فرنسا على مدى ثلاث سنوات على إجراء تخفيض كبير لوجودها العسكري في منطقة الساحل وسحب القوات بالكامل من "عملية برخان". ومن "بعثة تاكوبا" من "باماكو" و "واغادوغو"، فضلاً عن تقليل عدد الموجودين في "كوناكري" بشكل كبير.


وهذا السيناريو الذي دفع بالفعل العديد من المراقبين إلى الحديث عن تراجع نهائي لما يسمى بـ "الإفريقية الفرنسية"، أصبح اليوم أكثر وضوحاً مع التطورات الأخيرة في النيجر. وعندما سُئلت الوزيرة «كولونا» في هذا الصدد، ظلت تشير إلى أن "الجمهورية الفرنسية قد ماتت منذ فترة طويلة".


وقالت الوزيرة، التي وصفت وجود مجموعة من المرتزقة الروس "فاغنر" في القارة، إن "فرنسا ليست هي التي تجري الانتخابات وتبطلها، أو تختار الرؤساء الأفارقة أو تنفذ الانقلابات". وقالت إنها متأكدة من أن وفاة مؤسس "فاغنر"، «يفغيني بريغوزين»، تسببت في "صدمة كبيرة" لأنشطة المجموعة. لكنها اعترفت بأنه "ما زال من المبكر" معرفة ما هي العواقب التي ستترتب على اختفائه في ضوء احتمال إعادة تنظيم المجموعة.


وفيما يتعلق برفض سحب السفير «إيتي»، كررت «كولونا» الموقف غير المرن الذي اتخذه الرئيس «إيمانويل ماكرون» بالفعل. وأضافت: "إنه ممثلنا لدى السلطات الشرعية في النيجر، المعتمد بهذه الصفة، ويجب ألا نطيع أوامر وزير ليس له شرعية، لا لدول المنطقة ولا للاتحاد الأفريقي ولا للأمم المتحدة ولا لفرنسا نفسها."


وقالت وزير الخارجية مرة أخرى: "هذا يفسر الاحتفاظ بسفيرنا"، مؤكدة على أن باريس "تتأكد من أن (إيتي) يمكنه مواجهة ضغوط مدبري الانقلاب بأمان".


وكان «ماكرون» نفسه قد رفض رسميًا أمر طرد السفير، الذي أصدره الجيش النيجيري في 25 أغسطس الماضي، مقتنعًا بأن هذا كان "الخيار السياسي الصحيح". من جانبها،  «كولونا»، التي أعلنت بعد ساعات قليلة من الانقلاب تجميد باريس لجميع المساعدات التنموية للنيجر إلى حين استعادة «بازوم» و"النظام الدستوري النيجري"، لم تعبر صراحة عن خيار التدخل العسكري، بل أيدت ذلك عندما هددت به الجماعة الاقتصادية لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (Cedeao).


وفيما يتعلق بهذه القضية، فإن باريس - التي تعتبرها خيارا ممكنا في حالة الفشل الدبلوماسي - لم تحصل على الدعم المأمول في الاجتماع الوزاري لخارجية الاتحاد الأوروبي الذي عقد في 31 أغسطس في "توليدو" بإسبانيا، حيث شارك وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. وأظهرت 27 دولة أنها أكثر ميلا إلى إعداد حزمة من العقوبات المستهدفة.


ويبدو فضلاً عن ذلك أن الاقتراح الذي تقدمت به الحكومة الجزائرية لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر بقيادة زعيم مدني كان بمثابة صب الماء على النار، وأحبط ـ على الأقل في الوقت الحالي ـ التدخل العسكري.