في الأسابيع الأخيرة، أصبح نقص العمالة يمثّل عنق الزجاجة في قطاع الإنتاج للعديد من الشركات المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا، وفي ألمانيا على وجه الخصوص. وبحسب آخر البيانات الصادرة عن المفوضية الأوروبية، فإن نقص العمالة يحدّ من إنتاج شركات الخدمات الألمانية إلى %42، و %34 لشركات القطاع الصناعي و %30 للشركات العاملة في قطاع البناء.
منذ سنوات وتحذّر الشركات الألمانية تحذر من وقوع قنبلة موقوتة في ألمانيا مرتبطة بنقص العمال المهرة. لكن الوضع يزداد سوءًا كثيرًا.
- اقرأ أيضا:👇
المستشار الألماني «شولتز» يعلن عن حاجة ألمانيا لـ6 ملايين عامل أجنبي: 400 ألف سنويا
كما قُلنا سابقا، فإن المشكلة تزداد سوءًا. كشفت دراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني، وهو معهد خاص متخصص في البحوث الاقتصادية، أن عدد الوظائف الشاغرة في ألمانيا التي لم يكن من الممكن العثور على عاطل مؤهَّل لشغلها بلغ 630 ألفًا في عام 2022، بزيادة 280 ألفًا عن العام السابق، وهو رقم قياسي.
لكن المشكلة الحقيقية هي القلق الذي ينتشر كالنار في الهشيم. إن الظروف الحالية لسوق العمل الألماني، إلى جانب عبء التضخّم والزيادة الحادة في تكلفة المعيشة، هي الأسباب وراء موجة الإضرابات الأخيرة التي شلّت حركة النقل في البلاد.
في عام 2022، وصل عدد العاملين في ألمانيا إلى 45.6 مليون، وهي مستويات شوهدت آخر مرة في عام 1990، بينما كان معدل البطالة %2.8، وهي البيانات التي استخدمها بعض الخبراء للتأكيد على أن الوضع ليس بهذه الخطورة في ذلك الوقت.
كما أنه من المؤسف أنهم نسوا الوزن الهائل للتعاقد والتفاوض الذي يمكن أن يتمتّع به العمال عندما تكون العمالة في ذروتها، وقبل كل شيء، أن النقص في العمال المهرة لا يرجع إلى انخفاض عدد العمال المتاحين، بل إلى زيادة كبيرة في احتياجات الشركات.
الحلول الممكنة
على الرغم من العمالة التي حطمت الرقم القياسي، إلا أن هناك نقصًا في العمالة الماهرة على الأراضي الألمانية. تعتقد الحكومة أن إعادة التفكير في إدارة الهجرة يمكن أن تكون أحد الحلول الممكنة، وهذا هو السبب في أنها ستعمل في الأسابيع المقبلة على ابتكار إصلاح حول هذا الموضوع يمكن أن يجعل البلاد أكثر جاذبية في نظر العمال الأجانب.
الوزير «هيل» مقتنع بأن إصلاح الهجرة سيكون حاسمًا لأنه سيجعل المتطلّبات المطلوبة حاليًا من العمال الأجانب لدخول ألمانيا أقل صرامة، خاصة تلك المتعلقة بالاعتراف بالمؤهّلات.
يشترك البعض في تفاؤل الحكومة، لكن البعض الأخر مقتنع بأن هذه التغييرات ستفشل في هدفها، خاصة إذا تم الحفاظ على متطلبات اللغة الأساسية، الألمانية. من الضروري أيضًا الحد بشكل كبير من البيروقراطية التي يواجهها العمّال الأجانب، خاصة إذا كانوا يأتون من دول خارج الاتحاد الأوروبي.
الحكومة الألمانية لديها تفويض واضح: يتمثل في جذب المواهب الأجنبية، العديد منها وعلى الفور، من أجل عدم المخاطرة بأن يصبح الاقتصاد الألماني ضحية للعجز الديموغرافي الناشئ في البلاد.