قال ذلك «لولّوبريجيدا»، الذي كان يتحدث في روما في مؤتمر "الاتحاد الإيطالي لنقابات العمال المستقلة" (CISAL)، في فقرة أشار فيها إلى الحاجة إلى زيادة موارد الرعاية الاجتماعية للأسر للسماح لهم بإنجاب المزيد من الأطفال: "لا يمكننا الاستسلام لفكرة الاستبدال العرقي ... الإيطاليون ينجبون عدد أقل من الأطفال، ونجد أنفسنا نعوّض هذا النقص بأشخاص أخرين (في تلميح إلى الأجانب): هذه ليست الطريقة".
فيما تنطلق "الانتقادات" ضده بسبب إنكار وجود مؤامرة الاستبدال العرقي، أي خلط الأوروبيين البيض بعرقيات أخرى، تحدث صهر جورجا ميلوني في مقابلة مع "كورييري ديلّا صيرا"، فقال: "في كلماتي لم تكن هناك إشارة إلى رؤى بعيدة كل البعد عن تكويني". وادّعى أنه كان مخطئا "بسبب جهله" لذلك.
وأضاف مدافعا عن تصريحاته: "لا أعتقد أنه من الصحيح أن أصف نفسي بالجهل لأنه حتى يوم أمس لم أكن أعرف من هو السيد «كاليرجي». لقد قرأت الكثير في حياتي، لكنني لا أضيع الوقت مع المجانين ومنظري المؤامرة الذين يوليهم اليسار الكثير من الاهتمام."
«كاليرجي»، الذي إسمه كاملا هو «ريتشارد نيكولاوس ڤون كودينهوف كاليرجي» (Richard Nikolaus von Coudenhove-Kalergi) - ـ ولد في طوكيو سنة 1894 من أبٍ دبلوماسي نمساوي ـ مجري ومن أمٍ يابانية تنحذر من عائلة تنتمي إلى "ساموراي". توفي في النمسا سنة 1972-، هو واضع خطة نُسبت له، وتسمى أحيانا بـ "مؤامرة كودنهوف كاليرجي"، تنص على وجود مؤامرة لخلط الأوروبيين البيض مع الأعراق الأخرى عبر الهجرة، وروّج لها في الدوائر الاجتماعية الأوروبية الأرستقراطية. غالبًا ما ترتبط نظرية المؤامرة بالمجموعات والأحزاب الأوروبية، لكنها امتدت أيضًا إلى سياسات أمريكا الشمالية.
وقال وزير الزراعة الإيطالية في تبرير لموقفه: "لقد نأت بنفسي في حياتي عن أولئك الذين يتخيلون المؤامرات الدولية والحماقات الأخرى من هذا النوع. وأتذكر بعض الأمثلة المثيرة للاستبدال، التي ارتكبتها الفاشية في جنوب "تيرول"، أو «ستالين» بترويس أوكرانيا أو «بوتين» في بعض مناطق دونباس."
ثم أضاف: «إذا كنا إيطاليين ونعتقد أنه يجب حماية قيمنا، فيجب علينا الدفاع عنها، مع ولادة أطفال محظوظين للدخول إلى العالم في إيطاليا. دون إعاقة الاندماج، ولكن من دون محو ثقافتنا لصالح الآخرين.
وأوضح أن "بإمكان الأجنبي أيضا يصبح إيطاليًا من خلال المجيء إلى هنا والعمل وتقدير نموذجنا والالتزام بالدستور، وهو مَعَلمُُ يميز المواطنين الإيطاليين عن البقية". ويوضح أخيرًا: "إن تعريف الإيطاليين بلون البشرة خطأ وأي شخص لا يفهم الفرق بين الإثنية والعرق فهو أحمق. أحترم الموسيقى أو الأطباق العرقية بغض النظر عن لون بشرة من يعزف أو يطبخ."
في الواقع، وحسب بعض الباحثين، فإن "نظرية الاستبدال العرقي"، المعروفة أيضًا باسم "الاستبدال العظيم"، لها أصول غير مؤكدة إلى حد ما، وقد بدأت في الانتشار خاصة في السنوات العشر الماضية في الدوائر اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة وأوروبا. وقد استشهد به العديد من السياسيين اليمينيين المتطرفين بأشكال مختلفة ، من الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» إلى رئيس الوزراء المجري «فيكتور أوربان» إلى المرشح الرئاسي الفرنسي السابق «إيريك زمور». في إيطاليا، على سبيل المثال، تحدث زعيم "الرابطة" ووزير البنية التحتية «ماتيو سالفيني» مرارًا وتكرارًا عن "الاستبدال العرقي" و "الإبادة الجماعية للشعب الإيطالي"، وقد فعلت «جورجا ميلوني» الشيء نفسه في أكثر من مناسبة.
أصبحت "نظرية الاستبدال العرقي"، التي بموجبها سيكون هناك مؤامرة كبيرة ضد السكان البيض ولصالح المهاجرين الأجانب، أداة خطابية فعالة للسياسيين اليمينيين المتطرفين في العديد من المجتمعات لأنها، باختصار، تحرّك الخشية لدى الطبقة "الوسطى البيضاء" والطبقة "الوسطى الدنيا" من فقدان امتيازاتها لفائدة المهاجرين الأجانب الذين يصلون إلى الغرب.
في الوقت نفسه، والأكثر إثارة للقلق، أن "نظرية الاستبدال العرقي" قد تم الاستشهاد بها صراحة كمصدر للإلهام من قبل مختلف مرتكبي الهجمات والهجمات العنصرية التي حدثت في السنوات الأخيرة: من بين هؤلاء، وهذه مجرد أمثلة قليلة، هناك كان شخص مسؤول عن مذبحة "أوسلو" و"أوتويا" (Utøya) في النرويج في عام 2011، والتي راح ضحيتها 77 شخصًا؛ تفجير المعبد اليهودي في "بيتسبرغ" في 2018 في الولايات المتحدة، والذي قتل فيه 11 شخصًا؛ تفجير "كرايستشيرش" في نيوزيلندا عام 2019، والذي قتل فيه 49 شخصًا، وتفجير "بافالو" في الولايات المتحدة في مايو 2022، والذي قتل فيه 10 أشخاص.