هل يتأثر المغرب بقضاء الملك «محمد السادس» العطل لفترة أطول خارج المملكة - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

هل يتأثر المغرب بقضاء الملك «محمد السادس» العطل لفترة أطول خارج المملكة

 الإيطالية نيوز، الثلاثاء 18 أبريل 2023 - منذ بضع سنوات حتى الآن، وصفت السلطات والصحفيون المغاربة ملك المغرب «محمد السادس» بأنه ملك يعطي انطباعا للرعيّة على أنه لم يعد مهتمًا  أكثر بالحكم كما كان من قبل، بقدر انشغاله اليوم أكثر فأكثر بالاستمتاع بالحياة الشخصية، مستفيدًا من الوسائل الاقتصادية العظيمة المتاحة للعائلة. في الآونة الأخيرة، يبدو أن هذا الاتجاه أصبح أكثر راديكالية: أمضى «محمد السادس» أكثر من خمسة أشهر، حتى أكتوبر 2022، في مساكنه في باريس، بينما لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا، بدءًا من أول أيام أعياد الميلاد، انتقل إلى فيلته على شاطئ في الغابون، التي أصبحت لسنوات نوعًا من الإقامة الشتوية.


يقضي «محمد السادس» هذه العطلات الطويلة مع ما تسميه الصحافة المغربية "عائلته الجديدة": هم ثلاثة أشقاء، «عثمان» و«أبو بكر» و«عمر زعيتر»، ألمان ولكن من عائلة مغربية، اشتهروا في فنون القتال المختلطة، ومصارع إسباني من مليلية، إحدى المستعمرتين في المغرب.


تتجاوز القضية القيل والقال الذي عادة ما يحيط بجميع العائلات المالكة: فقد أصبح غياب «محمد السادس» مشكلة سياسية في المغرب. على الرغم من أن الدولة ملكية دستورية، فإن السيادة ليست فقط شخصية تمثيلية، ولكنها تحتفظ بسلطات تنفيذية واسعة. هو قائد القوات المسلحة وهي السلطة القضائية العليا ويمكنه حل البرلمان بمرسوم ملكي. بشكل عام ، كان للملك دورًا إرشاديًا تاريخيًا في السياسة المغربية، لا سيما في السياسة الخارجية، ولكن أيضًا في السياسات المحلية، بالنظر إلى البانوراما السياسية المجزَّأة.


في المغرب، يصف الكثيرون النشاط التشريعي والحكومي بأنه "مُعرقَل بشكل كبير" في غياب الملك، كما أدى الوضع إلى بعض الإحراج الدولي.


في أوائل فبراير، وصل رئيس الوزراء الإسباني «بيدرو سانشيز» إلى الرباط مع أحد عشر وزيرا في أول اجتماع رسمي رفيع المستوى بين البلدين منذ عام 2015، بعد حل أزمة دبلوماسية. كان حضور الملك متوقَّعًا، لكنه قرَّر في اللحظة الأخيرة تمديد إجازته في الغابون، واكتفة بمكالمة هاتفية مدتها نصف ساعة مع الضيوف الإسبان. كما تم النظر إلى الوقاحة على أنها رسالة سياسية محتملة ، لدرجة أن الحدود مع المقتطفات الإسبانية ، التي كان ينبغي إعادة فتحها على الفور (كان أحد مواضيع الاجتماع) ، لا تزال مغلقة.


لكن في الواقع لم يحتفظ «محمد السادس» بهذه المعاملة فقط لـ «بيدرو سانشيز»: في 2013 غاب عن لقاء مع «رجب طيب أردوغان»، رئيس الوزراء التركي آنذاك. في أكتوبر 2017 مع «ديميتري ميدفيديف»، رئيس وزراء روسيا؛ في عام 2019 مع وزير الخارجية الأمريكي «مايك بومبيو»؛ في يناير 2018 ، أرجأ زيارة رسمية للعائلة المالكة الإسبانية قبل ستة أيام فقط (تعافى لاحقًا في فبراير 2019).


آخر ظهور رسمي دولي كان في الغابون، حيث التقى بالرئيس علي «بونجو أونديمبا»، وهو صديق قديم، وقام بزيارة قصيرة إلى السنغال: كان من المفترض أن يبدأ جولة دبلوماسية أوسع في غرب إفريقيا، لكنه بعد ذلك ألغى كل شيء "بسبب الأنفلونزا". كما منعته هذه الأخيرة من حضور جنازة الملكة «إليزابيث الثانية» في لندن.


مع الرئيس الغابوني علي بونجو أونديمبا في عام 2018

كان هناك أيضًا الكثير من التكهنات حول ظروفه الصحية، لكن في الواقع في السنوات الأخيرة، أظهر الملك المغربي نفسه نشطًا للغاية، ولكن في مجالات بعيدة عن الالتزامات الرسمية. في المغرب، كثير من دعاة الطبقة الأرستقراطية القديمة يوازنون بين عزل الحاكم المطلق من واجباته المؤسسية وبين التأثير الذي مارسه الإخوة «زعيتر» في أوائل الثلاثينيات من عمرهمااثنان من مقاتلي فنون القتال المختلطة، والثالث كان مديرهما. الآن أصبح نشاطهم الرياضي أكثر ندرة، في حين أصبح لهم حضور دائم في بلاط الملك.


«محمد السادس»، الذي نشأ على يد والده الحسن الثاني بطريقة صارمة للغاية، أظهر منذ صغره ومن إقامته الأولى في الخارج أنه يقدر بشدة الحياة الدنيوية والحفلات والموسيقى. صعد إلى العرش عام 1999 بعد وفاة والده وسط توقعات كبيرة، فقد أظهر في البداية أنه يستطيع متابعة صورته كمبدع ومُجدِّد محتمل للدولة، لكنه سرعان ما اقتصر على الظهور في المناسبات الرسمية، مما جعل نفسه تمعروفا عند معارفه في مجال موسيقى البوب ​​والراب، ​​وبالتمسك بالرفاهية بعناد.


جاءت نقطة التحول الجديدة في عام 2017، عندما اشتدت شائعات طلاق الملكة لالة «سلمى» (لم يتم تأكيدها أبدًا، لكنها اختفت في الواقع من المشهد العام) وعندما أصبح وجود «أبو عزيتر» ثابتًا ومرهقًا بشكل متزايد وشقيقيه. الثلاثة، الذين لديهم ماض مضطرب في ألمانيا، مع استكمال الإدانات القانونية المتعلقة بالشجار والسرقة والاحتيال، أصبحوا في البداية مدربين شخصيين، ثم شركاء أعمال للملك (في سلسلة مطاعم للوجبات السريعة). نما نفوذهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لدرجة أنه وفقًا للمصادر المغربية التي استشهدت بها مجلة "الإيكونوميست"، فإن الإخوة يتمتعون بإمكانية الوصول العشوائي إلى القصر الملكي، ويقرران من يمكن للملك أو يريد الاجتماع معه، واستدعاء الوزراء وغيرهم من أعضاء العائلة المالكة.


حتى محاولات تشويه سمعة الإخوة «زعيتر» من قبل الطبقة الأرستقراطية القديمة، والتي سردت ماضيهم المثير للجدل في مقالات مختلفة، لم يكن لها أي تأثير: على الرغم من حملات التشهير بهذين الشفقيقين، غالبا بدافع الحسد، والّذين يرافقان الملك في جميع فترات إقامته في الخارج،  ظلت الصداقة الحميمة بينهم في متماسكة، لدرجة أن «زعيتر» يتباهون بها منذ فترة طويلة بشكل علني عبر وسائل التواصل الاجتماعية. انضمَّ إلى هذه المجموعة الصغيرة في الأشهر الأخيرة «يوسف قدّور»، الجندي السابق والمصارع السابق من ساكنة مليلية، والذي أصبح أيضًا نائبًا لمستشار الشباب في حكومة  "مليلية". وكان «قدّور» بجانب الملك في بعض مقاطع الفيديو التي صور فيها «محمد السادس» في باريس، وأيضًا خلال الاحتفالات بإحدى انتصارات المغرب في كأس العالم لكرة القدم الأخيرة في قطر.


في باريس، خلال الجائحة، اشترى الملك المغربي قصرًا بقيمة 80 مليون يورو في منطقة "برج إيفل"، رسميًا ليكون قريبًا من والدته التي تعيش في أحد الأحياء الباريسية. في عام 2022، بقي في فرنسا لأكثر من خمسة أشهر، وقسم نفسه بين منزله الجديد في العاصمة وقلعة في "بيتز"، على بعد 60 كيلومترًا من باريس ، والتي اشتراها والده في عام 1972.


في الغابون، مع ذلك، فإن مسكنه عبارة عن فيلا فاخرة ومعزولة في "بوانت دينيس"، شبه جزيرة أمام العاصمة "ليبرفيل"، ويمكن الوصول إليها في رحلة بالقارب لمدة ساعة، أو لعدة ساعات على طول طريق متعرج بالسيارة. هنا خصوصيته مضمونة بمرافقة مسلحة، لكن سكان المنطقة يقولون إن الملك يعيش حياة عادية للغاية ومريحة.


في الأسابيع الأخيرة، عاد «محمد السادس» إلى الظهور في الرباط، عاصمة المغرب، حيث حضر بعض المناسبات الرسمية والدينية، مثل افتتاح شهر رمضان، لكن إقامته في وطنه تزداد بشكل متقطع و  لا يزال نفوذ آل «الزعيتر»، الذين شغلوا أيضًا بعض المناصب الرسمية، مرتفعًا.


وفقًا لبعض المراقبين، فإن انفصال الملك وأسلوب حياته يخاطر بالتحول إلى مشكلة للنظام الملكي المغربي: فالبلد يتعافى من مستويات السياحة ما قبل الوباء، لكن يتعين عليه التعامل مع التضخم المرتفع (17 في المائة) الذي جعل الضروريات الأساسية أكثر تكلفة (المواد الغدائية على سبيل المثال)، مع آثارها الشديدة على أفقر فئات السكان، بالأخص أولئك تحت عتبة الفقر، إن لم نقل إن الطبقة الوسطى في المملكة اختفت.