من حيث الجوهر، هناك الآن في لبنان من لا يزال يتبع التوقيت الشتوي وأولئك الذين حوّلوا عقارب الساعة 60 دقيقة إلى الأمام، مع كل المشاكل والارتباك الذي تنطوي عليه القضية.
وكان «ميقاتي» قد أعلن، يوم الخميس، وبشكل مفاجئ إلى حد ما، عن قراره بالحفاظ على التوقيت الشتوي لبضعة أسابيع أخرى. تحديدا، أعلن ذلك قبل يومين من التغيير المتوقع عادة. ولم تقدم الحكومة اللبنانية أسبابًا رسمية للقرار، لكن مقطع فيديو للقاء بين «ميقاتي» ورئيس مجلس النواب «نبيه بري»، والذي حصل عليه الإعلام المحلي، يوحي بأنه قد يعتمد على أسباب دينية.
في الفيديو الذي نشره موقع "ميغافون" اللبناني ونقلته وكالة "أسوشيتيد برس" و "الجزيرة"، يبدو أن «نبيه بري» يطلب بإلحاح من «ميقاتي» تأجيل دخول التوقيت الصيفي حيز التنفيذ حتى نهاية شهر رمضان الفضيل. وقد أدى ذلك ببعض الجماعات المسيحية إلى القول بأن قرار «ميقاتي»، وهو مسلم سني، له غايات سياسية: بحسب "الموارنة" الكاثوليك، وهم مجموعة ذات نفوذ كبير في لبنان، فإن ذلك سيكون محاولة لكسب الإجماع بين المسلمين، بالنظر إلى أن قرار تأجيل تغيير الوقت سيسمح بالصوم المتوقع بحلول شهر رمضان في وقت مبكر، نحو الساعة 6 مساءً بدلاً من نحو الساعة 7 مساءً.
من الناحية النظرية، يجب على كل من الهيئات العامة والمواطنين والمؤسسات الخاصة اتباع إرشادات الحكومة، لكن هذا ليس هو الحال.
يجادل الموارنة، الذين يشكلون الغالبية العظمى من المسيحيين في لبنان، بأن «ميقاتي» اتخذ القرار من دون أي نقاش ومن دون مراعاة المعايير الدولية: في الأيام الأخيرة، أعلنوا عن نيتهم اعتماد التوقيت الصيفي اعتبارًا من يوم الأحد 26 مارس على أي حال وفعلوا ذلك، مثل الجماعات الدينية الأخرى والأحزاب والمنظمات والمدارس المسيحية.
تبنت العديد من الشركات الخاصة وبعض المنافذ الإعلامية، بما في ذلك "LBCI" و "MTV"، وهما من القنوات الإخبارية الرئيسية في البلاد، التوقيت الصيفي في وقت مبكر من يوم الأحد، مخالفةً بذلك الإرشادات الحكومية. من ناحية أخرى، تتبع غالبية المؤسسات والأحزاب الإسلامية الإرشادات الجديدة، وبالتالي فهي متأخرة بساعة عن أجزاء أخرى من البلاد. في المقابل، قالت شركة "الشرق الاوسط للطيران" اللبنانية (MEA) إن أدواتها تم تعديلها وفقًا للوقت القياسي، بما يتماشى مع قرار «ميقاتي»، لكنها ستكيف أوقات الرحلات مع الجداول الدولية، والتي سيتم التعبير عنها بعد ذلك كما لو يكون التوقيت الصيفي ساريًا بالفعل.
وبحسب بعض السكان والمراقبين، فإن الانقسامات والاضطرابات التي ظهرت من مسألة تغيير الزمن لن تكون مجرد إلهاء، لكنها أيضًا علامة على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخطيرة جدًا التي تعاني منها البلاد، والتي تفاقمت قبل كل شيء بسبب الانفجار الهائل الذي دمر جزءًا من ميناء العاصمة بيروت في أغسطس 2020.
لا يزال لبنان متأثرًا بانقسامات دينية عميقة ، وفقًا للأمم المتحدة ، يعيش ثلاثة أرباع سكانه في فقر ، علاوة على ذلك ، لم يكن للبلاد رئيس منذ نوفمبر الماضي ، منذ انتهاء ولاية ميشال عون ، في منصبه منذ عام 2016. .