في السنوات الأخيرة، زادت الحكومة النمساوية من القيود المفروضة على عبور الشاحنات، وذلك بحجة تقليل الانبعاثات الملوثة بسبب حركة المرور: وبدلاً من ذلك، تدعي إيطاليا أن القيود تضر بشكل مفرط بالشاحنات الإيطالية وبشكل عام بعملية تبادل البضائع مع ألمانيا.
رفضت محكمة العدل الأوروبية الأسبوع الماضي فحص طلب بعض الجمعيات التجارية الإيطالية الذي يهدف إلى إجبار المفوضية الأوروبية على اتخاذ إجراءات ضد النمسا. في نهاية فبراير، التقى وزير النقل الإيطالي «ماتيو سالفيني» (Matteo Salvini) مع وزيرة البيئة والتنقل النمساوية، «ليونور جوسلر» (Leonore Gewessler)، ولكن من دون جدوى. في الوقت الحالي، من الصعب التكهن بما إذا كان البلدان سيتوصلا إلى حل وسط ومتى.
إن الجزء من الطريق السريع A13، الذي يعتبر محور المشكلة، هو الذي ينطلق من "ممر ابرينِّرو"، ويبلغ طوله أكثر بقليل من 100 كيلومتر. هو ممر جبال الألب الرئيسي الذي يربط إيطاليا والنمسا بمدينة "إنسبروك" النمساوية. بينما الطريق السريع A12 ينطلق من "إنسبروك" ويصل إلى كوفشتاين"، آخر مدينة نمساوية قبل الحدود مع ألمانيا، في الشمال. بالنسبة لإيطاليا، يعتبر هذا امتداد أساسي للطريق السريع: كتبت صحيفة "إل صولي 24 أوري" أنه في عام 2022 مرت نحو 2،4 مليون شاحنة عبر ممر "ابرينِّرو"، بينما وفقًا لتقدير "اتحاد التجارة لشركات نقل البضائع"، في كل عام، تمر بضائع تبلغ قيمتها نحو 160 مليار يورو عبر "ممر ابريِّنرُ"، أي نحو ثلث تجارة البلاد التي تمر عبر ممرات جبال الألب.
وتقول النمسا إن حركة المرور هذه ضارة للغاية بالبيئة وتساهم في زيادة الانبعاثات الملوثة في المناطق التي يغطيها الطريق السريع. وتشير "تيرولو" على موقعها الرسمي على الإنترنت إلى أنه «منذ سنوات، تم الكشف عن خروقات للقيم الحدية لثاني أكسيد النيتروجين (NO₂) في الغلاف الجوي، خاصة في منطقة طريق "إنتال A12" السريع وطريق برينر السريع A13». يحدد الموقع: "وجدت التحليلات أن هذه التجاوزات في القيم ترجع أساسًا إلى حركة المرور على الطرق السريعة."
منذ بعض الوقت، فرضت الحكومات الوطنية والإقليمية قيودًا واسعة النطاق على حركة مرور الشاحنات على هذا الجزء من الطريق السريع: لا يمكن أن تتنقل في الليل أو تقريبًا في صباح يوم السبت. يُسمح فقط بالمركبات التجارية "إِوْرو 6" التي تنتج انبعاثات أكسيد النيتروجين لا تتجاوز 0.4 غرام لكل كيلوواط / ساعة.
تجادل الاتحادات التجارية الإيطالية، بما في ذلك قبل كل شيء "الرابطة الوطنية لشركات النقل بالعربات"، بأن القيود التي تفرضها النمسا تنتهك حرية حركة البضائع المنصوص عليها في المعاهدات التأسيسية للاتحاد الأوروبي. النسخة النمساوية هي أن الإجراءات المتخذة تخدم بدورها الامتثال للقوانين الأوروبية الأخرى، تلك المتعلقة بالحماية من الانبعاثات الملوثة في الغلاف الجوي.
لطالما واجهت إيطاليا مشكلة الاعتماد المفرط على تبادل البضائع باستخدام الشاحنات: في عام 2021، تم نقل 80 في المائة من البضائع التي تمر عبر إيطاليا بالشاحنات، مقابل متوسط أوروبي يزيد قليلاً عن 70 في المائة. وبالتالي، فإن حركة المرور على السكك الحديدية، من خلال قطارات الشحن، تنتج انبعاثات أقل تلويثًا بكثير ولكن في بعض الحالات يكون تنظيمها أكثر تكلفة وتعقيدًا. في إيطاليا ، يتم نقل ما يزيد قليلاً عن 10 في المائة من البضائع على السكك الحديدية، مقابل متوسط أوروبي يبلغ 17 في المائة، والذي يجب أن يصل في عام 2030 وفقًا لأهداف الاتحاد الأوروبي إلى 30 في المائة.
حتى في منطقة "ابرينِّرُ"، يستمر العمل لسنوات من أجل نقل معظم حركة المرور إلى السكك الحديدية: يجب الانتهاء من نفق للسكك الحديدية بطول 64 كيلومترًا بحلول عام 2032، والذي سيصبح أطول خط سكة حديد تحت الأرض في العالم. ومع ذلك، في الوقت نفسه، سيكون من الضروري التدخل في التعاون الإداري والبيروقراطي بين إيطاليا والنمسا:
أخيرا، أظهر تقرير حديث صادر عن وكالة السكك الحديدية الأوروبية (ERA) أن قطارات الشحن التي تمر عبر ممر "ابرينِّرُ" تظل اليوم متوقفة لمدة تصل إلى خمس ساعات لإجراء فحوصات يمكن تجنبها إلى حد كبير.