تسببت الهزتان في أكبر ضرر: الأولى، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، اخترقت مقاطعة «غازي عنتاب» التركية في 2:17 يوم الاثنين 7 فبراير (بالتوقيت الإيطالي) والثانية بقوة 7.5 على مقياس ريختر عند 11:24، مما أدى إلى وقوع الدمار الهائل في سوريا. لم ينته الأمر عند هذه الواقعة، بل يتوقع خبراء ومتتبعون للحركات الباطنية للأرض استمرار سلسلة زلزالية مدمرة مكونة من مئات الهزات الأرضية القادرة على رجِّ منطقة شاسعة رجًا بين تركيا وسوريا.
وقع الزلزال في منطقة شديدة الزلازل، حيث تلتقي الصفائح "شرق الأناضول"، تلك "العربية" وتلك "الأفريقية". الصفيحة الأولى جرى سحقها من قبل "الصفيحة العربية" فَدُفعت غربًا نحو بحر إيجة. تم تفعيل أحد الصدوع التي تعبر تركيا، وهي منطقة جنوب شرق الأناضول، والتي تعد من أكثر الصدوع نشاطًا في الشرق الأوسط، إلى جانب صدع البحر الميت الذي تعبر سوريا ولبنان وإسرائيل والأردن والتي تفصل "الصفيحة العربية" عن "الصفيحة الأفريقية".
كان سبب الانزلاق هو حركة "الانضغاط"، أي أن الأرض تتحرك أفقيًا على طول الصدع، مما أدى إلى حدوث انضغاط بين طبقتي الأناضول والصفائح العربية. إن إزاحة ثلاثة أمتار هو تقدير أولي"، كما يلاحظ «كارلو دويّوني» (Carlo Doglioni) رئيس المعهد الوطني للجيوفيزياء وعلم البراكين.
يقع صدع جنوب شرق الأناضول على حدود سوريا بطول 200 كيلومتر ويمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال الشرقي، حتى البحر الأسود تقريبًا، وينضم مجددًا إلى صدع شمال الأناضول الذي يصل إلى اسطنبول"، كما يقول «أليساندرو أماتو» (Alessandro Amato)، عالم الزلازل ومدير "مركز تسونامي" التابع لـ "المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين". ربما جاء الصدع لتشويه الساحل. في الواقع، لوحظت حالات شذوذ في مستوى سطح البحر في ثلاث نقاط، في تركيا وقبرص، مما أدى إلى التحذير من "مركز تسونامي".
هل حتى التمزق الذي يزيد عن 150 كيلومترًا يعود إلى طبيعته؟
«أنطونيو بيرسانتي»: "ما حدث للأسف هو جزء من النشاط الزلزالي الطبيعي للكوكب ولا يمثل شذوذًا معينًا، لا من حيث الشدة ولا من حيث السعة. الأرض مثل وعاء لعصيدة من دقيق الذرة المغلي: العمل الزلزالي يوزع هذه الطاقة، ويخرجها في العديد من الأحداث الصغيرة حيث يكون تمزق الصدع بضعة سنتيمترات أو أمتار وفي بعضالهزات الكبيرة جدًا، مثل تلك التي تم التحقق منها في تركيا حيث يمكن أن يصل التمزق إلى مئات الكيلومترات أو حتى يتجاوز الألف كيلومتر، لذلك رغم ضخامة الزلزال التركي يعود إلى طبيعته."