لا يزال السياسيون في كيبيك يطالبون باستقالة الممثلة الخاصة الجديدة لكندا المعنية بمكافحة الإسلاموفوبيا والعنصرية المنهجية والتمييز العنصري وعدم التسامح الديني، «أميرة الغوابي»، بعد يوم من اعتذارها لسكان كيبيك بسبب تعليقات التي أدلت بها في مقال رأي عام 2019 حيث انتقدت مشروع قانون "بيل 21" الغرض منه هو التأكيد على علمانية الدولة وتحديد المتطلبات المترتبة عليها. ينص مشروع قانون القانون هذا على أن علمانية الدولة تقوم على أربعة مبادئ: فصل الدولة عن الأديان، وحياد الدولة الديني، والمساواة بين جميع المواطنين، وحرية الدين وحرية اختيار الجنس. ويتعين على المؤسسات البرلمانية والحكومية والقضائية الالتزام بهذه المبادئ في سعيها لمهامها. إضافة إلى ذلك، يحظر قانون العلمانية على بعض موظفي القطاع العام، بمن فيهم المدرّسون وضبّاط الشرطة، ارتداء الرموز الدينية أثناء العمل. ومع ذلك، لا ينطبق الحظر على بعض الأشخاص الذين يشغلون مناصب في وقت تقديم مشروع القانون، وفقًا للشروط المحددة في مشروع القانون.
تقول «فاطمة أحمد»، معلمة النقاب التي تجد نفسها مستهدفةً من قبل مشروع القانون "بيل 21": "لقد كنت حزينةً ومصدومةً حقًا لأن الحكومة تهاجم المسلمات، خاصة في هذا الوقت الذي يحيي ذكرى ستة أشخاص قُتلوا بسبب الإسلاموفوبيا". إنها واحدة من الكيبيكيين المسلمين الذين يقولون إنهم يشعرون بخيبة أمل بسبب رد الفعل العنيف اتجاه تعيين «الغوابي» في هذا المنصب من قبل الوزير الأول، «جوستن تريدو».
وقالت «فاطمة أحمد»: "الحقيقة هي أن هناك تصورًا سلبيًا للغاية عن الإسلام، ونتيجة لذلك، فإن خطاب العدواني الذي يستهدف المسلمين والإسلام آخذ في الازدياد". وأوضحت بعض الاستثناءات قائلة: "هذا لا يعني أن سكان كيبيك عنصريون، ولكن يتعيّن على معظم سكان كيبيك والكنديين أن يروا كيف ينظرون إلى المسلمين هنا." وتضيف «فاطمة أحمد» إنها تعرف بشكل مباشر آثار الإسلاموفوبيا، لأنها تعرضت لاعتداء جسدي ثلاث مرات بسبب ما ترتديه. وتابعت: "واجهت مئات التعليقات الشفهية بسبب ارتدائي للنقاب، كما أنني أتعرض للهجوم من قبل الحكومة لأنني لا أستطيع العمل بسبب ما أرتديه وما أختاره": أشعر أن الحكومة يجب أن تعتذر وتتنحى لاعتبارها هي الشخص الذي يميز ضدنا".
قالت «أميرة الغوابي»، التي تعمل أيضا صحفية كندية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، وهي عضو مؤسس في الشبكة الكندية لمكافحة الكراهية، وعضو في المجموعة الاستشارية لشفافية الأمن القومي وعضو سابق بمجلس إدارة معهد طريق الحرير الذي ينشط في مجال حوار الثقافات، في مقالها لعام 2019: "يبدو أن غالبية سكان كيبيك يتأثرون بالمشاعر المعادية للمسلمين، ولديهم آراء سلبية عن الإسلام، قد يؤكد ذلك دعمهم لمشروع قانون "بيل 21"، والتي قالت الآن إنها تشعر بالأسف الشديد للطريقة التي حُرّفت بها كلماتها وأخرجتها عن سياقها الأصلي.
في هذا الصدد، قالت «إيديل عيسى»، مؤسِّسة منظمة "نساء مسلمات ضد العنصرية": "شعرت بمستوى من خيبة الأمل لأنني أشعر أن لها دور مهم وحقيقي. أعتقد أنها مؤهلة جدًا لهذا الدور وأعتقد أنه يتعين علينا تجاوز كل توجيه أصابع الاتهام وعلينا حقًا التركيز فقط على هذا العمل."
« Le choix de madame Elghawaby est la responsabilité de Justin Trudeau, qui s’est engagé dans cette nomination avec une intention hostile aux valeurs du Québec et son Assemblée nationale.— Yves-F. Blanchet 🎗⚜️ (@yfblanchet) February 2, 2023
بعد لقاء «أميرة الغوابي» مع زعيم التكتل الكيبكي، «إيفيس فرونسوا بلانشيت»، دعا هذا الأخير إلى تنحية من منصبها، إذ قال: "يبدو لي بوضوح ومن دون أي لبس تبعا لهذا اللقاء بأن السيدة أميرة الغوابي لا يمكنها أن تشغل هذه الوظيفة التي أسندها إليها (عيّنها) جوستن تريدو. إما، في أعقاب اعتذارها، فإنها تعترف بأنها غير مؤهَّلة وتغادر طواعية، أو أن رئيس الوزراء يعترف بخطئه ويطلب منها التنحي."
ولدت «أميرة الغوابي» في مصر لأبوين مصريين، ثم هاجرت مع والدتها إلى كندا وعمرها لم يتجاوز شهرين، لتلتحق بوالدها الذي سافر قبل ذلك بسنتين ليعمل مهندسا في مدينة "أوتاوا" الكندية.
التحقت «أميرة» بالمدرسة الابتدائية في ضاحية "أورليانز" بالعاصمة قبل أن تسافر صحبة عائلتها إلى "إندونيسيا" بعد أن حصل والدها على وظيفة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية في مدينة "باندونغ" الإندونيسية، وهناك قضت 4 سنوات من طفولتها.
بعد انتهاء مهمة والدها في إندونيسيا عادت أميرة إلى كندا حيث تابعت تعليمها والتحقت بجامعة "كارلتون"، وتزوجت هناك وأنجبت 3 أبناء وأقامت في"أوتاوا". تخرجت سنة 2001 من جامعة "كارلتون"، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الصحافة والقانون.
لا يمكن الفصل بين المسيرة المهنية لـ «أميرة الغوابي» وبين نشاطها في مجال الدفاع عن حقوق الأقليات والعرقيات المختلفة في المجتمع الكندي، ولا يمكن إخضاعها إلى تسلسل زمني منظّم نظرا لاضطلاعها بأكثر من مهمة في أكثر من مؤسسة إعلامية ومنظمة حقوقية نفس الفترة الزمنية.
عملت «الغوابي» صحفية متعاونة من مايو 2000 إلى سبتمبر من العام نفسه في صحيفة "تورنتو ستار"، واختصّت في الكتابة عن حقوق الإنسان. ثم انضمت في أكتوبر من العام نفسه إلى هيئة الإذاعة الكندية (CBC) وعملت مراسلة ثم منتجة برامج تركز على التنوع العرقي داخل المجتمع الكندي، وتمكنت من طرح العديد من حالات التأزم المتعلقة بتعاطي الحكومة والقوانين مع الأقليات العرقية، وبقيت حتى ديسمبر 2014.
واصلت «الغوابي» الالتزام المهني تجاه قضايا حقوق الأقليات والمهاجرين في كندا، حيث انضمت في مارس 2014 إلى مؤسسة "الإعلام الكندي الجديد" المختصة بتسليط الضوء على الأقليات والمهاجرين الذين تغافلت عنهم وسائل الإعلام الكندية الخاصة منها والرسمية، وبقيت حتى ديسمبر 2015.
مع تصاعد وتيرة الكراهية ضد المسلمين في كندا وباعتبار مسارها الإعلامي والتزامها المتواصل تجاه جملة القضايا والمشاكل التي يعانيها المهاجرون وخاصة المسلمين، تم اعتمادها في يونيو 2012 مديرة للاتصال ومسؤولة عن التنسيق في مجال حقوق الإنسان لدى المجلس الوطني لمسلمي كندا حتى أكتوبر 2017. اعتبارا من هذا الشهر أوكلت لها مهمة إنجاز تقرير إداري معمّق حول شؤون المحاربين القدامى والمشاكل التي يواجهونها، وواصلت مهمتها حتى ديسمبر 2017.
Extremely humbled to meet members of the Uyghur community and @MehmetTohti and MPs, part of Advocacy Day on the Hill and to support MP @SameerZuberi private member’s bill regarding refugee resettlement #cdnpoli @Uyghuradvocacy pic.twitter.com/1JJHJuMWWt
في أكتوبر 2017 انضمت إلى موظفي "المؤتمر الكندي للعمل"، وهي أكبر منظمة كندية تجمع تحت لوائها جميع المنظمات المهنية والنقابية في كامل الميادين والاختصاصات.
وشغلت «الغوابي» مناصب عديدة، من ممثلة وطنية إلى مستشارة سياسية لدى رئيس المؤتمر وصولا إلى مديرة إستراتيجيات الاتصال، وواصلت مهامها حتى أغسطس 2021.
عام 2019 انضمت كاتبة مقيمة إلى "مركز بانف للفنون والإبداع" ومن هناك انطلق برنامجها الحواري، الذي عنونته بـ "التعددية الثقافية تستحق الدفاع" والذي رعاه برنامج "تيد إكس" (TEDx) لتظاهرات المتحدثين المباشرين.
مع موجة فيروس كورونا وتنامي المعلومات المضللة المتعلقة بالصحة على مواقع التواصل، التي أصبحت مصدرا غير موثوق به للمعلومات، إضافة إلى تصاعد خطاب الكراهية الموجّه للأقليات العرقية، اختيرت الغوابي في مارس 2020 مفوضة للجنة الكندية للتعبير الديمقراطي، حتى أبريل 2022.
في يناير 2020، عادت إلى صفوف الصحفيين المتعاونين لدى "تورنتو ستار" (Toronto Star) لتواصل الكتابة عن حقوق الإنسان في الصحيفة.
في أغسطس 2021، انضمت إلى المؤسسة الكندية للعلاقات بين الأعراق، وتدرجت في المناصب حتى أصبحت مديرة الاتصال والحملات، وبقيت حتى يناير 2023.
في 26 يناير 2023، عينها «جاستن ترودو»، رئيس الوزراء الكندي، مستشارة وخبيرة وممثلة لدعم وتعزيز جهود الحكومة الفدرالية في مكافحة الإسلاموفوبيا والعنصرية المنهجية والتمييز العنصري وعدم التسامح الديني.
حصلت «الغوابي» على جائزة الصحافة المناصرة لحقوق الإنسان.