عبد اللطيف الباز: "لا يخيفكم الاتحاد الأوروبي .. إنه أوهن من بيت عنكبوت" - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

عبد اللطيف الباز: "لا يخيفكم الاتحاد الأوروبي .. إنه أوهن من بيت عنكبوت"

بقلم: عبد اللطيف الباز

 الإيطالية نيوز، الأحد 29 يناير 2023 - صدر الأسبوع الماضي قرار  عن البرلمان الأوروبي يدين المغرب في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان، ويلمح إلى اتخاذ إجراءات ضد المملكة وفرض عقوبات عليها.

يطرح السؤال، ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت البرلمانيين الأوروبيين إلى إصدار هذا القرار، وفي هذا التوقيت تحديدا؟

قبل أي جواب على هذا السؤال، يجب أن نعرف دور البرلمان الأوروبي، فهو إلى جانب مؤسسات أخرى، مثل محكمة الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الاوروبية، أجهزة تم وضعها على مقاس السلط الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية. مهمة هذه المؤسسات، بحسب ما هو معلَن عنه ويبدو مظهريًا، هو قيام الكتلة الأوروبية والحفاظ على وحدتها وسيرورتها وحماية مصالح الدول الأعضاء فيهالكن الهدف الحقيقي هو أبعد بكثير من ذلك، فهي مؤسسات يتم فيها جمع عصي الدول الأعضاء وجعلها في حزمة واحدة في شكل هراوة غليضة يتم استعمالها للتهديد والابتزاز والضرب.


منذ نشأته، يتدخل الاتحاد الأوروبي في شؤون الدول التي يجري استنزاف خيراتها باستعمال اتفاقيات وإصدار قرارات تحت تغطية تقديم المنح والقروض أحيانا، وأحيانا أخرى حجب تلك المنح، ووقف تنفيذ الاتفاقيات، وفرض العقوبات.


نعود الآن إلى انعطاف هذا الاتحاد وبشكل مباغث ضد المغرب بعدما كان يكيل المدح إلى المملكة ويعتبرها نموذجا لتطور حقوق المرأة والطفل والتداول السياسي على السلطة. حتى أنه قبل بضعة أسابيع كان الممثل الأعلى للاتحاد الإسباني «جوسيب بورّيل»، زار المغرب وكال له سيلا من الأمداح تبادلتها وإياه وسائل الإعلام المغربية بغباء سخي، فيما كان السبب الحقيقي وراء زيارته هو أنه حمل تهدبدا مبطنا للمملكة.


ماذا كان موضوع الزيارة؟ لم تكن هناك مشاكل قائمة بين الطرفين، خاصة أن المغرب كما عرفه الاتحاد الأوروبي طوال العقود الماضية "تلميذ مهذب في القسم"، و"مجتهد" في كافة مواد الهجرة والأمن وتنفيذ الالتزامات والعقود. فماذا حدث؟ استيقظ الاتحاد الأوروبي ذات صبيحة على طلب مفاجئ من التلميذ المهذب والمجتهد، يدعوه إلى تحديد موقفه بشكل صريح وواضح من قضية الوحدة الترابية للمغرب. وهو الأمر الذي أربك أصباع هذا الاتحاد، في وقت لم تعد كل دوله على موقف واحد من قضية الصحراء، بعد اعتراف كل من إسبانيا وألمانيا وهولندا بمغربية الصحراء، مع استعداد دول أخرى حدو الطريق نفسه.


يعرف المغرب جيدا أن الاتحاد الأوروبي في كل مرة يستعمل ملفات من قبيل الصيد البحري، والمنتوجات الزراعية، وحقوق الإنسان، من أجل معاقبة المغرب، وخصم النقط في "سجله المدرسي"، لإرهابه وإشعاره بالخطر حيال وحدته الترابية ومستقبله السياسي والاقتصادي.


تريث المغرب لعقود وتحين الفرصة المناسبة ليتخلص من رهاب هذه المواد المزعجة في مدرسة الاتحاد الأوروبي وهو المعلم المرتشي الذي يمتهن الابتزاز ولا يدرس إلا الفساد.


خلال زيارة «جوسيب بورّيل»، سمع كلاما مهذبا من رئيس الحكومة «عزيز أخنوش»، ومن وزير الخارجية «ناصر بوريطة»، ومن جهة أخرى (من الجهات العليا) التقى بها في الخفاء، هذا الكلام المهذب للتميذ المهذب كان مضمونه "لا تعامل مع أي دولة في الاتحاد لا تعترف بمغربية الصحراء". قالتها المملكة بهدوء، وهي تعلم أن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية لا يمثل إلا فرنسا في هذه الزيارة. نعم إذا استثنينا إسبانيا وألمانيا بناء على موقفيهما المعروف المؤيد لمغربية الصحراء، تبقى فرنسا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي هي من تدير هذه الناعورة، ولمصلحتها يتحرك الاتحاد بتحريك ملفات تبولت عليها الفئران، معتقدة إنها ستلوي ذراع المغرب وتجعله يتراجع عن قراره.


فعلتها إسبانيا ولجأت إلى الاتحاد الأوروبي ولم تنجح في تجاوز الأزمة مع المغرب إلا بعد خضوعها لشروطه. وكذلك قبلها ألمانيا، لكن فرنسا لم تستوعب الدرس، ويبدو أنها تبتعد كثيرا عن منطقة الحل، في وقت لم يعد المغرب تعنيه أي شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقد أعد لاستبادالها ما يلزمه من شراكات وعلاقات مع اتحادات ودول في المجالات التجارية والمالية والعسكرية.


لسوء حظ فرنسا إن حصان طروادة (الاتحاد الأوروبي) الذي تريد استعماله لإلحاق الهزيمة بالمغرب، هو أصلا منهزم، وتستعمله في وقت تنهال عليه الضربات من كل الجهات، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، ودوله الأعضاء في كل يوم هي في خلاف، فضلا عن نظرة الولايات المتحدة للاتحاد الذي بات عبئا عليها، وسببا من أسباب تراجع نفوذها الاقتصادي في العالم.


غابت أمور كثيرا عن الاتحاد الأوروبي وعن الماما فرنسا التي ترأس بشؤم الدورة  الحالية، وهي أمور بحجم الجبال الثقال التي تحركت، ومعها تحرك نظام العلاقات الدولية، الذي بات المغرب الأكثر قربا من دواليب القرار فيه في إطار تحالفات استراتيجية عابرة للمحيط.

هنئيا لفرنسا بالاتحاد الاوروبي الذي أطلق النار على قدميه!.