مريم الشكيلية /سلطنة عُمان
إنني أتذكّر تلك اللحظة التي استيقظت فيها برعبٍ يخطف الأنفاسَ بنبض مرتعشٍ كعصفورٍ مبتل تحت المطر.
كان حلماً.. كان حلماً..بشفتين باردتين أتمتمُ.. كنت أغوص في الحلم: رأيتُ في المنام إنني وحيدة في صحراء برتقالية وثلاث مرايا تطاردني.
ثلاث مرايا تلحق بي أينما ذهبت وتحاصرني . كنت أركض في كل اتجاه وقدماي تغوصان في رمال حريرية. كانت المرايا تشدني إليها، تجرني إلى النظر في انعكاس صورة لبقايا وجه طفلة وليس وجهي.
كنت أرى خدوشا عميقة على وجهها، وكانت تبتسم لي رغم نزيف الدمع..رغم التشققات التي حفرت على وجنتيها عود نبت يتنفس، وينبعث منها آهات.
أحاول أن أختبئ بيداي من صورة المرايا ومن ملامح وجه صغير تستيقظ الضحكات في حدود ثغرها والكحل الأسود يسيل كالنهر على خديها.
أحاول أن أشيح بوجهي وفزعي من تلاحق الصور أمامي ذاك الوجه الملائكي الصغير الذي تكاثر فيه الخراب حتى بدأ يتهاوى شيئا فشيئاً ولا يستند إلا بتلك الضحكات الباردة على شفاه جافة.
أحاول أن أنتشل نفسي من ذلك الحلم وصور المرايا التي حبست ببرواز حديدي أسود كالختم.
أحاول أن أجدف بعداد عمري حتى أطفو فوق سطح الحياة وأنسلخ من تجاعيد حلم.
وجدت قاربا من ورق أبيض مثبت عليه شراع بعمود قلم، وصعدت عليه بين موج هائج أبحث عن مرسى. كلما تمددت المسافات بيني وبين ذاك الحلم أرى اختفاء المرايا الثلاث وتلاشي الصور وتضائل ملامح الوجه الصغير.