الإيطالية نيوز، االسبت 12 نوفمبر 2022 - بدأت أزمة دبلوماسية هذا الأسبوع بين إيطاليا وفرنسا حول إنزال السفينة "أوشن فايْكينغ" التابعة لمنظمة "ميديتيراني" للإغاثة، غير الحكومية. كانت السفينة متجهة في البداية إلى إيطاليا، لكن الحكومة رفضت الإذن بإنزال 234 مهاجراً كانوا على متنها. بعد ظهر يوم الثلاثاء، بدا أنه كان هناك اتفاق بين الحكومتين الفرنسية والإيطالية لرسو "أوشن فايكنغ" في ميناء "تولون"، بفرنسا، لدرجة أن بعض أعضاء الحكومة - أولهم «ماتيو سالفيني» - قد أعلنوا ذلك مبتهجين واعتبروه "انتصاراً سياسياً".
لكن مع مرور الأيام، أصبح من الواضح أنه لم يكن هناك اتفاق، على الأقل ليس في الشروط التي تصورتها الحكومة، وأن استقبال السفينة في "تولون" كان استثناءً. ليس ذلك فحسب، فقد قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، بشكل حاسم للغاية إن الحكومة الإيطالية لديها "سلوك غير مقبول" واتخذت "خيارًا غير مفهوم". استُخدمت نفس النغمات من قبل رئيسة الوزراء الإيطالي «جورجا ميلوني» في المؤتمر الصحفي الذي عُقد يوم الجمعة.
لا تزال ديناميكيات ما حدث غامضة في بعض النقاط، ولكن جرى توضيحها جزئيًا بواسطة «ميلوني» نفسها. في الأساس، كانت السفينة "أوشن فايْكينغ" يوم الثلاثاء تبحر باتجاه إيطاليا ولكن من دون إذن للرسو. وهناك كان كان من المتوقع أن يحدث رسو أخر في الميناء، في انتهاك للقانون الدولي والبحري، ثم في الساعة 15:30 نشر فرع لوكالة "أنسا" الإيطالية للأنباء في باريس خبرا يفيد بقيام فرنسا في الأيام التالية بفتح ميناء "مرسيليا" أمام السفينة "أوشن فايْكينغ"، نقلاً عن مصدر مجهول من وزارة الداخلية الفرنسية. بعد نحو نصف ساعة، ماتيو سالفيني وزير البنية التحتية، نشر تدوينة مبهجة على فيسبوك كتب فيها: "أوشن فايكنغ، فرنسا ستفتح ميناء مرسيليا". جيد جداً! لقد تغيرت الأجواء".
Inspiegabile il nervosismo di alcuni politici francesi a fronte dell’arrivo di 234 immigrati via nave.
— Matteo Salvini (@matteosalvinimi) November 10, 2022
In Italia gli sbarchi sono stati quasi 90.000 da inizio anno, e di questi la Francia ne ha accettati solo 38, l’Europa intera solo 117.
A protestare dovrebbe essere l’Italia. pic.twitter.com/QsE6PwtzOx
ومساء الثلاثاء، أصدرت «ميلوني» مذكرة رسمية كتبت فيها: "نعرب عن تقديرنا العميق لقرار فرنسا بتقاسم المسؤولية عن حالة الهجرة الطارئة، والتي ظلت حتى الآن على عاتق إيطاليا وعدد قليل من الدول المتوسطية الأخرى". في هذه المرحلة، أجبرت إعلانات الحكومة الإيطالية وزير الداخلية الفرنسي على تولي مسؤولية السفينة.
وفي المؤتمر الصحفي يوم الجمعة، قالت «ميلوني»: "لقد أبلغتكم فرنسا [كم: الصحفيين، إضافة من المحرر للتوضيح] أن وزارة الداخلية الفرنسية سترحب بـ "أوشن فايكنغ"..الخبر لم يتم تكذيبه لمدة ثماني ساعات وبعد ثماني ساعات شكرت بادرة التضامن هذه». في الممارسة العملية، أخذت «ميلوني» مفهوم أن "مع عدم وجود رفض يعني موافقة"، ثم أصدر المذكرة من دون التحقق أولاً من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية إذا كان هناك استعداد فرنسي حقيقي لرسو السفينة.
في المؤتمر الصحفي ليوم الجمعة، لم تذكر رئيسة مجلس الوزراء نقطة مهمة، في أحد ردودها على أسئلة الصحفيين، ولاتزال غير واضحة. في الواقع، يوم الإثنين، قبل يوم من الخبر الذي نشره فرع وكالة الأنباء "أنسا" في باريس، اجتمعت «ميلوني» والرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» لبضع دقائق على هامش "COP27"، مؤتمر المناخ للأمم المتحدة المنعقد في مصر. ليس معروفًا بالضبط ما تحدثا بشأنه، لكن وفقًا للخلفية التي نشرتها الصحف، كان من الممكن أن يتحدثا عن الوضع في وسط البحر الأبيض المتوسط، وكان «ماكرون» قد أبدى استعداده للترحيب بالسفينة "أوشن فايْكينغ". لكن هذه الرواية للأحداث لم يتم تأكيدها، ولا حتى من قبل ميلوني التي اقتصرت على الحديث عن رد فعل "عدواني" و "غير مبرر". باختصار، ليس من الواضح ما إذا كان قد جرى التوصل إلى اتفاق عام بالفعل خلال ذلك الاجتماع، والذي بشر به «سالفيني» و«ميلوني»، اللذين كان من الممكن أن تضع إعلاناتهما فرنسا في موقف غير مريح من وجهة نظر السياسة الداخلية. أو، ببساطة أكثر، لم يكن هناك اتفاق في الواقع، وكانت الإعلانات مبنية فقط على خبر نشره فرع وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا"، الموجود في باريس.
على أي حال، كان أول رد فعل للحكومة الفرنسية هو تعليق ما يسمى بـ "آلية التضامن الطوعي" التي قررها الاتحاد الأوروبي في الصيف، والتي تشارك فيها ثلاث عشرة دولة عضو والتي تنص على إعادة توطين 10 آلاف مهاجر سنويًا. من بين أولئك الذين وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر. تم تحديد هذه الآلية في انتقاص من "اتفاقية دبلن"، والتي بموجبها يجب أن تفحص الدولة التي يدخلها لأول مرة طلبات اللجوء والحماية الدولية لأولئك الذين يصلون إلى أوروبا.
إنها اتفاقية طالما رغبت فيها إيطاليا، وإحدى الأدوات للقيام بذلك هي اتفاقيات إعادة التوطين: الاتفاق الذي تم التوصل إليه في يونيو كان مرغوبًا بشدة ورُوِّجَ له من قبل الحكومة الإيطالية السابقة. قبل الأزمة الدبلوماسية، تعهّدت فرنسا باستقبال 3500 مهاجر وصلوا إلى إيطاليا وبينما تعهّدت ألمانيا باستقبال 3000 آخرين. من بين هؤلاء، تم نقل 112، وكان 50 آخرون على وشك الذهاب إلى فرنسا، لكن الحكومة الفرنسية كانت ستمنع المغادرة في هذه الأيام.
كتبت الصحف أن الحكومة ملتزمة في هذه الساعات بإيجاد طريقة لحل الأزمة من خلال الدبلوماسية، وتخفيف اللهجة وتركيز الانتباه على أعداد عمليات الترحيل هذه. وفي حديثه مع "لاريبوبليكا"، قال وكيل رئيس الوزراء «جوفاني باتيستا فاتسولاري»: "ليس لدينا شيء ضد فرنسا ولا مصلحة في تأجيج التوتر مع باريس. هناك ملفات يمكننا متابعتها معًا، من سقف سعر الغاز إلى ميثاق الاستقرار. لكن هذه القصة قد تكون مناسبة لأوروبا لمعالجة قضية المهاجرين أخيرًا".