الإيطالية نيوز، الأربعاء 10 أغسطس 2022 - "للمرة الأولى منذ 18 عامًا شعرت وكأنني أجنبية في إيطاليا. لم أنم منذ يومين، لأنني أزمة نفسية بلغت حد الانهيار". هكذا علقت السيدة «سناء»، مغربية بالغة من العمر 38 عاما، على التعليقات التي تحمل لها الإهانات والشتائم العنصرية والتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، فقط لأنها وجهت نداء عبر جريدة "إمبيريا بوست" إلى رئيس البلدية والمحافظ، تطلب فيه تمكينها من الانتفاع من سكن ذو مساحة أكبر من ذلك الذي تقيم فيه حاليا، يقيها من الضيق وبعض الحرج العائلي.
وانطلقت التعليقات العنصرية وأبطال التنمر بالأخص عندما ذكرت السيدة «سناء»، التي تتضامن معا أسرة الإيطالية نيوز وتقف إلى جانبها، أن منزلها الحالي لا يتسع لها، ولزوجها، الذي يعاني من إعاقة نسبية، و لأبنائها التسعة (في انتظار العاشر بما أنها حامل في الشهر الخامس).
من التعليقات التي تجاوز عددها الـ2000 في ظرف 24 ساعة، فقط من الإيطاليين والأجانب غير العرب، بالإضافة إلى مئات التعليقات الصادرة من العرب، الحاملة لتنمر صريح لهذه الأسرة التي لا تجمعهم معها صلة سوى بعض السطور التي قرأوها عنها من قبل بعض المواقع الإخبارية المحلية: قال أحدهم: "أعيدوهم إلى بلادهم!"، بينما قال أخر: "في بعض الحالات يتطلب الأمر تعقيمًا إجباريًا..لنبدأ في إخصائه"، في إشارة إلى الزوج. ثم توالت التعليقات المنسكِبة من قلوب مريضة، مرة تسيء إلى الزوجة و الزوج، ومرة أخرى إلى الأسرة كاملة. قال أحد الساخرين وهو يستهدف الزوجة بتعليقه: "أقول بأنه يجب أن يُربط لها قناة فالوب".."أغلقوا لها مبيضيها وأرجعوها إلى بلدها"..بعد ذلك، يتحول الهجوم إلى استهداف الزوج: "إنه معاق عن العمل، لكن من أجل المضاجعة يعمل جيدا للغاية"...، ثم يتحول الهجوم العنصري ليضرب الأبناء "أنا لا أرى سوى تسعة شوارد مستقبلية بيننا"....هذه فقط كمية قليلة من السم الفكري التي استطعنا حصرها على مواقع التواصل الاجتماعي بإيطاليا.
كما قلنا سابقا، هذه ليست سوى بعض التعليقات من بين أكثر من 2000 تعليق موجَّهة ضد السيدة «سناء» وزوجها «عزيز» وأبنائها. عند الذهاب لزيارتها في سكن اجتماعي في منطقة "بياني"، حيث تعيش مع أطفالها التسعة في شقة تبلغ مساحتها نحو 100 متر مربع. «سناء» فقدت وظيفتها كمقدمة رعاية قبل شهر لأسباب وفاة العجوز التي كانت ترعاها، وهي الآن تبحث عن عمل لإعالة الأسرة.
في تعليق على الهجمات الساخرة التي طالت أسرتها، قالت السيدة «سناء»: "أمد السلام للجميع، وخاصة أولئك الذين سيأخذون قصتي على محمل الجد، في محاولة لإيجاد حل. لم أكن أتوقع هذه التعليقات ضدي. لم أطلب شيئًا، فقط طلبت إمكانية الحصول على منزل أكثر ملاءمة لاحتياجات عائلتي. أثرت التعليقات في صميمي. قبل إرسال المقال إلى الصحيفة، قمت بإرسال بعض رسائل البريد الإلكتروني، عبر Pec، إلى بلدية إمبيريا، إلى الخدمات الاجتماعية، إلى The Art لأستفسر عما إذا كان من الممكن الحصول على منزل جديد، لكنني لم أتلق أي رد. أنا لا أطلب الصدقات، بل بيت مناسب فقط."
وأضافت: "أنا لا أطلب الطعام، بل كنت أتقاسمه مع الكثير من الأشخاص المحتاجين. ليس لدي أي مشكل من هذه الناحية، فأنا أحاول فعل أي شيء في منزلي، للإدخار. أحاول تسديد كل المستحقات، فواتير الكهرباء والإيجار وغير ذلك. لا أتحمل سماع الناس تقول لي بأن أعوذ إلى بلدي لأنه لدي أبناء كثيرون، ولأنه، حسب قناعاتهم، لا أستطيع إعالتهم."
وتابعت: "نجحنا أنا وزوجي في إعالة أطفالنا، لقد طلبنا فقط منزلًا أكبر. هناك مشكلة في معدل المواليد في إيطاليا، ولا يولد أطفال. حقيقة أن لدي الكثير من الأطفال هنا في إيطاليا تعني أنني أؤمن بهذا البلد. آمل أن يتمكنوا من تمثيل مستقبل هذا البلد. أريد أن أمنحهم مستقبلاً، ولا أريدهم أن يصبحوا جانحين. الإبن الأكبر الثانوية، تخصص علوم، وآخر تمت ترقيته إلى مدرسة "ليتاردي" المتوسطة مع العديد من الدرجات الجيدة. يوجد في فرنسا أجانب أصبحوا أطباء ومهندسين ومهنيين. لماذا لا يحدث هذا في إيطاليا؟."
وأردفت السيدة سناء قائلة: "أريد أن أفعل شيئًا جيدًا لعائلتي. منزل أفضل حتى يتمكنوا من الحصول على خصوصيتهم ومساحة للدراسة. لم أطلب سيارة بورش أو فيراري. أنا طلبت مإ إذا هناك احتمال للحصول على منزل أكبر نظرا لعدد أفراد الأسرة، هل هناك احتمال؟ إذا نعم، جيد، وإذلا الرد بالنفي، نؤمن بسلاح الصبر والإصرار، أنا لا أتوقف ولن أبقى في المنزل أو خارجه بذراعي مكتوفتين، ولدنا لنعمل من أجل أبنائنا ومن أجل غيرنا. أنا لم أقتل أحداً، ولم أتخلى عن أطفالي. لماذا هذه التعليقات التي بدلا من أن ترفع لك المزاج والحماس تضربك في الصميم لتجعلك تعيش في عذاب وألم أبديين بدلا من قتلك لتفارق وسط تلوثه هذه العقول غير الرحيمة....كان عليهم أن يتفادوا بعض الإهانات..لم أكن أتوقع أبدا هذه الموجة من الإهانات ضدنا، فعلاقتي طيبة مع الجميع، لحسن حظي، أنني طلبت فقط منزلا أكبر، لو طلبت شيئا أخرا، ماذا كانوا سيفعلون، يأتون للبحث عني بالبنادق؟."
السيد «عزيز» (الزوج)
في كلمته، قال: "وصلت إلى إيطاليا عام 1989. منذ عام 1989 حتى خمس أو ست سنوات مضت، كنت أعمل دائمًا. فعلت القليل من كل شيء. كنت عامل بناء مزرعة. كنت أعمل مؤخرًا في السوق كمتجر لأجهزة الكمبيوتر. وعملت بمفردي لأن الراتب الذي كنت أتحصل عليه لم يمنحني الفرصة لتوظيف شخص لمساعدتي. مع مرور الوقت، كنت أعاني من مشاكل في الظهر، ولم أستطع تحمل أي شيء بعد الآن واضطررت إلى ترك وظيفتي. لا يوجد بيني وبين زوجتي خطاب "أنا أعمل، أنت تعمل". أي شخص يستطيع أن يفعل شيئًا للعائلة يفعل ذلك. لذلك اعتنيت شخصيًا بأسرتي وأولادي. ساعدهم في واجباتهم المنزلية وأتابعهم. كما أعمل كمتطوع في مسجد إمبيريا. أفعل كل ما يمكنني فعله."
وفي رده على التعليقات التي استهدفته شخصيا وأسرته، قال: "أقول الحقيقة. أنا لم أقرأها. لا أريد قراءتها لأنني أؤمن بوجود ناس طيبين وسيئين في الحياة. لسوء الحظ، تحدث الأشرار جميعًا احتى طغوا على الأخيار.. هذه التعليقات تظهر أزمة اجتماعية. ليس فقط في إيطاليا، بل في العالم. هناك أشخاص لديهم خبرة قليلة وقليل من الدراسة. لقد سافروا قليلاً، ولا يعرفون ثقافات أخرى. وهم يعيشون في غرورهم، معتقدين أنهم أفضل من الجميع. وعندما يرون شخصًا آخر، يعتقدون دائمًا أنه أقل شأناً. وهذه لا يمكن أن تكون مشكلتنا، بل مشكلتهم. يتأثر الكثير من الناس بوسائل الإعلام...لكن إذا كانت لدي مشكلة، فلن ألقيها على جاري. لن ألومه."