الإيطالية نيوز، الجمعة 15 يوليو 2022 - تثير زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» إلى الشرق الأوسط تكهنات حول تقارب محتمل مع المملكة العربية السعودية، بعد أن قامت أربع دول عربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل خلال العامين الماضيين. ويأتي ذلك أيضًا بعد مؤشرات على محاولات إحداث تغيير إيجابي في الرأي العام السعودي بشأن هذه القضية.
كثيراً ما تتحدث تقارير إعلامية عن اتصالات تجارية وأمنية بين السعودية وإسرائيل لم يتم تأكيدها رسمياً.
روى الصحفي الإسرائيلي، «يوآف ليمور» (Yoav Limor)، في مقال نشره الشهر الجاري، أنه زار المملكة مع زميل له، مشيرًا إلى أنه استُقبل بفضول في السعودية. الجدير بالذكر أنه استخدم جواز سفر من دولة أخرى للدخول.
يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تغيير عقلية عدد من السعوديين اتجاه إسرائيل إيجابي، على الرغم من أن المملكة متمسكة بموقفها بعدم المضي في التطبيع قبل الوصول إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس إقامة دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية.
قالت «ديبوراه ليبستادت» (Deborah Lipstadt)، المبعوثة الخاصة لواشنطن لمكافحة معاداة السامية، في خطاب ألقته هذا الشهر بعد زيارة للمملكة في يونيو: "لعقود عديدة، كانت المملكة العربية السعودية مُصدِّرًا كبيرًا لكراهية الإسرائيليين، لكن ما وجدته هو شيء مختلف تمامًا، شيء تغيّر هناك بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية".
علامات التحول
ظهرت بوادر هذا التغيير قبل اتفاقيات تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين في الخليج في سبتمبر 2020.
تخضع الكتب المدرسية التي تفرضها وزارة التربية في السعودية الحالية لسنوات لحملة مراجعات وتنقيح مصطلحات دقيقة ودية، أمر بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمكافحة "التطرف" في التعليم، بالأخص في الكتب الإسلامية والتاريخية، التي يراد من خلالها خلق مناخ من التصالح والتعاطف مع اليهود في فلسطين.
في هذا الصدد، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها الأخير عن حقوق الإنسان في السعودية، إن خطاب الأئمة المناهض لإسرائيل أصبح ناعما وأقل تشددا ورفضا ليهود المنطقة، وأن وزارة الشؤون الإسلامية شجعت على "رفض التعصب الأعمى".
في هذا الإطار، أشادت إسرائيل برجل الدين السعودي «محمد العيسى»، رئيس رابطة العالم الإسلامي، على سفره إلى بولندا، في يناير 2020، لحضور احتفالات الذكرى 75 لتحرير معسكر "أوشفيتز".
بعد ذلك، استضاف الملك السعودي «سلمان بن عبد العزيز» الحاخام المقيم في القدس «ديفيد روزن» في الشهر التالي، وخلال شهر رمضان من ذلك العام، بثت شبكة "إم بي سي" السعودية برنامجًا تلفزيونيًا سخر فيه أحد الشخصيات من الرأي القائل بأن التعامل مع إسرائيل ممنوع.
أيضا من علامات التقارب العلني، شارك سائقون إسرائيليون في "رالي دكار" في يناير 2021 في المملكة العربية السعودية. في إشارة إلى أن القيادة السعودية ربما لم تعد تخشى رد فعل عنيف على التطبيع في نهاية المطاف. كما نقلت وسائل الإعلام الحكومية في مارس عن ولي العهد وصفه لإسرائيل بأنها "حليف محتمل".
فرصة ضئيلة
على الرغم من كل هذا، قد يكون من الصعب قياس مدى تأثير هذه التغييرات على الرأي العام في نظام ملكي مطلق يضع قيودًا صارمة على التعبير السياسي.
قال «محمد اليحيى»، الباحث في "مركز بلفر بجامعة هارفارد"، إن هناك فرصة ضئيلة لأن تركز الرياض على العلاقات مع إسرائيل بينما تتجاهل القضية الفلسطينية. وأضاف: "لقد تغير الشعور العام، لكنني لا أعتقد أنه تغير بطريقة تجعل الناس لا يهتمون بفلسطين بعد الآن، أو أن الناس لا يحاسبون إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها".
من ناحية أخرى، وفقًا لـ «بريان كاتوليس» (Brian Katulis)، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تختلف الديناميكيات الداخلية للمملكة عن تلك الخاصة بجيرانها. يشرح قائلاً: "لا أرى منبعًا واسعًا لمزيد من الانفتاح الذي تراه في أماكن مثل الإمارات الأصغر كثيرًا، حيث يمكنك القيام بأشياء بين الأديان والحصول على كنيس يهودي. أعتقد أن حدوث ذلك أبطأ في مكان مثل المملكة العربية السعودية الآن".
لم يرد المسؤولون السعوديون على أسئلة حول العواقب المحتملة لزيارة «بايدن» على العلاقة مع إسرائيل. حتى لو أسفرت الزيارة عن قرارات، مثل السماح برحلات جوية مباشرة من إسرائيل إلى المملكة العربية السعودية لنقل الحجاج المسلمين، على سبيل المثال، فمن غير المرجح أن يصل الأمر إلى التطبيع الكامل، وقد يكون هذا كل ما يمكن أن يتحمله الكثير من السعوديين في ذلك الوقت.
وقال «أبو راشد»، بائع قطع غيار سيارات في الرياض، إن الإسرائيليين محتلين ومن المستحيل أن يذهب إلى إسرائيل يومًا ما لأنه لا يحبهم، على حد قوله. وأضاف "لكن الحكومة أعلم. ستختار الأفضل للشعب وللبلد".