ويقرأ في مقال لصحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية بأن العاصفة على أسعار الطاقة أعادت إطلاق طموحات الجزائر في الإطار السياسي لشمال إفريقيا. وفوق كل شيء، بعد أن ملأت خزائن الدولة في الأشهر الخمسة الأولى لسنة 2022، بـ 21.5 مليار دولار، (بزيادة %70 عن العام الماضي)، بفضل بيع النفط والغاز الطبيعي. نمو من المفترض أن يؤدي إلى نتائج أكثر إفادة مقارنة بعام 2021، عندما بلغت الإيرادات 35.4 مليار، بزيادة %75 عن عام الوباء.
وقال الموقع الإخباري المختص في الشؤون الاقتصادية "أفّاري إيطالياني" أن ارتفاع أسعار الطاقة عالميا كان هو السبب الذي جعل «توفيق حكار»، العضو المنتدب لشركة "سوناطراك" (Sonatrach)، الشركة الجزائرية الحكومية، يعلن أمس أن "الشركة ستراجع أسعار الغاز مقابل جميع الشركاء التجاريين" وأنه يتوقع تحقيق إيرادات تصل إلى 50 مليار من بيع النفط وحده.
لماذا ستتم مراجعة الأسعار للغاز فقط وليس للنفط؟ النفط الخام لديه سوق معقد للغاية ويتم تصنيعه بشكل أساسي من قبل مشغلين خاصين، حيث يعكس السعر اتجاهات السوق: في عام 2021، بلغ متوسط سعر البيع في الجزائر العاصمة 72.3 دولارًا للبرميل مقابل 41.9 دولارًا في العام السابق.
تعتبر كمية الغاز أكثر تعقيدًا، وغالبًا ما يتم تنظيمها من خلال اتفاقيات بين الحكومات وعقود طويلة الأجل، لا سيما عندما تنتقل المواد الخام عبر الأنبوب.
الشك السائد هو أن «بوتين» يقف مرة أخرى وراء هذه الخطوة من قبل الجزائر. في الواقع، يعتبر سكان الجزائر شريكًا استراتيجيًا لروسيا، إذا كان هذا هو الحال، فسيكون هناك المزيد من السخرية من إيطاليا.
من جهتها، قالت صحيفة "إل_جورنالي" بأن "سعر الغاز يستمر في الارتفاع مع التهديد بوقف الإمدادات الروسية عبر "نورد ستريم". وقررت الجزائر، وهي الآن أحد الموردين الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، تأكيد ثقلها التعاقدي الكامل، لدرجة أن شركة النفط والغاز الحكومية سوناطراك أعلنت أمس، من خلال رئيسها التنفيذي «توفيق شكار»، عزمها على زيادة أسعار الغاز وبدء اتصالات مع شركاء أوروبيين لمراجعة البنود التعاقدية للإمدادات.
وقالت "إل جورنالي"، بأن "سوناطراك قررت تفعيل بند مراجعة الأسعار في ظل الزيادة الحادة في أسعار الغاز على المستوى الدولي".
وأضاف «شكار»، حسب ما نقلته "إل جورنالي"، أنه تم بالفعل التوصل إلى اتفاق مع ثلاثة شركاء أوروبيين، بينما لا تزال المفاوضات جارية مع الآخرين. وهي ليست من بين هذه إيطاليا التي تحركت مقدمًا لتأمين الإمدادات الجديدة والعقود التي تربط الشركة الجزائرية بشركة "إيني" الإيطالية تصل إلى عام 2027.
في أبريل الماضي، أبرمت "إيني" (Eni) - بناءً على نصيحة الحكومة - اتفاقاً مع "سوناطراك" لزيادة إمدادات الغاز الجزائري وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. وبهذا التوقيع، أصبحت الجزائر أكبر مورد للغاز لإيطاليا. بالفعل في عام 2021، زودتنا هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا بـ 21 مليار متر مكعب (كانت الثانية بعد روسيا التي زودتنا بـ 29). وتنص اتفاقيات أبريل على زيادة كميات الغاز ابتداء من عام 2022 لتصل إلى 9 مليارات متر مكعب إضافية سنويا بحلول 2023-24 عبر خط أنابيب "ترانسميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا. في مايو، بعد ذلك، تم تعزيز الاتفاقية باتفاق روما الذي ينص على مشاركة إ"يني" في تطوير بعض حقول الغاز الجديدة التي اكتشفتها "سوناطراك" في الجزائر، والتي ستضمن لإيطاليا 3 مليارات متر مكعب إضافية في المنظور.
وتنتج الجزائر العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميا ويعتمد اقتصادها على الهيدروكربونات لنحو 90 بالمئة. هذا على الرغم من حقيقة أن الرئيس «عبد المجيد تبون»، المنتخب في نهاية عام 2019، لديه طريق التنويع الاقتصادي على جدول أعماله إذا سار فيه بطريقة ذكية قد يجعله وشعبه يعيشان في رغد ورفاهية، بالأخص مع تخلي الغرب عن روسيا ولجوءه إلى إفريقيا.