تحوّل الصراع، الذي بدأ عام 2014 بين جماعة الحوثي المسلحة وحكومة الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، في 2015 إلى صراع بين الحوثيين والتحالف المدعوم من الولايات المتحدة بقيادة السعودية والإمارات. يشمل القتال اليوم ما يقرب من 50 جبهة قتال أخرى.
أفاد فريق خبراء "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" منذ عدة سنوات أن إيران تواصل تزويد الحوثيين بالأسلحة. كما دعمت الولايات المتحدة التحالف بقيادة السعودية والإمارات سياسيا، لا سيما من خلال حماية التحالف من الانتقادات وتمكين مجلس الأمن من تركيز تدقيقه على الحوثيين فقط، كما يتضح من القرار 2216، الذي صاغته المملكة المتحدة في 2015.
منذ 2015، زوّدت الولايات المتحدة السعودية والإمارات بأسلحة وتدريب ودعم لوجستي بمليارات الدولارات الأمريكية، بما في ذلك التزويد بالوقود جوا حتى 2018، بينما كان التحالف ينفذ حملات القصف الجوي. وثّقت "هيومن رايتس ووتش" استخدام التحالف لأسلحة أمريكية الصنع فيما لا يقل عن 21 هجوما غير قانوني على ما يبدو بموجب قوانين الحرب. تشمل هذه الهجمات هجوم 15 مارس 2016 على سوق في قرية مستباء في شمال غرب اليمن، والذي أسفر عن مقتل 97 مدنيا على الأقل، وهجوم 13 أكتوبر 2016 على مراسم عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء مما أسفر عن مقتل 100 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 500 من بينهم أطفال.
تُظهر الأدلة المتزايدة أن أطراف النزاع، التحالف وجماعة الحوثي المسلحة، يواصلون ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. في 21 يناير، قصفت طائرات التحالف مركز احتجاز في محافظة صعدة شمال اليمن، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا. بحسب "مواطنة لحقوق الإنسان"، منظمة غير حكومية محلية، فإن بعض المحتجزين الذين نجوا من الضربات قُتلوا بعد ذلك برصاص قوات الحوثيين على الأرض أثناء محاولتهم الفرار.
تواصل جماعة الحوثي المسلحة أيضا شنّ هجمات عشوائية على المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك مخيمات النازحين في محافظة مأرب اليمنية. رغم الخسائر المستمرة في صفوف المدنيين، تواصل الولايات المتحدة بيع الأسلحة وتوفير التدريب والدعم اللوجستي للتحالف.
حدثت إحدى عمليات البيع الأخيرة التي وافقت عليها إدارة «بايدن» في ديسمبر، عندما باعت "شركة رايثيون"، وهي شركة دفاع أمريكية رائدة، صواريخ جو – جو ومعدات أخرى بقيمة 650 مليون دولار إلى السعودية. ردا على استفسار من "هيومن رايتس ووتش" في 2018 حول الخطوات التي تتخذها شركة "رايثيون" لضمان حماية المدنيين، كتب تيموثي شولتز، نائب رئيس الشركة، أن "عمليات بيع "رايثيون" الذخائر إلى السعودية كانت ولا تزال متوافقة مع القانون الأمريكي ولا تنتهك المتطلبات القانونية الأمريكية أو الدولية السارية على الشركة".
تتحمل شركة "رايثيون" والشركات الأمريكية الأخرى العاملة في قطاع الأسلحة مسؤوليات بموجب "التوجيهات الإرشادية للمؤسسات متعددة الجنسيات" الصادرة عن "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" و"المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان" لتقييم آثار عملياتها ومبيعاتها وخدماتها، بناء على متطلبات حقوق الإنسان الدولية وقوانين الحرب. بينما تسهل حكومة الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة الخاصة بالشركة، تقول هذه الأخيرة إنها تمتثل لقوانين وسياسات الولايات المتحدة. لا تزال هناك مخاوف جدية من أن شركة "رايثيون" لا تفي بمسؤولياتها في مجال حقوق الإنسان حيث يستمر استخدام ذخائرها لارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
رغم أن حكومة الولايات المتحدة على دراية بمزاعم موثوقة بأن أسلحة أمريكية الصنع تُستخدم في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، من المحتمل أن تكون الولايات المتحدة قد انتهكت التزاماتها من خلال استمرارها في بيع الأسلحة للتحالف. قد يكون المسؤولون الحكوميون مسؤولين قانونيا عن جرائم الحرب في اليمن، وهو أحد الاعتبارات التي أثيرت في تقرير المفتش العام بوزارة الخارجية في 2020.
تدين الولايات المتحدة جرائم الحرب المحتملة المرتكبة في نزاعات مسلحة أخرى، مثل تلك التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، لكنها تواصل دعم التحالف الذي يرتكب انتهاكات مماثلة في اليمن. قال مدنيون يمنيون لـ "هيومن رايتس ووتش" أيضا إن الولايات المتحدة، عبر تزويد الأسلحة المستخدمة لاستهدافهم، تساهم في نشر العداء والألم والكراهية. يقول اليمنيون إنهم يدركون جيدا أن بعض القنابل التي تسقط على منازلهم ورؤوسهم مصنوعة في الولايات المتحدة، كما أظهرت مرارا مخلفات الأسلحة التي عثر عليها الصحفيون والباحثون وغيرهم في مواقع الضربات.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش": "تواصل الولايات المتحدة عدم إظهار الالتزام الكافي لضمان المساءلة عن الجرائم المحتملة لحلفائها، السعودية والإمارات، ودورها في ذلك. بعد سبع سنوات من تجاهل تحذيرات المنظمات الحقوقية بشأن تواطؤ الولايات المتحدة المحتمل في جرائم خطيرة في اليمن، على واشنطن عكس مسارها واتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء تواطؤها، بما في ذلك عن طريق تعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات إلى أن تتوقفا عن شن الغارات الجوية غير القانونية. على الولايات المتحدة أيضا أن تجري تحقيقات ومحاكمات ذات مصداقية في الانتهاكات السابقة المزعومة."