د. «هويدة جبق»: الطفولة عنوان البراءة - الإيطالية نيوز

د. «هويدة جبق»: الطفولة عنوان البراءة

 الإيطالية نيوز، السبت 30 أبريل 2022 - بعد متابعة الأحداث في هذه الأشهر القليلة الماضية، وعند التأمل المتعمّق والمتعمَّد لما يحدث على سطح الأرض من تحركات، وجدت أن الإنسان مصنف إلى درجات وطبقات، إلى مقبول ومرفوض، إلى إنسان عرضة للتمييز ممن يدعون حفظ وصون "الديمقراطية"، إنسان إذا لم يكن لون بشرته ناصع، وشعره أشقر، وعيناه زرقوتان يتخلى عنه الجميع كما لو يكون من دون أي قيمة.


نأخذ على سبيل المثال أجمل ما في هذه الأرض من عمر الإنسان، وهنا أعني "فترة الطفولة"، مهد البراءة، حتى هذه وُضعت لها الموازين وقُسّمت إلى أقسام، بين مؤهَّل ومقصي، فهل يستوي، في نظر دعاة الديمقراطية بكل شعاراتها من مساواة وإخاء وحرية، الطفل اليمني والفلسطيني والعراقي واللبناني والأفغاني، اليوغوري والروهينجي، بالطفل الأوكراني. إضافة إلى هؤلاء، ضع أيضا مقارنة بين نساء هذه الجنسيات المذكورة سلفا مع النساء الأوكرانيات، النتيجة، حتما، تكون فظاعةَ فكرٍ ورؤية وانحطاط أخلاق وفساد سياسة. 


وبما أن الإنسان المتمتع بصفات النوع المقبول، وأهمها اللون الأزرق للعيون والشعر الأشقر والبشرة المتفتحة، فهو إنسان، في نظر البعض، مثقف وعلى اتصال بوسائل التواصل الاجتماعي، وناشئ في وسط غير متشدد، إذ تعطى له الأسبقية في النجاة من جحيم الحروب والإنقاذ من الاضطهاد، وتُسخَّر له جميع أنواع المساعدات، سواء إنسانية أو لوجستية، وتفتح في وجهه الأبواب على مصراعيها للتنقل كلاجىء إلى مكان آمن من دون أن يُضيَّق عليه في معتقده، أن يُنقَّص من نسبه أو ازدرائه من حيث لغته، بالإضافة إلى ذلك، يُفتَح له الضوء الأخر لممارسة أنشطته المهنية من دون شروط أو تعقيدات قانونية، مع الاستفادة بحق التعليم والعلاج إلى غيره. كل هذا يجعلني أتساءل، هل إلى هذه الدرجة من الوحشية والعنصرية والتمييز  وصل الإنسان؟ أليس الإنسان أخ للإنسان؟ 


أجد نفسي أردُّ على تساؤلاتي منطلقة من الفطرة التي فطرنا عليها الخالق، الذي أنشأنا من آدم وحواء وجعلنا نتكاثر ونتناسل لنصبح بذلك شعوبا وقبائلا لنتعارف، بألوان ولغات وعادات وتقاليد مختلفة، والحكمة من ذلك هي التكامل، لكن الإنسان الظلوم الجهول دمّر كل شيء بفساد أخلاقه.


لم تسلم حتى الطفولة على وجه الأرض من الفكر التمييزي. في نظرك، هل يستوي الطفل اليمني، والفلسطيني، والعراقي، واللبناني والأفغاني بالطفل الأوكراني، طبعا نعم، لأن جوهرها واحد، البراءة، لكن الأيام الأخيرة أثبتت عند دعاة الديمقراطية بجميع فروعها من إخاء ومساواة، أن هناك فرق كبير في الطفولة من حيث المنشأ. كما دعونا نقيس على ذلك النساء أيضا والشيوخ والعواجيز.


لم أجد سببا واحدا يجعل هذا الميز مبرَّر أو له نتائج إيجابية بين الشعوب، بل أجده قد أشعل نار الشر فأصبحنا نعيش "قصة سندريلا". أين الأمم المتحده لتوقف هذه المسخرة وهذه الادعاءات الزائفه  وتدين جميع الأعمال ضد الإنسانية، أين اختفت بنود الوثائق التي وقّعت عليها جميع الدول من صون حقوق الإنسان؟ هل هذا كله حبر على ورق؟ من يرد على الطفل المسلوبة طفولته والمحروم من والديه، لكونها اعتُقلا أو قُتلا؟ من يحمي المرأة من الانتهاكات المستمرة  وأمومتها؟ لماذا زرقاء العينين لها الحق أن تُحتضَن في مسكن، بينما امرأة يمنية تُترَك على ركام منزلها أمام جثث أوالدها وزوجها؟ كما يحدث أيضا في فلسطين المحتلة. لماذا الطفل الفلسطيني يُحرَم من طفولته بينما الطفل الأوكراني كل العالم يدافع عنها. فالطفوله لها لغة واحدة، هي الحب والبراءة، وليس الاعتقال والسجن و الإعدام. هنا، أتوجه إلى كل المسؤولين الشرفاء بأن يتحركوا بشكل منصف بين الشعوب من دون تمييز عنصري أو عرقي، وأن لا يسمحوا بأي شكل من الأشكال بتأجيج هذا التمييز، وأن تكون المساعدات موجَّهه بشكل عادل و منصف بين الناس المنكوبة، وأن يصدروا قوانينا متساوية بشأن اللاجئين في جميع  أقطار الأرض. فالأرض الآن في غرفة الإنعاش، وهي بحاجه لكي تشفى من مرض الحروب.