تونس: الأمم المتحدة تبدي قلقلها من "تدهور حقوق الإنسان" مع اعتقال «البحيري» و«البلدي» - الإيطالية نيوز

تونس: الأمم المتحدة تبدي قلقلها من "تدهور حقوق الإنسان" مع اعتقال «البحيري» و«البلدي»

 الإيطالية نيوز، الأربعاء 12 يناير 2022 - أعربت الأمم المتحدة عن قلقه ا إزاء تُعرّفه بـ"تدهور أوضاع حقوق الإنسان في تونس". وما زاد القلق اعتقال «نور الدين البحيري»، وزير العدل الأسبق والمسؤول في حزب النهضة، و«فتحي البلدي»، الذي طُلب الإفراج عنه أو توقيفه بموجب أحكام قانونية.


جاء إعلان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في 11 يناير، بعد نحو عشرة أيام من العمليات التي أثارت مخاوف وانتقادات للسلطات التونسية والرئيس «قيس سعيّد».


  على وجه الخصوص، في 31 ديسمبر، قال حزب النهضة، الذي يشكل حاليًا الحزب الذي يتمتع بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان التونسي، والذي جرى تعليقه منذ 25 يوليو، إن رجال أمن في ثياب مدنية اعتقلوا «البحيري» واقتادوه إلى جهة مجهولة. ومن بين الأشخاص الذين وُضِعوا رهن الإقامة الجبرية، المسؤول الأمني ​​«فتحي البلدي»، الذي عمل في عام 2011 مستشارًا لوزير الداخلية السابق «علي العريض»، وهو أيضًا قيادي للحركة ذات التوجه الإسلامي.


ووُجِّهت إلى المتهمين تهمة التورط المحتمل في أنشطة إرهابية، وتحديدا بمنح جوازات سفر ووثائق لمشتبه بهم إرهابيينمنذ 2 يناير، نُقل «البحيري» البالغ من العمر 63 عامًا، والذي يعاني من حالة صحية سيئة بالفعل، إلى المستشفى بعد أن أضرب عن الطعام. في 2 يناير نفسه، قام وفد مكون من خمسة أشخاص، من بينهم اثنان من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بزيارة «البحيري»وأفاد مصدر، شارك أيضًا في الزيارة، في وقت لاحق أن الحالة مستقرة، لكن الرجل وضع تحت المراقبة الدقيقة في قسم أمراض القلب.


وإزاء هذا السيناريو، طلبت المفوضة السامية للأمم المتحدة في 10 يناير الإفراج عن الخصمين أو توجيه اتهام رسمي لهم، وفقًا لمعايير القانون الجنائي، معتبرة هذه الأحداث مصدر تساؤلات محتملة حول عمليات الاختطاف والاختفاء القسري، والاعتقالات التعسفية في تونس، وكذلك مخاوف بشأن حالة حقوق الإنسان. وأوضحت المتحدثة «ليز ثروسيل» (Liz Throssell) أن "رجال في ثياب مدنية وضعوه في السيارة خارج المنزل، من دون أمر باعتقال أو تفسير"، في إشارة إلى اعتقال «نور الدين البحيري»، الذي نقل قبل وضعه رهن الإقامة الجبرية إلى "عدة أماكن" غير معروفة لعائلته. وحول الجرائم المتَّهم بارتكابها، قالت «ثروسيل» إن محامي الرجل الثاني في حركة النهضة، حتى الآن، لم يتم إبلاغهم بها بعد.


بالإضافة إلى تصرفات قوى الأمن الداخلي، أعربت «ثروسيل» عن القلق إزاء ما وصفته بخنق المعارضة في تونس، بما في ذلك من خلال الاستخدام غير السليم لتشريعات مكافحة الإرهاب، والاستخدام المتزايد للمحاكم العسكرية لمحاكمة مدنيين، "الأمر الذي يثير مخاوف جدية بشأن الإدارة المنصفة والحيادية والمستقلة للعدالة."


وكان الرئيس، الذي علّق البرلمان في 25 يوليو، وتولى جميع الوظائف التنفيذية، قد تعهد مرارا وتكرارا بإصلاح القضاء المدني.


وقالت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان: "يجب أن تتماشى أي خطوات في هذا المجال مع التزامات تونس الدولية في مجال حقوق الإنسان."


وأكدت أنه على مدى العقد الماضي، أحرزت تونس تقدما هائلا نحو تعزيز حقوق الإنسان وإعمالها، ما يزيد من أهمية بذل الجهود للحفاظ على هذه المكاسب.


وقالت للصحفيين: "نحث السلطات التونسية على مواصلة حوارها مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وآليات حقوق الإنسان الأخرى التابعة للأمم المتحدة، لضمان توافق إصلاحات قطاعي الأمن والعدالة التي تمس الحاجة إليها تماما مع التزامات تونس الدولية في مجال حقوق الإنسان."


وقالت المتحدثة في إشارة إلى الرئيس السابق «زين العابدين بن علي» الذي أطيح به عقب ثورة 2011 "هاتان الواقعتان تعكسان ممارسات لم نشهدها منذ عهد «بن علي»". وبشكل أكثر عمومية، تنظر المفوضة السامية بذهول إلى تصرفات قوى الأمن الداخلي التونسية، التي طالما كانت "موضوع قلق ومناقشة" في عدة مناسبات خلال العقد الماضي. كما يساور مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان القلق بشأن "قمع أشكال المعارضة في تونس"، التي يُزعم أنه يُرتكب من خلال إساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب، واستخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.


وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال مسؤول كبير من أكبر حزب في تونس منذ أن شدد الرئيس قيس سعيد قبضته على الأمة بذريعة تنظيف الدولة والبلاد من الخونة والمرتزقة السياسيين. على وجه التحديد، في 25 يوليو 2021، بعد أشهر من الأزمة السياسية والاقتصادية، أقال رئيس الدولة الحكومة، وعلق البرلمان وأطلق حملة تطهير داخلي واسعة النطاق لجهاز الدولة. في سبتمبر، عزز قبضته السياسية من خلال تركيز السلطات التنفيذية على نفسه، وأعلن أنه سيحكم بمرسوم خلال فترة تدابير استثنائية، ووعد، في المستقبل، بحوار لتعزيز المزيد من التغيير. بعد ذلك ، في 14 ديسمبر، أعلن «سعيّد» أخيرًا أن البرلمان سيظل مجمدًا حتى الانتخابات الجديدة المقرر إجراؤها في 17 ديسمبر 2022، وأعلن عن "استشارة شعبية" لمدة 11 أسبوعًا لوضع "مسودة إصلاحات دستورية وغيرها"، قبل إجراء استفتاء على دستور جديد، من المقرر إجراؤه في 25 يوليو 2022. من جهته، رفض "حزب النهضة" بشدة تحركات «سعيّد» وتعليق العملية التشريعية العادية. وبخصوص اعتقال «البحيري»، وصفه الحزب بـ "سابقة خطيرة تُنبّئ بدخول البلاد في نفق الاستبداد وإخماد المعارضة السياسية خارج الإطار التنظيمي".