وتناقلت النبأ مصادر طبية وتحديدا اللجنة المركزية لأطباء السودان، التي حددت وفاة أول ضحية في 2 يناير، وهو شاب يبلغ من العمر 20 عاما، في العاصمة الخرطوم، متأثرا بجروح أصيب بها على مستوى الرأس. في ناحية أخرى، توفي متظاهر ثاني متأثراً برصاصة أصابته في صدره، في مدينة أم درمان.
بالنسبة للجولة الثانية عشرة في أكثر من شهرين، حتى يوم الأحد، تجمع آلاف المتظاهرين في العاصمة السودانية يسيرون باتجاه القصر الرئاسي، على الرغم من الانتشار المكثف لقوات الأمن والحصار المفروض على الاتصالات. قالت مجموعة مراقبة الويب "NetBlocks" إن خدمات الإنترنت، التي يستخدمها النشطاء لتنظيم الاحتجاجات ومشاركة اللقطات، تم إغلاقها في منتصف الصباح. كما تم إغلاق الجسور التي تربط الخرطوم مباشرة بالمدن الأخرى. ومع ذلك، تمكن بعض الأشخاص من نشر صور على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر احتجاجات في عدة مدن، بما في ذلك "الدمازين" و"بورتسودان" و"سنار".
كانت الدولة الأفريقية مسرحًا لمظاهرات عنيفة منذ 25 أكتوبر، شهدت استخدام أفراد الأمن للغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لقمع مجموعات المتظاهرين المعارضين للحكومة العسكرية التي تشكلت بعد الانقلاب. ويطالب المحتجون على وجه التحديد بالعودة إلى حكومة مدنية لا يلعب فيها الجيش أي دور خلال المرحلة الانتقالية التي ينبغي أن تؤدي إلى انتخابات حرة. علاوة على ذلك، ينتقد المتظاهرون الاتفاقية الموقعة في 21 نوفمبر 2021، والتي تنص على عودة رئيس الوزراء «عبد الله حمدوك» إلى السلطة.
بالإضافة إلى الموجة العنيفة من التظاهرات، قلب الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021 الانتقال الهش إلى حكومة ديمقراطية، الذي تم بعد الإطاحة بالرئيس السابق «عمر البشير» في 11 أبريل 2019، عندما قرر العسكريون والمدنيون المشاركون تقاسم السلطة حتى إجراء الانتخابات. لكن انقلاب 25 أكتوبر حطم تلك الشراكة. جاءت نقطة التحول الأولى مع اتفاق 21 نوفمبر، حيث تم الاتفاق على وضع «حمدوك» على رأس حكومة تكنوقراط، خلال مرحلة الانتقال السياسي التي ينبغي أن تستمر حتى عام 2023، في حين ينبغي تقاسم السلطة مع الجيش. ومع ذلك، تعتبر الأحزاب السياسية والجماعات المدنية السودانية الاتفاقية خيانة، بينما بالنسبة للآخرين ستكون غطاءً سياسيًا للاستحواذ على السلطة من قبل الجيش. تصر الحركة المؤيدة للديمقراطية على أن السلطة يجب أن تنتقل إلى حكومة مدنية بالكامل مكلفة بقيادة المرحلة الانتقالية.
ما يثير القلق الأكبر في الوقت الحالي هو دوامة العنف التي تميز التعبئة الشعبية. في 30 ديسمبر، قُتل 4 متظاهرين آخرين وجرح المئات نتيجة القمع الشديد. وفي هذا السياق، أعلن القائد العسكري «عبد الفتاح البرهان»، في 31 ديسمبر، أن الجيش لن يسمح لأحد بجر البلاد إلى حالة من الفوضى، وأن الاحتجاجات المستمرة تمثل ضرراً "جسدياً ونفسياً وعقلياً" لا يسمح بالوصول إلى حل سياسي. وندد مجلس السيادة نفسه، بقيادة «البرهان»، في 31 ديسمبر، بأعمال العنف التي صاحبت احتجاجات اليوم السابق، مضيفًا أنه أمر السلطات باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والعسكرية للحيلولة من دون تكرارها مرة أخرى: "لا أحد يبقى من دون عقاب".
وفي الشهر الماضي، أفادت الأمم المتحدة أيضا أنها تلقت مزاعم بارتكاب أعمال عنف جنسي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والانتهاكات، من قبل قوات الأمن ضد النساء في المسيرة. وحث «فولكر بيرثيس» (Volker Perthes)، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان، الضباط على "حماية" الاحتجاجات المخطط لها والامتناع عن اعتقال الأشخاص لمجرد أنهم يريدون المشاركة في المظاهرات. في موازاة ذلك، أصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بيانًا مشتركًا يدين استخدام العنف الجنسي "كسلاح لإخراج النساء من التظاهرات وإسكات أصواتهن". في غضون ذلك، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن أكثر من 14 مليون شخص، أو ما يقرب من واحد من كل ثلاثة سودانيين، سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية على مدار عام 2022، وهو أعلى مستوى منذ عقد.