على طاولة المحادثة، ناقش الطرفان أيضًا آخر قضايا السياسة الخارجية، بما في ذلك الضمانات الأمنية لموسكو في أوروبا، والعلاقات الثنائية والاجتماعات المستقبلية، والتي يمكن أن تعقد في فبراير 2022.
في هذا الصدد، أوردت وكالة الأنباء الروسية "تاس"، اليوم الأربعاء، أبرز نقاط الاتفاق الثنائي بين القوتين. ووصف «شي» «بوتين» بأنه "صديق قديم" بينما وصف الرئيس الروسي نظيره الصيني بـ "الصديق العزيز" و "الصديق المحترم"، وأظهر الزعيمان تضامنًا متبادلاً مع الخلافات الأوكرانية والتايوانية وغيرها.
في هذا السياق، في لقطات لخطاب الكرملين الرئيسي، قال «بوتين» إنه سيحضر حفل افتتاح أولمبياد بكين في فبراير 2022، مما يجعله أول زعيم من دولة أخرى يؤكد حضوره في الحدث الذي يقوده رئيس الولايات المتحدة ، «بجو بايدن«ب، إلى جانبه. مع القوى العالمية الأخرى، مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا، تعهدت بـ "المقاطعة".
وخلال الاجتماع، أيد «شي» مطالب «بوتين» بـ "ضمانات أمنية" من الغرب وحلف شمال الأطلسي. ووفقًا للكرملين، فإن هذه إجراءات من شأنها الحفاظ على مجال النفوذ الروسي في بعض أجزاء أوروبا الشرقية. واستمر الاجتماع ساعة ونصف، وبعد ذلك قدم الطرفان تقريراً ثنائياً أكد، رغم أنه كشف عن بعض الخلافات، موقف الحلفاء من المحور.
أفاد الكرملين أن «بوتين» يتفق مع وجهة نظر «شي» النقدية للنشاط العسكري الغربي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مستشهدا بالاتفاق بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة الذي يسمح لكانبيرا بأن تصبح قوة نووية. وأشاد «شي»، بعد أن أشار إلى أنها كانت الثنائية السابعة والثلاثين مع «بوتين» منذ 2013، بالرئيس الروسي لإحباطه محاولات "دق إسفين بين بلدينا". في هذا السياق دائما، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه لم يتم ذكر أوكرانيا أو الناتو في التقرير الذي نشرته الصين، ولكن بالأحرى ذكر مخاوف روسيا على أمنها. ونقلت وسائل الإعلام الصينية عن «شي» قوله "إننا ندعم بعضنا البعض بقوة في القضايا التي تؤثر على المصالح الأساسية لبعضنا البعض، وكذلك الحفاظ على كرامة كل دولة".
وما انبثق عن الاجتماع، بحسب محللين دوليين، يبدو أنه رد على "قمة الديمقراطية" التي ترأسها «بايدن»، في 9 ديسمبر، لبناء "جبهة موحدة" ضد الحكومات الاستبدادية مثل حكومتي روسيا والصين. وأبلغ «شي» «بوتين» أنه على الرغم من أن روسيا والصين ليسا حليفين رسميًا، "في التقارب والفعالية من بعضهما البعض، فمن الواضح أن الارتباط يتجاوز حتى التحالف". وشدد الرئيس الصيني على أنه "يتفهم مخاوف روسيا" وأكد أنه يدعم "بشكل كامل" مبادرة موسكو لطلب "ضمانات أمنية" من الغرب.
بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، ناقش «بوتين» و«شي» بعد ذلك إنشاء "بنية تحتية مالية مستقلة"، حسبما كشف مستشار الشؤون الخارجية الروسي «يوري أوشاكوف». يمكن تفسير هذه الخطوة على أنها محاولة لتقليل اعتماد موسكو وبكين على البنوك الغربية، فضلاً عن تعرضهما للإجراءات العقابية التي يتخذها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مثل العقوبات. وقال الرئيس الروسي مخاطبا نظيره "تم تشكيل نموذج جديد للتعاون بين بلدينا". إنه مخطط يقوم على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام مصالح الدول الأخرى". في هذا الصدد، من المهم التأكيد على أن موسكو وبكين تتهمان الغرب عادة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتجاهل المصالح غير الغربية.
بالنسبة إلى «شي»، كانت القمة فرصة لإثبات أن البلاد ليست معزولة دبلوماسيا. هذه القضية ذات أهمية قصوى في الفترة التي تسبق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، والتي تهدف إلى إبراز مكانة بكين العالمية، وليس توطيد علاقاتها مع القوى العالمية الأخرى. وقال «بوتين» لـ «شي»: "أتوقع أننا سنلتقي أخيرًا شخصيًا في بكين في فبراير من العام المقبل". "لقد دعمنا بعضنا البعض بشكل ثابت في مسائل التعاون الرياضي الدولي، بما في ذلك عدم قبول أي محاولة لتسييس الرياضة أو الحركة الأولمبية".
تأكيدًا على توثيق الاتحاد الروسي الصيني بشكل متزايد، وضع «شي» و«بوتين»، خلال مؤتمر بالفيديو، أعلام البلدين خلفهما. يعد هذا فرقًا كبيرًا مقارنةً باتفاقية 7 ديسمبر الثنائية مع «بايدن»، عندما كان «بوتين» هو الخلفية الوحيدة للعلم الروسي.
تعليقا على قمة «بوتين» و«شي»، قال «تشنغ شياو خه»، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية بجامعة رينمين في بكين، إن العلاقة بين البلدين أعطت القادة فرصة لإظهار "الدعم المتبادل والمواجهة المشتركة" في مخاطبة الولايات المتحدة. وأضاف الخبير أن "كل من الصين وروسيا تواجهان نفس الضغوط التي تواجهها الولايات المتحدة"، موضحًا أن الدعم المتبادل بين موسكو وبكين فسيولوجي. وفي هذا الصدد، من المهم التأكيد على أن قادة البلدين يجرون بشكل متكرر محادثات ثنائية وهاتفية.
شكلت الصين وروسيا، اللذان كانا خصمين في السابق، شراكة اقتصادية وعسكرية وجيوسياسية وثيقة بشكل متزايد في عهد «شي» و«بوتين». وقد عرّف محللون في صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الرابط بأنه "جبهة موحدة ضد النفوذ الأمريكي مع تصاعد الخلافات بين موسكو وبكين وواشنطن". وتأتي المحادثات في وقت يشهد توترات كبيرة، خاصة بعد تكديس القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا وتنامي مخاوف الغرب من أن موسكو تعتزم شن هجوم واسع النطاق ضد الدولة الواقعة في شرق أوروبا. كما تمت المحادثات الثنائية بين «شي» و«بوتين» على خلفية زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية، «كارين دونفريد»، التي أتت إلى العاصمة الروسية لمناقشة أوكرانيا. خلال المحادثات الاستراتيجية الروسية الأمريكية، قدمت موسكو خطة أوضحت فيها "الضمانات الأمنية" التي تحتاجها: كان على الغرب أن يخفض دعمه العسكري لأوكرانيا ويستبعد توسيع الحلف الأطلسي نحو أوروبا الشرقية، وتحديداً جورجيا و أوكرانيا.