وجاءت الاستقالة بعد أكثر من شهر من بداية الأزمة الدبلوماسية، والتي يعود أصلها إلى تصريحات «قرداحي» التي صدرت خلال مقابلة مسجلة في 5 أغسطس، عندما لم يكن الوزير عضوا في السلطة التنفيذية بعد، وتم تداولها منذ 26 أكتوبر على مواقع التواصل الاجتماعي المرتبطة بقناة "الجزيرة". وعلى وجه الخصوص، قال «قرداحي»، بالإضافة إلى اعتبار الصراع في اليمن "عبثيًا" وعديم الجدوى، أن المتمردين الحوثيين الشيعة، أبطال الصراع الأهلي المستمر في اليمن، يتصرفون "دفاعًا عن النفس"، وبالتالي لا ينبغي اعتبارهم "معتدون"، لأن هؤلاء يهدفون ببساطة إلى الدفاع ضد الهجمات الخارجية.
وبالنسبة للرياض التي تقود تحالفا دوليا لدعم القوات اليمنية الموالية للحكومة، مثلت تصريحات الوزير اللبناني "حلقة جديدة من المواقف المستهجنة التي يصدرها مسؤولون لبنانيون اتجاه المملكة وسياساتها". في ضوء ذلك، حظرت السعودية في 29 أكتوبر جميع الواردات من لبنان ومنحت السفير اللبناني 48 ساعة لمغادرة الدولة الخليجية. كما منعت الرياض مواطنيها من السفر إلى لبنان واستدعت سفيرها في بيروت إلى الوطن. بعد ذلك بوقت قصير، اعتمدت البحرين والكويت أيضًا إجراءات مماثلة، في حين استدعت الإمارات العربية المتحدة، في 30 أكتوبر، سفيرها وطالبت المغتربين الإماراتيين في لبنان بالعودة إلى وطنهم.
وفي هذا السياق، نأت الحكومة اللبنانية على الفور بنفسها عن تصريحات الوزير، في حين قال رئيس الوزراء «نجيب ميقاتي»، في 4 نوفمبر الماضي، إنه يؤيد استقالته، معربًا عن عزم فريقه على حل القضية من خلال جلسة خريطة الطريق. في البداية، رفض «قرداحي»، المدعوم من قبل جماعة حزب الله الشيعية، ترك منصبه في الحكومة. ثم، في 3ديسمبر، أعلن استقالته رسميًا خلال مؤتمر صحفي، على الرغم من تداول أول خبر عنها مساء اليوم السابق. وأعلن الوزير "هناك فرصة لا يمكننا تفويتها"، في إشارة إلى نية إصلاح العلاقات مع الخليج وخاصة مع السعودية.
وشدد «قرداحي» في هذا الصدد على أنه لم يكن في نيته الإساءة لدول أخرى وأن العلاقات السعودية اللبنانية يجب أن تتجاوز تصريحات الوزير. على أية حال، قال إنه منزعج من إجراءات "المقاطعة" التي اتخذتها و "الذعر" الذي أثاره اللبنانيون الذين هاجروا إلى الخليج. في الوقت الحالي، سيتم تكليف قيادة دائرة الإعلام مؤقتًا بوزير التربية والتعليم «عباس الحلبي»، ريثما يتم استبداله.
وبحسب مصادر مختلفة ، فإن قرداحي كان سيتخذ قرارا مماثلا بعد التشاور مع "حلفاء" لم يتم تحديد هويتهم. لكن في 1 ديسمبر، أجرى «قرداحي» محادثات مع رئيس الوزراء «ميقاتي»، في حين تم تسريب معلومات حول لقاء محتمل مع رئيس الدولة «ميشال عون». أخيرًا وليس آخرًا، سلط البعض الضوء على كيفية تزامن الاستقالة مع الجولة التي قام بها الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» ، في 3 ديسمبر، والذي كان، بحسب «قرداحي» نفسه، يؤيد تنحية الوزير من فريق حكومة بيروت، حتى تتمكن من إقناع الرياض بفتح قنوات حوار مع الأطراف اللبنانية.