ونقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس" عن الموقف مستشهدة بما أعلنه المتحدث باسم الكرملين «ديمتري بيسكوف» (Dmitry Peskov) في نفس اليوم الجمعة. تم تعريف هذه التقارير على أنها "فارغة" و "لا أساس لها" ، ووفقًا لـ«بيسكوف»، لن تكون أكثر من استراتيجية لتأجيج التوترات الثنائية. وتابع «بيسكوف»: "هذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها الولايات المتحدة أو تعلن مثل هذه الأشياء"، مضيفًا أن الولايات المتحدة ستستخدم مثل هذه الأساليب لأنها ستكون قلقة "بشأن نشر القوات الروسية على طول أراضي الاتحاد".
المنشور الذي أشار إليه بيسكوف نشرته وكالة الأنباء الأمريكية "بلومبرغ". وذكرت هذه الأخيرة في 11 نوفمبر أن مسؤولين أمريكيين أبلغوا نظرائهم في الاتحاد الأوروبي بشأن مخاوفهم بشأن عملية عسكرية محتملة تخطط روسيا لها ضد أوكرانيا. هذه التصريحات، الصادرة عن مصادر دبلوماسية مجهولة، هي جزء من التراكم المتزايد لحوالي 90.000 جندي روسي على طول حدود غرب أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم. ذكرت "بلومبرغ" أن مخاوف واشنطن تتعلق بمعلومات لم تشاركها الولايات المتحدة بعد مع الحكومات الأوروبية والتي تستند إلى أدلة "متاحة للجمهور" وتدعمها.
قال مسؤول في البيت الأبيض مساء 11 نوفمبر إن الولايات المتحدة تتشاور مع الحلفاء بشأن الانتشار العسكري الروسي المذكور أعلاه. من ناحية أخرى، واصلت موسكو التأكيد على أن تحركات القوات في أراضيها تمثل "شأنًا داخليًا"، نافية أي نوايا عدوانية. على صعيد آخر، واصلت الخارجية الروسية اتهام الولايات المتحدة بـ "الاستفزاز" ، خاصة في مواجهة زيادة السفن الحربية الأمريكية على البحر الأسود بالقرب من الأراضي الروسية.
يأتي الإعلان عن وجود 90 ألف جندي روسي على الحدود، والذي تم في 3 نوفمبر، في إطار الزيارة الأخيرة، يومي 2 و 3 نوفمبر، لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، «ويليام بورنز» (William Burns). وفي تلك المناسبة، أجرى مدير وكالة المخابرات المركزية أيضًا محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين». كما أجرت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل»، المحاور الرئيسي لـ«بوتين» في أوروبا، محادثات مع الرئيس الروسي يومي 10 و 11 نوفمبر لحثه على استخدام نفوذه على حليف روسيا، بيلاروسيا، لنزع فتيل أزمة الهجرة التي تضرب أوروبا الشرقية. في كلتا المناسبتين أبدى بوتين الرفض، لكنه حث «بوتين» الاتحاد الأوروبي على التوجه مباشرة إلى الرئيس البيلاروسي، «ألكسندر لوكاشينكو».
أخيرًا، من المهم أن نتذكر أنه في الأول من أبريل الماضي، حدث وضع مشابه أثار قلق المجتمع الدولي بشدة. في ذلك التاريخ، نددت أوكرانيا باستفزاز روسي محتمل في "دونباس"، واتهمت موسكو بنشر قوات ضخمة على الحدود الشرقية مع أوكرانيا. بالنسبة للكرملين، كانت هذه البادرة مشروعة لأنها كانت تهدف إلى حماية خطوط الحدود الروسية. من ناحية أخرى، ذكرت المخابرات الأوكرانية أن قوات موسكو سيكون لها هدف السيطرة على جمهوريتي "لوغانسك" و"دونيتسك" المعلنتين بذريعة حماية السكان الروس في المنطقة. في وقت لاحق، في 21 أبريل، نشرت موسكو أيضًا عشرات الدبابات على بعد 20 كيلومترًا من الحدود مع أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، تم رصد صفوف طويلة من المركبات المدرعة وهي تتجه نحو منطقة "كراسنوبريكوبسك" الروسية الواقعة في شبه جزيرة القرم. وأكد مقطع فيديو تم تسجيله في الصباح الباكر وبثته شركة "أَڤِيا بْرو" هذا الانتشار.
وشبّهت العديد من الصحف العالمية الخطوة العسكرية الروسية في أبريل الماضي بالتحرك العسكري الروسي في عام 2014، وهو العام الذي كانت فيه شبه جزيرة القرم "محتلة"، مما زاد مخاوف الغرب من خطر اندلاع نزاع مسلح جديد. لكن في 22 أبريل، فاجأت روسيا المجتمع الدولي وأعلنت انسحاب القوات على طول خط التماس على الحدود مع شرق أوكرانيا.