يقترب الشتاء من الأبواب الموصدة.. يعد حقائبه وثيابه الشتوية ليأتي في موعده.. ويأتي للمرة الثانية والعام الثاني من دونك..
هل تعلم سيدي ماذا ترك لي الشتاء منذ رحيلك؟!...
كنت أنثى تمشي تحت المطر ويسرق الشمع كل الأبجديات الخارجة من فمي..
كنت أسيرة الإيقاعات الشتوية ونقر الرذاذ على ظفائري المبللة ..والرسم فوق ضباب نوافذي الزجاجية ..
وكنت أنثى الشتاءات الباردة...
منذ رحيلك المؤلم لم تعد الأيام الشتوية عابرة حتى في كتاباتي ولم تعد الطريق معبدة ولا التفاصيل الصغيرة مضاءة بفوانيس حلم... أصبحت الأيام الرمادية مرهقة تأخذني إلى الرابعة فجراً بلا دمع بلا كلمات...
هل كان علينا أن نحتفظ بتلك الشهقات التي لا تزال مختبئة في جيوب ذاكرتنا.. هل كان من الممكن لو إننا أفسحنا الطريق لصرخاتنا المعلقة فوق سقف حناجرنا.. ليت تلك الأمطار التي هطلت على طول طرقاتنا إستطاعت أن تغسل ملامحنا المشدودة الباهته...
هل كان عليك أن ترحل لندرك كم كنا انعكاسة روحك وجناحك الذي نستظل به؟! هل كان علينا أن نعيش تلك اللحظات الآسرة باليتم وأن يجمدنا الشتاء حتى أخمص بيوتنا وشوارعنا؟! هل كان علينا أن نستفيق من أحلامنا تحت صواعق رحيلك؟!...