وحسب ما نقله الموقع الإخباري الجزائري "tsa-algerie"، عن الصحيفة الفرنسية "لوموند"، استخدم «إيمانويل ماكرون»، الخميس 30 سبتمبر خلال لقاء مع 18 شابا من نسل ممثلين في الثورة الجزائرية، خطابا قاسيا للغاية على الطبقة الحاكمة في الجزائر، متهماً إياهم بـ "الاسترزاق" عبر "الإيجار التذكاري"، في تلميح واضح وصريح لكون الطبقة الحاكمة تستغل "الذاكرة" المتعلقة بفترة الاستعمار الفرنسي للجزائر من أجل كسب المال، وافترض أن تقييد التأشيرة الأخير كان موجهاً لهم.
تصريحات الرئيس الفرنسي انطلقت عن وعي وعلى أكبر قدر من المسؤولية والقناعة بأنه أقوى ومهيمن. إذ عند رده على سؤال حول قراره الأخير بتقليص عدد التأشيرات المخصصة للمواطنين الجزائريين، قال "صراحة، إن القيود تستهدف في المقام الأول المسؤولين الجزائريين."، حسب ما رواه الموقع الإخباري الجزائري.
وأضاف الرئيس الفرنسي قائلا موضحا تأثير مثل هكذا قرار على النظام الحاكم في الجزائر: "هذا القرار سيؤثر على الطلاب ورجال الأعمال، وسيزعج الناس الذين يعيشون تحت إدارة الطبقة الحاكمة، الذين اعتادوا التقدم للحصول على تأشيرات بسهولة". وواصل في توضيحه "لا ينبغي أن نطلق عليه (قرار تخفيض التأشيرات بنسبة 50%) "أزمة تأشيرات"، لأنه، بكل بساطة، هو أحدث عمل لسلسلة طويلة من التوترات بين البلدين.
وواصل: "أنا لا أتحدث عن المجتمع الجزائري في أعماقه ولكن عن النظام السياسي العسكري الذي تم بناؤه على هذا الريع التذكاري. نرى أن النظام الجزائري متعب والحراك أضعفه ". وتحدث الرئيس «ماكرون» عن "حوار جيد" مع نظيره الجزائري «عبد المجيد تبون». قال: "لكني أرى أنه عالق في نظام صعب للغاية".
Le président français Emmanuel #Macron a tenu des propos sur le système algérien qui risquent d'aggraver les tensions entre les deux pays.https://t.co/k9a3G32Vrr
— TSA Algérie (@TSAlgerie) October 2, 2021
وكان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، «غابرييل عتال» (Gabriel Attal) أعلن، الثلاثاء 28 سبتمبر، قرار سلطات بلاده تقليص حصة التأشيرة الممنوحة للجزائريين إلى 31500 للأشهر الستة المقبلة، أي نصف الإجمالي الصادر خلال نفس الفترة من العام 2020.
في اليوم التالي، الأربعاء 29 ديسمبر، تم استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر «فرانسوا غوييت» (François Gouyette) إلى وزارة الخارجية. والمتعارف عليه أن في الممارسة الدبلوماسية، فإن استدعاء السفير ليس بالأمر الهين. لم تنته الأزمة عند هذا الحد، لأن «ماكرون» لم يكتفِ بالتركيز على قضية التأشيرة، بل اتهم السلطات الجزائرية بأنها تكنّ الضغينة لفرنسا، وشكّك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
وعلى حد قول «ماكرون»، فإن الأمة الجزائرية بعد عام 1962 قد بُنيت على "إيجار تذكاري" يحافظ عليه "النظام السياسي العسكري". وأعرب «ماكرون» عن قلقه من "إعادة كتابة الذاكرة" هذه، وقال إنه يخشى "انحباس" الذاكرة و "القطيعة" عن الشعب الجزائري. كما قال إنه يريد إنتاجًا تحريريًا تبثه فرنسا، باللغتين العربية والأمازيغية، لمواجهة ما وصفه بـ "التضليل" و "تزييف الحقائق" التي نقلها الأتراك لغرض "الدعاية" و"التشهير".
ووفقا لما قالته الصحيفة، كان أول رد فعل من مصدر جزائري اتصلت به هو وصف التصريحات بأنها "وهم لا يُغفَر، ومن المؤكد أنها ستثير رد فعل رسمي من الإدانة الشديدة على المستوى المناسب".
La présidence de la République a annoncé le rappel de l’ambassadeur algérien à Paris, après les déclarations du président français Emmanuel Macron sur l’Algérie.https://t.co/bw7mey2eG5
— TSA Algérie (@TSAlgerie) October 2, 2021
وأضاف: "كما هو، فإن العمى الذي يتمثل في تحميل النظام الجزائري ريعة تذكارية من أجل تبرئة فرنسا الرسمية التوحديّة التي ترفض مواجهتها، وهي، في الماضي، كانت مستعمرة مرعبة، ارتكبت جرائم قتل واغتصاب وسرقة، بالإضافة إلى ارتكاب العديد من الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية ".
وردا على التصريحات الهجومية بألفاظ نارية التي أطلقها الرئيس الفرنسي على نظام عبد المجيد تبون، أعلنت رئاسة الجمهورية، في بيان، استدعاء سفير الجزائر بباريس «محمد عنتر داود» "للتشاور". وأضافت أنه سيصدر بيانا في وقت لاحق عن الاستدعاء.