صندوق النقد الدولي يوجه رسائل تحذيرية ونصائح إلى الجزائر بشأن اختلالات في الاقتصاد الكلي - الإيطالية نيوز

صندوق النقد الدولي يوجه رسائل تحذيرية ونصائح إلى الجزائر بشأن اختلالات في الاقتصاد الكلي

الإيطالية نيوز، الأحد 10 أكتوبر 2021 ـ بموجب المادة السادسة، أكمل موظفو صندوق النقد الدولي مهمتهم الاستشارية لعام 2021 في الجزائر بقيادة «جينيفيف فيردير» (Geneviève Verdier)، قدمت البعثة استنتاجاتها، مشيرة بشكل خاص إلى اختلالات الاقتصاد الكلي والافتقار إلى إصلاحات هيكلية في بلاد «عبد المجيد تبون».


اجتمعت بعثة صندوق النقد الدولي (FMI) بقيادة «فيردير» عن طريق الفيديو مع السلطات الجزائرية (التقت البعثة بالسيد «بن عبد الرحمن» رئيس الوزراء ووزير المالية والسيد «الفضلي» محافظ بنك الجزائر والسيد «عرقاب» وزير الطاقة والمناجم والسيد «نصري» وزير الأشغال العامة والسيد «رزيق» والوزير التجارة وترويج الصادرات، السيد «لحفايا»، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، والسيدة «كريكو»، وزيرة التضامن الوطني والأسرة وأحوال الزوجة. كما التقى الفريق بمسؤولين كبار آخرين في الحكومة والبنك المركزي، فضلاً عن ممثلين عن القطاعين الاقتصادي والمالي والمجتمع المدني والنقابات العمالية) في الفترة من 13 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2021 كجزء من مشاورات المادة الرابعة لعام 2021.


تضمّن البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي ملاحظات عديدة بشأن الوضع الاقتصادي في الجزائر، من بين هده الملاحظات، التي هي في الوقت نفسه نصائح وتحذيرات، بأن هناك  حاجة ملحة لإعادة ضبط السياسة الاقتصادية لتصحيح اختلالات الاقتصاد الكلي مع حماية وتعزيز الدعم للفئات الأكثر ضعفًا من السكان.


ورأت البعثة أن ينبغي على الجزائر أن تنتقل إلى نموذج نمو جديد تنفيذ مجموعة واسعة من الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك تدابير تهدف إلى تحسين الحوكمة الاقتصادية وتعزيز ظهور قطاع خاص ديناميكي وخلق فرص العمل.


كما أوصت البعثة الجزائر بالقيام بمجموعة شاملة ومتماسكة من السياسات المالية والنقدية وسياسات أسعار الصرف للحد من مَواطن الضعف في الجزائر. ينبغي البدء في تعديل مالي عام، والذي يعطي في الوقت نفسه الأولوية لتدابير حماية الفئات الأكثر ضعفاً، في عام 2022 ويمتد على مدى عدة سنوات للحفاظ على القدرة على تحمل الديون. يجب أن يكون هذا التعديل مدعومًا بسياسات تهدف إلى تحسين تحصيل الإيرادات وخفض النفقات وزيادة كفاءتها. يجب حظر التمويل النقدي من أجل وقف ارتفاع التضخم والاستنفاد السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي، مع تنويع مصادر تمويل الميزانية بما في ذلك من خلال اللجوء إلى الاقتراض الخارجي. ستساعد مرونة سعر الصرف الأكبر في تعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجية، وستساعد السياسة النقدية الأكثر تشددًا في احتواء الضغوط التضخمية.


"ترى البعثة والسلطات أن انتقال الجزائر إلى نموذج نمو جديد يتضمن أيضًا تنفيذ إصلاحات أساسية تهدف إلى تعزيز الشفافية والحوكمة في المؤسسات القانونية والمالية والنقدية في المنطقة. بالأخص القطاع العام بأكمله وتقليل الحواجز التي تحول دون الدخول في الاقتصاد الرسمي. يعد تطبيق القانون الأساسي لقوانين المالية خطوة مهمة في تحسين إدارة الميزانية. 


ورحبت البعثة بجهود السلطات للحد من القيود المفروضة على الاستثمار الأجنبي المباشر وخططها لتحديث الإطار القانوني للاستثمار والمنافسة، ما يساعد على تنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على الهيدروكربونات وتعزيز استثمارات القطاع الخاص وخلق فرص العمل. كما ترحب البعثة بالإعلانات الأخيرة عن خطط تخفيف العبء الإداري والإصلاحات المقبلة للحد من التعرض للفساد.


وفي ختام هذه المحادثات، أدلت السيدة «فيردير» بالبيان التالي في واشنطن: "مِثل البلدان الأخرى، ضرب جائحة كوفيد -19 الجزائر بشدة. تود بعثة صندوق النقد الدولي أن تعرب عن تضامنها مع الجزائريين المتضررين من الأزمة الصحية وأولئك الذين عملوا بلا كلل لمساعدة السكان. ويسر البعثة أن تلاحظ أن الإجراءات الصحية في الوقت المناسب وتسريع حملة التطعيم منذ يوليو قد ساعدت في الحد من تأثير الموجة الثالثة التي ضربت البلاد الصيف الماضي. وكان للجائحة وما صاحب ذلك من انخفاض في إنتاج النفط وأسعاره تأثير شديد على الاقتصاد العام الماضي، ما تسبب في انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد بنسبة %4.9 في عام 2020.


وأضافت رئيسة البعثة في البيان: " بالإضافة إلى التدابير الصحية للحد من انتشار الوباء، نفّذت السلطات مجموعة واسعة من الإجراءات التي تهدف إلى التخفيف من تأثيره على الاقتصاد، بما في ذلك التأجيل الضريبي، وزيادة الإنفاق الصحي، وتحويل لمرة واحدة إلى الأسر ذات الدخل المنخفض، وتخفيضات في معدل الفائدة الرئيسي للبنك المركزي ونسبة متطلبات الاحتياطي، فضلاً عن تخفيف القواعد الاحترازية المطبقة على البنوك."


وأشادت البعثة  بالإجراءات التي تبنتها السلطات الجزائرية  للتخفيف من تداعيات جائحة كوفيد-19 وكثّفت حملة التطعيم منذ يوليو، وهي إجراءات ساعدت أيضا في حماية الاقتصاد، لكن الجائحة كشفت أكثر عن عوامل ضعف الاقتصاد الجزائري. أدت الاختلالات طويلة الأمد في الاقتصاد الكلي إلى ترك مجال محدود للمناورة لصانعي السياسات في الجزائرعامل أخر كان سببا في إبقاء الوضع في حالة سلبية، وهو السياسة المالية التوسعية المتبعة  التي ساهمت منذ عدة سنوات في رفع عجز الحساب الجاري إلى مستويات عالية، على الرغم من سياسة تقليص الواردات، وأسفرت عن احتياجات تمويلية كبيرة تم تلبيتها إلى حد كبير من خلال البنك المركزي، ما أدى أيضا إلى توسيع نطاق العجز المالي والخارجي بشكل أكبر في عام 2020، حيث انخفضت الاحتياطيات الدولية، التي ظلت عند مستوى مناسب، من 62.8 مليار دولار في عام 2019 إلى 48.2 مليار دولار في نهاية عام 2020.


وترى بعثة «فيردير» لصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الجزائري، مع ذلك يتعافى تدريجيا، مع توقع نمو اقتصادي بأكثر من %3 هذا العام، مدعومًا بانتعاش الأسعار وإنتاج الهيدروكربونات، وتسارع التضخم إلى متوسط ​​سنوي قدره %4.1٪في يونيو 2021، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية وفترة الجفاف في الجزائر. لكن، في الواقع، على الرغم من الانتعاش في النشاط الاقتصادي والتحسن الملحوظ في التوازن الخارجي في عام 2021، لا تزال هناك حاجة ملحة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي وإتاحة مجال للمناورة، مع حماية الفئات الأكثر ضعفًا ودعم الانتعاش.


ويرى فريق البعثة أن استمرار عجز الميزانية المرتفع على المدى المتوسط ​​من شأنه أن يخلق احتياجات تمويلية غير مسبوقة، ويستنزف احتياطيات النقد الأجنبي، ويشكل مخاطر على التضخم والاستقرار المالي والاقتصاد والميزانية العمومية للبنك المركزي. بشكل عام، إن قدرة البنوك على إقراض بقية الاقتصاد سوف تتعثر بشدة، ما سيكون له عواقب سلبية على النمو.