المسؤولون الذين أعلنوا استقالاتهم كان الدافع وراء قرارهم بالقول إنهم لا يريدون مواجهة ما وصفوه بـ "الخطر الاستبدادي الوشيك". وبحسب الجماعة فإن «الغنوشي» مسؤول عن عزلة الحزب وتدهور الأوضاع العامة في البلاد.
وفي آخر مرسوم رئاسي أُعلن عنه يوم الأربعاء 22 سبتمبر، عزز الرئيس سعيّد سلطاته على حساب الحكومة والبرلمان. وتأتي الخطوة بعد نحو شهرين من تلك "الإجراءات غير العادية" التي دفعت تونس نحو حالة من الفوضى السياسية وعدم اليقين.
والجدير بالذكر أنه في 25 يوليو، أقال رئيس الدولة التونسية رئيس الوزراء «هشام المشيشي» من منصبه وعلّق أنشطة البرلمان لمدة ثلاثين يومًا، مع التركيز على نفسه بكامل السلطة التنفيذية، بينما حُرم النواب من حصانتهم البرلمانية. خلال الأسابيع التالية، كرر «سعيد»، المتهم بمحاولة الانقلاب، مرارًا وتكرارًا أن هذه إجراءات استثنائية تهدف إلى إنقاذ مؤسسات الدولة التونسية من الفساد والمفسدين ومن بعض العملاء، وأنه احترم الدستور، مع إشارة خاصة إلى المادة 80، وحقوق الشعب التونسي. حتى الآن، لا يزال السكان ينتظرون تعيين رئيس وزراء جديد وفريق حكومي، كما وعد بذلك رئيس الدولة عدة مرات من قبل.
ومن بين الموقعين على إعلان النهضة ثمانية نواب وعدد من الوزراء السابقين، بمن فيهم وزير الصحة السابق «عبد اللطيف مكي»، الذي قال في منشور على فيسبوك إنه حزن بشدة من القرار، لكنه اعتبره حتميًا. وقال "ليس لدي خيار" مضيفا "علينا مواجهة الانقلاب لما فيه خير تونس".
وكان بعض مسؤولي النهضة قد طالبوا بالفعل باستقالة زعيمهم، «الغنوشي»، لعدم قدرته على الاستجابة بشكل مناسب للأزمة السياسية. وشدد الحزب مرة أخرى على أنه يعتبر قرار «سعيد» تعليق البرلمان وإقالة رئيس الوزراء "غير دستوري"، لكنه اتخذ نهجًا أكثر تصالحية، وحث الرئيس على العودة إلى خطواته.
تعليقا على هذه الاستقالات الجماعية لحزب النهضة ذو التوجه الإسلامي، قال «ربيب علوي»، صحفي من تونس، للجزيرة إن التوترات كانت تنتشر داخل الحزب لبعض الوقت. في سبتمبر 2020، أعرب 100 من أعضاء النهضة عن معارضتهم لاختيار «الغنوشي» كزعيم للحزب للمرة الثالثة على التوالي. وقال «علوي» "أعتقد أن هذه أكبر أزمة يمر بها النهضة" في إشارة إلى الاستقالة التي أعلنت يوم السبت. وأضاف "كان ذلك متوقعا منذ بدء التوترات قبل عام"، لكنه أشار إلى أن حجم التمرد فاجأ العديد من المراقبين.
كان حزب النهضة أحد أكبر الأحزاب السياسية في تونس منذ ثورة 2011، وقد دعم دائمًا مختلف الحكومات الائتلافية التي تشكلت على مر السنين. في الأيام التي أعقبت 25 يوليو، دعا «الغنوشي» البرلمانيين وأنصاره إلى تنظيم اعتصام خارج البرلمان للتنديد بـ"انقلاب" الرئيس. لكن لاحقًا، اتخذ زعيم النهضة موقفًا احتواءًا أكثر منه معارضًا، مشيرًا إلى أن الإقبال على المظاهرة كان أقل من المتوقع. في الواقع، رحب جزء من السكان بخطوة رئيس الدولة بفرح. في بعض مناطق البلاد، أُحرقت أعلام النهضة واستُهدفت مكاتب الحزب وهوجمت.