زعيم جبهة البوليساريو «إبراهيم غالي» |
بدأ الرحيل، الذي أكدته مصادر رسمية ومقربون من الزعيم الصحراوي لـصحيفة ABC الأسباني التي نقلت الخبر، بينما أجرى وزير النقل، «خوسيه لويس أوبالوس» (José Luis Ábalos)، مقابلة على قناة TVE، وأشار إلى عودة «غالي» إلى تندوف على أنها "نقطة توقف كاملة".
في المقابل، كانت السفارة المغربية بالفعل قد نشرت بيانًا بشأن شكوى أخرى مرفوعة ضد زعيم الانفصاليين «غالي»، هذه المرة، في محكمة في لوغرونيو بتهمة "تزوير وثائق". هذه الشكوى رفضتها المحكمة الوطنية الأسبوع الماضي لعدم تقديرها وجود مؤشرات تثبت فتح ملف المتابعة القضائية بشأن هذه التهمة، بالإضافة الى عدم وجود هذه التهمة ضمن اختصاصها.
وقالت صحيفة ABC الأسبانية أن الزعيم الصحراوي خطط بالفعل لمغادرة إسبانيا بمجرد أن أدلى بإفادته في المحكمة الوطنية وأعطاه القاضي والأطباء الإذن بالسفر.
مسار رحلة الطائرة التي تنقل «غالي» من بامبلونا إلى الجزائر العاصمة |
وبحسب تقارير من وزارة النقل، حلقت طائرة حكومية جزائرية - طراز "غلف ستريم" - من الجزائر العاصمة باتجاه "لوغرونيو" (محافظة سرقسطة، شمال المملكة) واضطرت للعودة إلى "إيبيزا" لأنها لم تستوف الشروط اللازمة للهبوط في مطار "أغونسيلو"، في لاريوخا. يقع هذا المدرج في "لاريوخا" بجوار قاعدة هليكوبتر عسكرية للجيش وكان يجب أن تتوفر سلسلة من الظروف القانونية والبرتوكولية، "التي لم تتحقق"، حتى تتمكن الطائرة الجزائرية المذكورة أعلاه من الهبوط.
وفقا للاتفاقيات الثنائية بين الدول، يمكن يمر تصريح يسمح بتحليق طائرة دولة ما في الجو التابع لسيادة دولة أخرى تلقائيا ـ كما هوالحال بين إسبانيا وفرنسا، على سبيل المثال ـ أو يتطلب تصاريح أخرى تكميلية يمكن الحصول عليها لدى الملحق العسكري أو القنوات الدبلوماسية الموجودة في الجزائر. لكن هذه الحالة تتطلب بعض الوقت. لهذا السبب، اضطرت الطائرة للعودة إلى الجزائر العاصمة، لأن السلطات المختصة أصرت على أن التصاريح لدخول إسبانيا لا يمكن أن تُؤخَد إلا عن طريق الشؤون الخارجية". علاوة على ذلك، وبحسب مصادر، لم يكن لدى الطائرة الرسمية الجزائرية، "إذن بالتحليق فوق" المجال الجوي الإسباني. لذا، تلقت تحذيرًا من سرب النقل الجوي العملياتي في برشلونة (ECAO)، وهو وحدة تابعة لسلاح الجو، فأُجبرت على الانسحاب.
وفي هذا السياق، أشار الوزير «أوبالوس»، الليلة الماضية، إلى أنه إذا عاد «غالي« إلى الجزائر، فذلك لأن كل هذه الإجراءات قد تم تنفيذها، وإلا فلا يُسمح بالطيران.
وبحسب البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الليلة الماضية، غادر غالي مستخدما "الوثائق باسمه التي دخل بها إسبانيا"، الأمر الذي أثار بعض الجدل لأنه سجل في المستشفى باسم مستعار (محمد بن بطوش) وانتشرت الشائعات بذلك. أنه وصل إلى البلاد بوثائق مزورة، وهو الإدعاء الذي كان دائمًا ينكره المقربون منه، والذي كذّبه محاميه بالأمس ونفى بشدة وجود زيف وثائقي وأكد أنه يسافر دائما بجواز سفره الجزائري.
وبالمثل، شدّدت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا، على أنها أبلغت، الليلة الماضية، "السلطات المغربية، عبر القنوات الدبلوماسية، برحيل السيد «إبراهيم غالي» من إسبانيا".
في حرية من دون احتياطات
بالنسبة لمروره أمام المحكمة الوطنية، فقد استمر ظهوره صباح أمس أكثر من ساعة ونصف بقليل وخرج غالي منتصرا على أسئلة مكتب المدعي العام. كما نفى محاميه الجنائي «مانويل أويي» (Manuel Ollé)، امتلاك «غالي» صلاحيات أو قدرة على التصرف في الأحداث المنسوبة إليه والتي تتراوح من الاختفاء القسري إلى الإبادة الجماعية على يد القوات العسكرية. كما قال، في ذلك الوقت، في البداية كوزير للدفاع ولاحقًا كرئيس، كان "في مواجهة طوارئ الحرب" ولا شيء أكثر من ذلك. لخص أولي نفسه موقفه أمام وسائل الإعلام من خلال التأكيد على أن الشكاوى "سياسية" ويسعى إلى استخدام غالي كـ"ضحية" لصيد سياسي.
يتفق القاضي «سانتياغو بيدراز» مع محامي «غالي» في أن رواية المدعين لا تكشف عن أدلة كافية للمقاضاة ضد زعيم البوليساريو، ولا يوجد خطر بالفرار أو إتلاف الأدلة أو عرقلة العدالة التي تبرر إجراء يضر بحقوقه الأساسية، مثل الحبس المؤقت أو منعه من مغادرة إسبانيا. ومع وقوف مكتب المدعي العام على نفس الخط وفي مواجهة الاتهامات التي طالبت بالاحتجاز المؤقت أو سحب جواز السفر، فقد وافق على أن يظل «غالي» على حاله، أي طليقًا ومن دون تدابير احترازية. هذا الغياب للقيود هو ما سمح له بمغادرة إسبانيا وإنهاء التعافي في تندو، حيث يقيم.
الحكومة الإسبانية والمغرب
جددت مصادر مغربية لـ "ABC"، أمس، أن خروج «غالي» من إسبانيا لن ينهي الأزمة الدبلوماسية المفتوحة. في أعماقها، ترى الرباط فرصة تاريخية للضغط على إسبانيا وللحكومة للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.