الإيطالية نيوز، الجمعة 21 مايو 2021 - قال الخبير الجيو-إستراتيجي والكاتب الإيطالي، «ماسيميليانو بوكوليني» (Massimiliano Boccolini)، اليوم الجمعة، إن إقدام اسبانيا، بتنسيق مع الجزائر، وفي تجاهل تام للمغرب، على استضافة زعيم ميليشيات انفصاليي "البوليساريو" بهوية مزورة، يعتبر تصرفا لا "يمكن التسامح معه".
وأضاف «بوكوليني»، في مقال تحليلي بعنوان "المغرب – إسبانيا ، دقت ساعة عدم تسامح الدبلوماسية المغربية"، نشر على الموقع الإخباري "Formiche" (فورميكي) أن "قرار السلطات الإسبانية بعدم إبلاغ نظيرتها المغربية بقدوم زعيم ميليشيات "البوليساريو" هو فعل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا، أخذ المغرب علما كاملا به. وسيستخلص منه كل التبعات".
واعتبر الخبير الإيطالي أن استقبال «إبراهيم غالي» المتابع قضائيا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وبانتهاك حقوق الإنسان، يعتبر بمثابة"خيانة للمغرب".
ويرى «بوكوليني» أنه بهذا التصرف تكون إسبانيا قد "تجاهلت روح حسن الجوار والشراكة" مع المغرب الذي هو شريك دائم للاتحاد الأوروبي، و لإسبانيا بالخصوص في "تدبير تدفق المهاجرين من إفريقيا إلى القارة العجوز".
وتابع مؤكدا على أن المغرب في طليعة التعاون الدولي من أجل مكافحة الإرهاب" ويضطلع بدور محوري في محاربة تهريب المخدرات وفي التعاون في ميدان الهجرة".
وسجل «بوكوليني» أن موقف السلطات المغربية وردها على خطوات إسبانيا كان متوقعا .
الجدير بالذكر، بشأن هذا الموضوع الشائك حاليا، أن المغرب، في 24 أبريل، استدعت وزارة خارجية الرباط السفير الإسباني، «ريكاردو دييز هوشليتنر رودريغيز» (Ricardo Díez-Hochleitner Rodríguez)، لطلب توضيح بشأن قضية «غالي» التي تعتبرها الرباط "خيانة للشراكة بين المملكتين الجارتين وللاتفاقيات المبرمة بينهما".
كما كشفت السلطات المغربية للدبلوماسي الإسباني معارضتها للموقف الذي اتخذته السلطة التنفيذية الإسبانية، معتبرة أنه غير عادل، كما أكدت لسفير مملكة إسبانيا أهمية موضوع وحدة الأراضي للشعب المغربي، كون الصحراء عنصر أساسي وجزء لا يتجزأ من الترابي الوطني للمملكة المغربية. وحذرت الرباط من أن "تجاهل هذا الواقع يعني العمل ضد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
وكانت السلطات المغربية قد استنكرت في بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية المغربية استقبال إسبانيا لزعيم الجبهة الإنفصالية بمبرر الاستفادة من العلاج في إطار الحالات الإنسانية "إن الاعتبارات الإنسانية لا تبرر المناورات التي تتم من وراء شريك وجار ولا يمكن أن تفسر جمود النظام القضائي الإسباني، الذي يتم إبلاغه بالشكاوى الموثقة فيما يتعلق بقضية غالي".
ثم طلب المغرب من إسبانيا توضيحات، منطقية بالإضافة إلى موقفها من قضية الصحراء (رفض المغرب استقبال رؤساء إقليم كتالونيا الذين نظموا استفتاء بشأن الانفصال عن مملكة قشتالة أو البقاء في حضنها، فكانت نتيجة الاستفتاء الإنفصال)، لكنه لم يتوصل بأي ردود صريحة أو تعاون في في قضية «إبراهيم غالي»، الذي ينعم بالعلاج الطبي في إسبانيا من دون غيره من الصحراويين المحتجزين في معسكرات تندوف. أدى ذلك إلى توقف حرس الحدود في الرباط، مساء يوم 16 مايو، عن القيام بدوريات على الحدود مع جيب سبتة. وهكذا تمكن المزيد والمزيد من الناس من اجتياز الحواجز التي تفصل شواطئ التراب الإسباني عن الشواطئ المغربية. لقد فعلوا ذلك بكل الطرق الممكنة: السباحة والتجديف أو تسلق المنحدرات التي تميز الحدود بين البلدين. هذا الموقف من السلطات المغربية لم يفاجئ الجميع في إسبانيا التي كانت تتوقع ردة فعل قوية بسبب إهمال الرد عن قضية «غالي»، حتى لو أظهرت للعالم الدور الذي تلعبه الرباط حتى الآن في الدفاع عن الحدود الأوروبية. الآن أغلقت الحكومة المغربية مرة أخرى المعابر الحدودية مع إسبانيا بعد وصول ما بين 8000 و 9000 مهاجر غير نظامي إلى سبتة في غضون 48 ساعة.
وقال مصدر دبلوماسي في الرباط لموقع "فورميكي" إن "المغرب الذي يعتبر شريكا مهما من حيث الأمن الإقليمي، واصل بذل جهود كبيرة لتعزيز مراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية. لقد أصر دائمًا على أن إدارة تدفقات الهجرة تظل مسؤولية مشتركة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، رافضًا مرارًا وتكرارًا القيام بدور الشرطي الأوروبي".
وأضاف "المشكلة الآن أن الرباط تُركت وحدها للتعامل مع هذه المشكلة وبعد تصرفات مدريد قررت إرسال إشارة بهذا المعنى. "بالإضافة إلى الجانب الأمني الصارم، فإن الإدارة الصحيحة لتدفقات الهجرة تتطلب بالتالي اعتماد نهج منسق بين بلدان ضفتي البحر الأبيض المتوسط ووضع استراتيجيات هجرة منسقة ومتماسكة تأخذ في الاعتبار سياسات التنمية والتشجيع على الهجرة النظامية كمصدر ثروة للمجتمعات".
وجهة نظر يشاركها أيضًا جزء من الرأي العام الإسباني. اتهمت صحيفة "ABC" الإسبانية الحكومة الائتلافية بزعامة الاشتراكي «بيدرو سانشيز» (Pedro Sanchez) بارتكاب "أخطاء لا تُغفَر" ضد المغرب "الحليف الاستراتيجي". وكتبت الصحيفة الإسبانية في مقال افتتاحي أن "إسبانيا ارتكبت خطأ جسيمًا في تعريض علاقاتها مع المغرب للخطر" عندما سمحت رئاسة الحكومة لنائب الرئيس التنفيذي السابق «بابلو إغليسياس» (Pablo Iglesias) بالحكم في قضية الصحراء، متجاهلة بذلك الدعم الأمريكي للمغرب. وأشارت "ABC"، في افتتاحيتها، إلى أن "هذا قد سلط الضوء على أوجه القصور الهائلة في دبلوماسيتنا والسطحية التي يتعامل بها رئيس الحكومة «بيدرو سانشيز» مع السياسة الخارجية للبلاد."
واختتمت صحيفة مدريد اليومية "في الدبلوماسية، تعتبر الإيماءات الرسمية مهمة مثل المصالح الأساسية." ومع ذلك، لم يحسب «سانشيز» الثمن الذي يجب دفعه، وبالتالي احتقر المغرب، الذي يجب دائمًا اعتباره حليفًا استراتيجيًا، مهما كانت حدة التوترات."
في الواقع، فإن الجديد في هذه القضية، والتي تمثل عنصرًا ذا أهمية كبيرة لتأطير جذور الأزمة بمعنى أوسع، تعود إلى 22 ديسمبر 2020 مع توقيع المغرب والولايات المتحدة ـ قبيل مغادرة «دونالد ترامب» (Donald Trump) للبيت الأبيض ـ وإسرائيل على إعلان ثلاثي يشمل اعتراف واشنطن الرسمي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل تطبيع المملكة المغربية علاقاتها رسميا وعلانية مع إسرائيل. اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء صدر في بيان أخر رسميًا مؤخرًا من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، مؤكداً استعداد إدارة «جو بايدن» (Joe Biden) لاحترام نهج سلفه «دونالد ترامب» في هذه القضية.
وختم الدبلوماسي المغربي تصريحه لـ"فورميكي" قائلا: "مع ذلك، يشكون من الرباط بدلاً من الترحيب بهذا التقدم الدبلوماسي الكبير، الذي يبرز أهمية اقتراح المملكة بالحكم الذاتي الواسع للأقاليم الجنوبية في إطار السيادة المغربية، كإطار للحل النهائي لهذه المسألة قبل في الأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أظهر العديد من شركائنا التقليديين نهجًا عدائيًا صريحًا اتجاه بلدنا، على الرغم من المصالح المشتركة الواسعة والتعاون متعدد الأوجه الذي ربطهم بالمملكة .