ووفقا لما ذكرته الحكومة الإيطالية، على موقعها الإلكتروني، جرى خلال الاجتماع مناقشة محاور الأجندة الأوروبية، ولا سيما إدارة تدفقات الهجرة وآفاق الاستقرار في ليبيا ووسط إفريقيا، تحت شعار تعزيز التعاون بين إيطاليا وفرنسا.
ومن منظور القرارات المتعلقة بالهجرة التي ستعرض على المجلس الأوروبي المقبل، شارك الزعيمان في الحاجة إلى تنسيق وثيق ومستمر بين روما وباريس بهدف دور أكثر ثباتًا للاتحاد الأوروبي في إفريقيا.
القمة، التي استمرت قرابة الساعة، هي إحدى المراحل العديدة في التقارب بين إيطاليا وفرنسا: مسار تصالح وانسجام بدأ مع وصول «ماريو دراغي» إلى "بالاتسو كيجي" (مقر إقامة رئيس الوزراء) وتم تسريعها أيضًا بفضل الإنهاك التدريجي للمعان نجمة «أنجيلا ميركل». بعد إن اختفت عن الرادار مقارنة بالحضور شبه المستمر في كل قمة أوروبية، خاصة عندما يكون «ماكرون» حاضراً أيضًا، يبدو المستشارة اليوم ضعيفة وبعيدة بشكل متزايد عن القرارات ذات الصلة. ربما يعزى ذلك إلى وجود الانتخابات على الأبواب ولا تسطيع أن تأخذ التزامات تضر بالحملة الانتخابية لزعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الجديد. (Cdu).
وبالتالي، في هذه المرحلة، يتعين على «ماكرون» و«دراغي» تولي زمام الاتحاد الأوروبي على جبهة البحر الأبيض المتوسط. لقد أطلق الصيف القادم بالفعل العنان لخشية وصول آلاف الأشخاص إلى سواحل أوروبا، وخاصة إيطاليا. بالأخص، بعد تلك الأحداث التي ظهرت قبل أيام قليلة للمهاجرين الذين هاجموا سبتة، وهي أحداث مرعبة وصادمة تعطي صور واضحة جدًا لما ينتظر جنوب أوروبا أثناء انتظار موسم وصول المهاجرين.
«دراغي» يبحث عن «ماكرون»: لكن الإليزيه متوقف
يعرف «دراغي» أن إيطاليا لا تستطيع بمفردها تكبح قوارب المهاجرين غير النظاميين من منابع الإنطلاق. هذه الحقيقة أدركها واستوعبها جيدا أيضا «بيدرو سانشيز» بنفسه، فحتى سنوات قليلة مضت لم يكن "منتبهًا" تمامًا للمشاكل الإيطالية، هاهو اليوم يتحدث بالفعل عن إمكانية التنسيق الإيطالي-الإسباني على جبهة المهاجرين. لكن الآن يجب أن يقتنع «ماكرون» بهذا، ويجعله أمر رئيسي ومهم لفرنسا ولأوروبا بأكملها، تماما مثل قلقه بشأن الانتخابات الرئاسية العام المقبل ومتابعته عن كثب تحركات «مارين لوبان» في السباق على الإليزيه، ومن دون أن يخطئ في مسألة الهجرة.
يشير اجتماع اليوم إلى أول تغيير له وزن معين في المنطق الأوروبي: تسعى روما وباريس إلى التنسيق من أجل زيادة فعالية الاتحاد الأوروبي في إفريقيا. وبالتالي أيضًا لإدارة مشكلة الهجرة من جذورها. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أنه في فرنسا، تعد إفريقيا مشكلة مختلفة تمامًا عن الطريقة التي تنظر بها إيطاليا إليها، وهذا يؤثر بشكل كبير على قرارات "الإليزيه" الخاصة بالقارة.
في هذا السياق، تتلاقى المصالح الفرنسية والإيطالية على فكرة تجنب تدخل الدول الأخرى في منطقة إفريقيا الوسطى وفي المنطقة الليبية: لكن من الواضح أيضًا أن روما في تلك المنطقة لها وزن لا يضاهي وزن باريس. وهذا، بالإضافة إلى التاريخ، يرجع إلى حد كبير إلى اختيارات "أبناء العمومة" من خارج جبال الألب، وهم في كثير من الأحيان أول من يعيق وصول الإيطاليين إلى منطقة الساحل وفي مناطق نفوذهم الوثيق.
ما يمكن أن تفعله إيطاليا
إن الشك يكمن في أن «ماكرون» في هذه اللحظة يعرف جيدًا ما تريده إيطاليا، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع تقديم ضمانات بشأن آلية أوروبية تخاطر بوقوعه في شرك. في إفريقيا، يريد دورًا أكبر للاتحاد الأوروبي ويسعى للتنسيق مع «دراغي»: لكنه لا يستطيع أن يمنحه مساحة كبيرة. والدليل على ذلك هو "فرقة العمل تاكوبا"، وهي بعثة أوروبية بقيادة فرنسا لدعم عمليات باريس في المنطقة. أما على جبهة العلاقات الأوروبية، يعتبر نقل المهاجرين بالتأكيد حلاً مفيدًا لإيطاليا، ولكنه أقل بكثير لفرنسا ومن يحكمها. سيكون الأمر أشبه بعرض رأس المرء على لوحة الانتخابات المقبلة وهذا بالتأكيد لا يمكن تحمله في ضوء الانتخابات الرئاسية لعام 2022. بينما فيما يتعلق بالعلاقات بين رؤساء الحكومات والدول الأوروبية، يعتبر «دراغي» محاورًا ممتازًا، لكن «ماكرون» بالكاد يمنحه القيادة: صولجان يبدو أقرب إلى "سوبرماريو" في غياب الخاطبين من القارة القديمة. في هذه اللحظة يعرف جيدًا ما تريده إيطاليا، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع تقديم ضمانات بشأن آلية أوروبية تخاطر بوقوعه في شرك.
أمل إيطاليا في فرنسا
يبدو أن الإمكانية الوحيدة لإيطاليا هي الأمل في أن تكون فرنسا مقتنعة بالدعم الأوروبي فيما يتعلق بإخراج المشكلة من الخارج لضمان إدارة التدفقات بشكل مباشر في دول شمال إفريقيا: لكن خطر الابتزاز المستمر يبقى دائما محتملا وقائما، كما يتضح من ما حدث مع المغرب وتركيا. لذا، يجب على أوروبا عامة، وإيطاليا خاصة، باعتبارها من الدول الأكثر تضررا من الهجرة غير النظامية، أن تحسم مع تونس اتفاقا بحلول الصيف، أما ليبيا، فهي لا تزال تفتقر إلى سلطة معترف بها.