وجاء كلام «سعيد» في 18 أبريل، خلال الاحتفال بيوم قوى الأمن الداخلي، بحضور رئيسي الحكومة، «المشيشي»، والبرلمان، «راشد الغنوشي»، وكبار المسؤولين الأمنيين. وبحسب تفسير الدستور التونسي لعام 2014، فإن رئيس الوزراء هو الذي يتحكم في عمل قوى الأمن الداخلي، وكذلك وزارة الداخلية. لكن سعيد ذكر في خطابه أنه هو أيضًا قائد القوات المسلحة والأمنية المدنية، وفقًا لتفسيره الخاص للنص الدستوري، رغم أنه حدد أنه لا يريد "احتكار" هذه القوات، بل إنه مجرد احترام الدستور التونسي.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس الدولة إلى المادة 46 من الدستور المعتمد مع «الحبيب بورقيبة» وإلى نص عام 1959، موضحًا أن جميع القطاعات التي لها علاقة بالسلاح تخضع لسيطرة رئيس الدولة، كما في النص المعمول به حاليا، لا يوجد تمييز بين القوات العسكرية والمدنية. وعلاوة على ذلك، بالنسبة لرئيس الدولة التونسية، فإن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى المناصب العليا العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بالأمن الوطني، بعد التشاور مع رئيس الوزراء، ووفقًا للقانون، لا يوجد فصل بين القوات المسلحة بمفهوم يشمل الجيش وقوى الأمن الداخلي، حيث تتعلق جميعها بحماية واِستتباب الأمن في البلاد.
من جانبه، رد «المشيتشي» على تصريحات «قيس سعيد» قائلاً: "لا داعي لقراءات فردية وغريبة، علاوة على ذلك، مستنبطة من السياق". كان ينبغي لتونس أن تنشئ محكمة دستورية للفصل في نزاعات من هذا النوع بحلول عام 2015، لكن السلطات التونسية لم تنجح قط في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الشخصيات التي سيتم تعيينها داخل المحكمة.
هذا وأثارت تصريحات الرئيس التونسي، التي أدلى بها أمس، مخاوف من خلاف جديد بشأن الفصل بين السلطات، في وقت تشهد فيه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، منذ نحو ثلاثة أشهر، أزمة سياسية ودستورية أدت إلى تصاعد مستمر سبّب تباعد بين بين رؤساء الدول والحكومات والبرلمان. على وجه الخصوص، رفض «قيس سعيد» استقبال 11 من الوزراء الجدد الذين اختارهم «المشيشي» في قصره الرئاسي كجزء من تعديل حكومي. هؤلاء الوزراء المعنيين، انتظروا اعتبارا من 26 يناير أداء اليمين بعد أن عارض «قيس سعيد»، بالإضافة إلى تعريف التعديل بأنه "غير دستوري" من وجهة نظر إجرائية، تعيين أربعة من الوزراء المختارين، بتهمة الفساد. أخيرًا وليس آخرًا، سلط «سعيد» الضوء مرارًا وتكرارًا على افتقار الفريق الجديد إلى الشخصيات النسائية. ولكن بموجب الدستور التونسي، لن يتمكن الوزراء من القيام بالمهام الموكلة إليهم إلى أن يؤدي الوزراء اليمين.
علاوة على ذلك، فإن «المشيشي» هو الذي يلعب مؤقتًا دور وزير الداخلية، وهو موقف لا يفضله «سعيد» بالكامل، وفقًا لبعض المحللين. علاوة على ذلك، قد يكون الهدف من كلام الرئيس هو تجنب تعيين أعضاء الجهاز الأمني الموالين لرئيس الوزراء، الذين يمكن أن يعارضوا بشدة حركات سياسية تونسية معينة في المستقبل. وبحسب ناشط سياسي، يمكن للرئيس التونسي أن ينظر إلى الأجهزة الأمنية على أنها تهديد لسلطته. على أية حال، وبغض النظر عن هدف «قيس سعيد»، فإن كلماته تظهر خاتمة نحو حوار وطني يمكن أن يشفي الخلافات.