وتمثل زيارة «الدبيبة» إلى موسكو أول زيارة رسمية يقوم بها الممثل الليبي المنتخب في 5 فبراير إلى روسيا. خلال المفاوضات، ركز «الدبيبة» و«ميشوستين» بشكل أساسي على مناقشة القضايا المتعلقة بقطاعات الاقتصاد والطاقة والبنية التحتية. وأكد رئيس الوزراء الروسي أنه في عام 2020، وبسبب أزمة الوباء، تراجعت التجارة بين البلدين بمقدار 120 مليون دولار. قالت روسيا إنها مستعدة لبذل كل ما في وسعها لتهيئة ظروف تجارية مواتية، من أجل إحياء العلاقات الاقتصادية الروسية الليبية. علاوة على ذلك، شدد الكرملين على أهمية إنشاء، من المرحلة الجنينية للنشاط الحكومي في طرابلس، خط الاستثمار الذي تنوي الدولة اقتراحه على موسكو، وذلك لضمان الأمن للمستثمرين.
وتحتاج الشركات الروسية الكبيرة التي وقعت في عهد الرئيس الليبي الراحل «معمر القذافي» اتفاقيات مع طرابلس إلى ضمانات للحفاظ على استثماراتها. لقد عرضت روسيا، باعتبارها قوة عالمية في قطاع الطاقة والبنية التحتية، على ليبيا دعمها لتوسيع التعاون أيضًا في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والنقل. وشدد «ميشوستين» في نهاية كلمته على أهمية معالجة القضايا المذكورة أعلاه في شكل اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون العلمي والفني والاقتصادي التي توحد البلدين.
في وقت لاحق، التقى «الدبيبة» مع «لافروف»، الذي أشار إلى التقدم الكبير الذي جرى إحرازه بفضل تنصيب الحكومة الليبية الجديدة. ومن بين أولويات الحكومة، شدد «لافروف» على ضرورة ضمان توحيد الدولة والمؤسسات الاقتصادية والعسكرية لإعداد البلاد للانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر 2021. علاوة على ذلك، كررت روسيا خلال المحادثات أن على الجهات الدولية الفاعلة دعم السلطات الليبية في الفترة الانتقالية، مستشهدة بالدور التنسيقي الرئيسي الذي تلعبه الأمم المتحدة، وفقًا لقرارات مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، الذي عقد في 19 يناير 2020، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2510، الذي أقر وقف إطلاق النار الدائم والتزام الدول الأعضاء بدعم نتائج المؤتمر المذكور.
كما أجرى رئيس الوزراء الليبي خلال زيارته لموسكو محادثات هاتفية مع رئيس الاتحاد الروسي «فلاديمير بوتين» (Vladimir Putin). وبحسب ما أورده المكتب الإعلامي للكرملين، شدد «بوتين» على استعداد موسكو لمواصلة تعزيز العملية السياسية الليبية الداخلية، من أجل تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا. وأكدت موسكو على ضرورة تعزيز السيادة الليبية ووحدتها، وكذلك ضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية التقدمية.
وبحسب صحيفة "كوميرسانت" الروسية، فإن الحكومة الليبية الجديدة، التي وعدت بتوحيد شرق وغرب ليبيا، لا تزال في مرحلتها الأولية. من المهم أن تتذكر هذه الأخيرة أن روسيا، خلال الأزمة الليبية، لم تعترف أبدًا بدعم مرتزقة "فاجنر"، المصطفين إلى جانب قائد الجيش الوطني الليبي، «خليفة حفتر»، الرجل القوي في طبرق. على المستوى الرسمي، ذكرت الصحافة الروسية أن موسكو حافظت دائمًا على اتصالات مع السلطات في الشرق والغرب. ومع ذلك، فإن مسألة وجود المرتزقة الأجانب في ليبيا - ليس فقط الروس، ولكن أيضًا الأتراك - تمثل عقدة يجب حلها بالنسبة للحكومة الجديدة في ليبيا. وأوضحت "كوميرسانت" أن السلطات الليبية الجديدة طلبت سحب جميع المرتزقة الموجودين في المنطقة. في هذه المرحلة، فإن أهم سؤال يجب الإجابة عليه هو: "كيف تنوي روسيا التصرف في هذا الاتجاه؟". وفقًا للمحللين الروس، من المحتمل أن تساعد زيارة «الدبيبة» لموسكو في تسليط الضوء على هذا الجانب. قد توافق موسكو على إبعاد المرتزقة مقابل فرص تجارية وعقود في ليبيا. على الرغم من ذلك، يتساءل المراقبون عما إذا كانت هذه الضمانات ستكون كافية في النهاية لتأمين المصالح الروسية على المدى الطويل.