الأهداف التي حددت موسكو نفسها لتحقيقها في المنطقة ليست اقتصادية فحسب، بل اجتماعية أيضًا. وتلتزم الحكومة في الوثيقة بتهيئة بيئة ملائمة للعيش لحل المشكلات الاجتماعية من أجل جذب المزيد من المستثمرين وتحفيز الإنتاج الصناعي وضمان سلامة المنطقة.
في 19 أبريل، وقّع رئيس وزراء البلاد، «ميخائيل ميشوستين» (Mikhail Mishustin)، خارطة طريق تتضمن 268 مشروعًا لتطوير القطب الشمالي. هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا، لا سيما بالنظر إلى أنه بسبب الاحتباس الحراري، فإن ذوبان الأنهار الجليدية سيجعل طرقًا جديدة يمكن الوصول إليها والملاحة والتي ستلعب دورًا رئيسيًا في التنمية الاقتصادية للبلاد. من بين أهم الأهداف التي وضعتها موسكو لتنفيذها بعد عام 2022، تجديد وتحديث أسطول كاسحات الجليد، وهو أمر ضروري لطرق العبور الجديدة، وتطوير مركز الأبحاث.
تعد خارطة الطريق ضرورية لوضع الخطط التي تجعل من الممكن جعل المنطقة ذات الخصائص الطبيعية والمناخية المتطرفة أكثر ملاءمة، بحيث تكون قادرة على التغلب على العقبات التي تجعل القطب الشمالي أقل سهولة وجاذبية. بالنسبة لمشاريع تحسين الظروف المعيشية للمواطنين الذين يعيشون في المنطقة، ستبدأ موسكو سلسلة من الإصلاحات التي من شأنها تحسين مراكز الرعاية الصحية والطبية بشكل كبير، والتي ستكون مرتبطة جيدًا بأحياء المنطقة بفضل المزيد من المشاريع التنموية وتعزيز وتطوير نظام النقل العام. بالإضافة إلى ذلك، من المخطط تقديم حوافز اقتصادية للموظفين الذين سيتعين عليهم السفر إلى المنطقة الكلية للعمل ولتطوير مقترحات لتوفير رعاية طبية عالية التقنية. من بين الأهداف المأمول بلوغها، سيكون الاتصال الجوي مركزيًا بفضل بناء مطار. وإنشاء بنى تحتية لزيادة الاستكشاف الجيولوجي للمنطقة.
فيما يتعلق بالنقل، سيتم اقتراح آليات دعم حكومية لضمان تسليم البضائع بنسبة %100 حتى في المناطق النائية. تنص الوثيقة أيضًا على إعادة بناء مطار "مورمانسك" (Murmansk)، وبناء طريق "ناريان-مار-أوسينسك" (Naryan-Mar-Usinsk) السريع، وتوسيع موانئ "بيفيك" (Pevek) و"سابيتا" (Sabetta) البحرية، وتطوير الصناعة.
أصبحت منطقة القطب الشمالي منطقة أخرى للمنافسة الشديدة بين الدول بسبب الطرق البحرية العديدة التي ستفتح بسبب تغير المناخ واحتياطيات الموارد الطبيعية والمعادن الثمينة، ولكن قبل كل شيء بسبب الموقع الاستراتيجي الذي تحتله. في هذا السياق، يتم التفاعل بين الفاعلين الدوليين في المنطقة على خلفية تشابك جيوسياسي معقد، يشهد تجدد المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة، وبالتوازي مع الخصومة المتزايدة بين واشنطن وبكين. ومع ذلك، في الوقت نفسه، تأخذ العلاقات الروسية الصينية بشكل متزايد سمات الشراكة الاستراتيجية.
جدير بالذكر أن روسيا تعمل أيضًا على زيادة وجودها العسكري في المنطقة لتأمين طرق تجارية جديدة من آسيا إلى أوروبا. لتأكيد هذا الموضوع، كشفت صور الأقمار الصناعية الأخيرة للمنطقة القطبية الشمالية عن تكديس حاد للقواعد والمنشآت العسكرية الروسية على طول الساحل. هناك العديد من المطارات والقواعد البحرية والموانئ ومهابط الطائرات التي تعود إلى الحقبة السوفيتية التي تخضع للتحديث والتجديد. من بين المواقع القطبية الشمالية، تركز موسكو وجودها في المنطقة الشرقية، في جزيرة "كوتيلني" (Kotel'nyj)، بينما كان هناك نشاط في الغرب بالقرب من المطار العسكري "ناغورْسكويِي" (Nagurskoye) الواقع في أرخبيل فرونسوا جوزيف. كما يشهد الوجود الروسي في إقليم "بروفيدينيا" (Provideniya) وجزر "رانجيل" (Wrangel) في الشمال الشرقي.