وتأتي هذه الخطوة بعد حوالي خمسة أشهر من الجولة الثالثة من المحادثات بين مندوبين إسرائيليين ولبنانيين، بوساطة أمريكية، بهدف حل نزاع حول 860 كيلومتر مربع من الأراضي البحرية الغنية بالنفط والغاز، الواقعة في جنوب لبنان، والتي تمتد على طول حدود ثلاث كتل للطاقة في جنوب لبنان، في حوض البحر الأبيض المتوسط. وتجادل كل من إسرائيل ولبنان بأن هذه المنطقة تقع ضمن منطقتهما الاقتصادية الخالصة.
حتى الآن، لا تزال القضية من دون حل، وبعد اجتماع 11 نوفمبر 2020، لم تجتمع الأطراف المعنية مرة أخرى. ومع ذلك، فإن الخطوة الأحادية الجانب التي أعلن عنها «نجار» في 12 أبريل تخاطر بإذكاء خلافات جديدة، بعد أن طلبت بيروت تضمين أراضيها 1430 كيلومترًا مربعًا إضافيًا، موطنًا لحقلي غاز، أحدهما موضوع أنشطة استكشاف بموجب امتياز إسرائيلي.
ويبدو أن التعديل الجديد للمرسوم، بحسب الوزير اللبناني، يشمل 1430 كيلومترًا مربعًا إلى 860 كيلومترًا مبدئيًا، ما يجعل مساحة المنطقة المتنازع عليها تساوي 2290 كيلومترًا مربعًا. ومع ذلك، لا يزال التعديل يتطلب توقيعات وزير الدفاع ورئيس الوزراء ورئيس لبنان حتى يدخل حيز التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم طلب رسمي إلى الأمم المتحدة لتسجيل الإحداثيات الجديدة للمنطقة الاقتصادية الخالصة.
من جهة، قال «ميشال نجار» إنه واثق من نفسه، وأكد أن بلاده غير مستعدة للتنازل حتى عن "شبر واحد من أراضيها أو قطرة من مياهها أو ذرة من كرامتها". من جهة أخرى، شدد وزير الطاقة الإسرائيلي، «يوفال شتاينتس» (Yuval Steinitz)، على أن الخطوة اللبنانية تخاطر بتقويض المسار الذي سلكته محادثات 2020 ومعها إمكانية الحل. علاوة على ذلك، قال «شتاينتس»، إن إسرائيل مستعدة للرد على الإجراءات الأحادية الجانب للبنان بطريقة مماثلة. في موازاة ذلك، بعثت الولايات المتحدة عبر سفيرتها في لبنان «دوروثي سي شي» (Dorothy C. Shea) رسالة إلى السلطات اللبنانية أكدت فيها استعداد إسرائيل للانسحاب من المفاوضات في حال الموافقة على التعديل.
وبحسب مصادر سياسية لبنانية استطلعت عليها صحيفة "العرب" ، فإن قرار وزير الأشغال العامة يهدف إلى استفزاز إسرائيل من أجل إنهاء المفاوضات. وهذه الأخيرة، بحسب المصادر، ما زالت موضع جدل بين القوى السياسية في بيروت.
والجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة، جرى العثور على حقلي غاز طبيعي على الأقل في الأراضي المستصلحة، وهو عنصر زاد من حدة التوترات بين لبنان وإسرائيل. هذه الأخيرة، على عكس الخصم اللبناني، تستفيد بالفعل من اكتشافات الغاز البحري في حوض البحر الأبيض المتوسط. من جانبها، منحت بيروت في عام 2017 "ائتلافا تجاريا"، يتشكل من شركة "إيني" (Eni) الإيطالية وشركة "توتال" (Total) الفرنسية وشركة نوفاتيك (Novatek) الروسية لإجراء أول استكشاف بحري في كتلتين أحدهما محل نزاع مع إسرائيل. ومع ذلك، غالبًا ما أعاقت الخلافات بين البلدين أنشطة الاستكشاف.
على الرغم من أن المفاوضات كانت تتعلق فقط بالحدود البحرية، إلا أن لبنان يطالب منذ سنوات بما يسمى بمزارع شبعا، ما يقرب من كيلومتر مربع لم ينسحب منه الإسرائيليون في عام 2000، في نهاية احتلال جنوب البلاد. يضاف إلى ذلك الجدار الذي تبنيه إسرائيل. بالنسبة لبيروت، فإن هذا الجدار يعبر جزءًا من الأراضي التابعة للبنان، وفقًا لما يسمى بـ "الخط الأزرق" الذي حددته الأمم المتحدة. من الجانب الآخر، الجدار يمس فقط الأراضي الإسرائيلية.