يعود إعلان وزير الخارجية التركي، مولود «جاويش أوغلو»، إلى 12 مارس، حيث ورد أن "الاتصالات الدبلوماسية" بين تركيا ومصر "قد بدأت"، من دون أن يحدد أي من الجانبين أي شروط مسبقة. لكن الآن، وبعد نحو شهر، كشفت مصادر في قناة "العربية" أن القاهرة قررت التراجع، وعلّقت المحادثات الهادفة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية والاتصالات في الأمور الأمنية "حتى إشعار جديد".
ومن المحتمل أن يكون قرار مصر في تعليق ترميم علاقاتها مع تركيا يتأسس على وجود خلافات بشأن ملفين: الأول يخص ليبيا، حيث لم تسحب أنقرة بالكامل بعد المرتزقة الذين أرسلتهم، دعما لجيش طرابلس، خلال النزاع، رغم أن اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 حددت يوم 23 يناير 2021 كموعد نهائي لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة. من جهتها، طلبت أنقرة، إضافة إلى تمديد تفويض قواتها في ليبيا، مزيدًا من الوقت لسحب جنودها ومستشاريها. من ناحية أخرى، دعت القاهرة إلى انسحاب فوري وغير مشروط، كعلامة على احترام السيادة الليبية. كما تم تقديم طلب مماثل لـ "الدول العربية" التي توجد فيها تركيا عسكريًا.
بالإضافة إلى ذلك، توجد قضية أخرى تتعلق بدعم الإخوان المسلمين. على الرغم من تعليق تركيا لبعض الأنشطة المتعلقة بالحركة الإسلامية، إلا أن مصر دعت إلى اتخاذ إجراءات دائمة ضدها، فضلاً عن تسليم «يحيى موسى» و«علاء السماحي»، وهما عضوان في "حركة سواعد مصر" المعروفة باسم "حسم"، وهي منظمة صنفتها الولايات المتحدة "إرهابية" في 14 يناير. وفي هذه الحالة أيضًا، كشفت مصادر أن أنقرة لم تعارض مطالب القاهرة التي تهدف أساسًا إلى معارضة الإخوان المسلمين، لكنها طلبت مزيدًا من الوقت لتنفيذ الإجراءات المخطط لها بشكل تدريجي. ومع ذلك، رفضت مصر أيضًا، في الوقت الحالي، اقتراح تركيا الرامي إلى عقد اجتماع في القاهرة قبل نهاية أبريل.
وسبق أن كشفت مصادر لقناة "العربية" أن السلطات التركية أصدرت توجيهات بوقف البرامج السياسية على القنوات التلفزيونية الفضائية لمعارضي النظام المصري الحالي، التي تبث من اسطنبول، ومنها "وطن"، "الشرق" و"مكمّلين" بشكل نهائي وترحيل المخالفين إلى خارج البلاد.
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية المصري، «سامح شكري»، في 14 مارس، أنه للحديث عن تطبيع حقيقي، يتعين على أنقرة أولاً تكييف إجراءاتها مع مبادئ القاهرة، بالإضافة إلى تغيير سياساتها بشكل ملموس، في حتى لا يقوض استقرار المنطقة ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول. وقال «شكري» "الكلمات لا تكفي"، مؤكداً أن هذه يجب أن تكون مصحوبة بالأفعال.
قطعت تركيا ومصر الاتصال في عام 2013، بإقالة الرئيس المصري آنذاك، الراحل «محمد مرسي»، عضو جماعة الإخوان المسلمين، الذي حل محله «عبد الفتاح السيسي». بالنسبة لأنقرة، لا يمكن الإطاحة برئيس منتخب ديمقراطياً بانقلاب عسكري، ومنذ صعود «السيسي» إلى السلطة، انتقد الرئيس المصري وأنصاره، بما في ذلك بعض الدول الغربية وخصوم الخليج نظام «إردوغان» ووصفه بكونه "نظام إخواني وإرهابي". من جانبها، حثت الحكومة المصرية مرارًا تركيا على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لمصر. كان هذا الجدل على وجه التحديد هو الذي أعاق محور أنقرة-القاهرة، على الرغم من أنه، كما أوضح «جاويش أوغلو» نفسه، لم ينه البلدان تمامًا علاقتهما. وقال الوزير على وجه الخصوص إنه التقى "بين الحين والآخر" مع نظيره المصري «شكري» في اجتماعات دولية مختلفة.