الإيطالية نيوز، الإثنين 19 أبريل 2021 ـ على الرغم من عدم تحديد موعد محدد حتى الآن، فإن إعلان وزير الخارجية التركي، «مولود جاويش أوغلو»، عن لقاء بين مندوبين من تركيا ومصر، يعطي الأمل في أنه بالإضافة إلى التقارب على المستوى الدبلوماسي، فإن البلدين على استعداد لإعادة إطلاق التعاون الاقتصادي والتجاري.
وكان «جاويش أوغلو» قد أعلن، في 15 أبريل الجاري، عن أن وفدا من بلاده سيتوجه إلى مصر في الأسبوع الأول من مايو المقبل. وفي هذا السياق، كشفت مصادر مقربة من المجلس التركي المصري المشترك، أن الاجتماع يمكن أن يعطي دفعة جديدة للأنشطة الاقتصادية للبلدين، بعد العلاقات الاقتصادية التجارية، بما في ذلك تحويلات رؤوس الأموال، التي تميزت بالحذر خلال السنوات السبع الماضية.
وبحسب المصادر ، فإن رغبة أنقرة هي "تحريك المياه الراكدة". في الوقت نفسه، وفقًا لبعض الخبراء الاقتصاديين، تأمل تركيا، من خلال التصالح مع مصر، أن تتمكن من حل المشكلات والخلافات التي نشأت بشأن استغلال موارد الغاز والنفط في منطقة شرق المتوسط ، في ضوء مركزية القاهرة في منتدى غاز شرق المتوسط وفي الأنشطة المتعلقة بتجارة الغاز في المنطقة.
في الواقع، في السنوات الأخيرة، على الرغم من الخلافات السياسية، فإن التجارة بين القاهرة وأنقرة، على الرغم من تباطؤها، لم تتوقف تمامًا. وبحسب موقع "العرب"، تسبب الانفصال بين البلدين في انخفاض حجم التبادل التجاري من 5 مليارات دولار قبل الانقلاب عام 2013 إلى 2.5 مليار دولار في الفترة التالية. في الوقت نفسه، أظهرت بيانات من البنك المركزي المصري أن واردات الدولة الواقعة في شمال إفريقيا من تركيا بلغت 1.68 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي، بينما بلغت أنشطة التصدير إلى أنقرة 737.6 مليون دولار.
بلغ حجم الاستثمار التركي المباشر في مصر قرابة 2.5 مليار دولار من خلال 230 مصنعًا يعمل بها أكثر من 52 ألف عامل مصري. من جانبها، حاولت تركيا مرارًا وتكرارًا مضاعفة قيمة استثماراتها، لكن المخاوف من الانهيار تعني أن رواد الأعمال اتبعوا سياسة محافظة، في غياب رؤية واضحة طويلة الأجل. ومع ذلك، تحتل أنقرة المرتبة 27 في قائمة الدول المستثمرة في مصر، وفقًا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار. والقطاعات الأكثر تضررا من استثمارات أنقرة هي المنسوجات والملابس والأغذية والكيماويات والتعدين والزجاج ومشاريع السياحة.
وبحسب تقارير المدير التنفيذي لجمعية رواد الأعمال المصريين، «محمد يوسف»، المرتبط أيضًا بمجلس الأعمال التركي المصري، فإن تركيا تواصل الاستثمار بانتظام ، وبالفعل توسع أنشطتها التجارية والاقتصادية باستمرار، في ضوء معدلات الربح المسجلة داخل السوق المصري. عن هذا الموضوع، أعلن «محمد يوسف» لاحقًا أن حكومة القاهرة أرادت، منذ بداية الخلاف، الحفاظ على الاستثمارات التركية في مصر. لهذا السبب، لم تتوقف عمليات الاستثمار مطلقًا، وأتيحت لرجال الأعمال دائمًا فرصة التحرك بحرية، ما سمح للبلدين بعدم مقاطعة أنشطتهما التجارية تمامًا. وقال المدير التنفيذي الآن، إن مصر مستعدة لمواصلة السير على نفس المسار، لكنها تحتاج إلى إشارات واضحة من نظيرتها لتكون قادرة على إلغاء تلك الأنشطة المتوقفة للحفاظ على الأمن القومي المصري.
يتضمن الميزان التجاري بين البلدين مجموعة واسعة من المنتجات. تستورد مصر زيوت البترول ومنتجات الحديد والصلب ومنتجات صناعة السيارات والسجاد والأواني المنزلية والورق والكرتون والمناديل الصحية والحفاضات والحبوب وخاصة العدس والأجهزة المنزلية والخشب والأسمنت والفواكه المجففة من تركيا. في المقابل، تصدر مصر البولي بروبلين، وأسمدة اليوريا، والملابس الجاهزة، والمنسوجات، والخيوط القطنية، والألياف الزجاجية، والأسلاك الكربونية السوداء والنحاسية، وإطارات الحافلات والشاحنات، ورمل السيليكا، والبولي إيثيلين، ومنتجات الحديد المسحوب والصلب، والفواكه والخضروات والأثاث المصنوع يدويًا الإطارات.
كما توي "العرب"، في نهاية عام 2017 ، حاولت بعض المنظمات التجارية التركية تعزيز التقارب من أجل تقليل الخسائر. وفي هذا الصدد، نظمت منظمة شبه حكومية تعرف بـ"الاتحاد التركي للغرف والبورصات" زيارة إلى القاهرة شارك فيها وفود من حوالي 11 شركة تركية من مختلف القطاعات. واعتبر الاجتماع وسيلة لإرسال إشارات إيجابية لمصر، بعد حصار استمر أكثر من ثلاث سنوات، ولإظهار استعداد أنقرة لاستئناف التعاون الاقتصادي.
في السياق الحالي، ستساعد محاولات التقارب مع مصر في حل عدد من المشاكل التي تواجهها أنقرة، بما في ذلك مطالب العديد من المنتجين المصريين بفرض رسوم جمركية على المنتجات التركية. في الوقت نفسه، بحسب البعض، تعيد تركيا صياغة علاقاتها الدولية وفقًا لمصالحها، مدركة أن "مثلث القوة في إنتاج الغاز" بشرق المتوسط، الذي يضم مصر وقبرص واليونان، قد يتسبب في خسائر مع مرور الوقت. ومع ذلك، يبدو أن الميزان التجاري مع مصر لصالح السلع التركية، ما يعني أن أنقرة ستكون قادرة على الاستمرار في الوجود في السوق المصرية، وبمجرد حل الخلافات السياسية، ستواصل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.