الإيطالية نيوز، الثلاثاء 20 أبريل 2021 ـ لقي «إدريس ديبي»، رئيس تشاد المعاد انتخابه حديثًا، حتفه اليوم الثلاثاء وهو يقاتل على الجبهة ضد مجموعة من المتمردين، بعد يوم واحد من إعلان فوزه بولاية رئاسية سادسة.
وبشأن فوز «ديبي» في الانتخابات، يُظهر تقييم أجراه معهد الدراسات الأمنية (ISS) كيف حدث التلاعب بالعملية الانتخابية في تشاد من خلال استخدام «ديبي» للقوة والقمع، ما أدى إلى تمرد مسلح فقد حياته فيه.
ذهب التشاديون إلى صناديق الاقتراع في 11 أبريل لإجراء الانتخابات الرئاسية، وهي السادسة منذ إدخال نظام التعددية الحزبية في عام 1990. وشهد التصويت معارضة حركة الإنقاذ الوطني (MPS)، حزب «ديبي»، الذي فاز في كل انتخابات منذ عام 1996، وله حضور قوي في جميع أنحاء البلاد، ما يجعل المعارضة مجزأة للغاية مع تمثيل وطني محدود. وعلى الرغم من تشكيل العديد من التحالفات، إلا أن المعارضين فشلوا في تشكيل جبهة مشتركة لدعم مرشح واحد. في الواقع، تفككت بعض التحالفات قبل الانتخابات بفترة طويلة.
وبحسب النتائج المؤقتة، فإن الرئيس «ديبي»، الذي يتولى السلطة منذ 31 عامًا، كان فاز بولايته السادسة بنسبة %79.3 .
وذكرت وسائل إعلام أفريقية أن الدستور علّق، بعد وفاته، أن مجلسًا عسكريًا سيتولى مهامه، بقيادة الجنرال «محمد كاكا»، المعروف أيضًا باسم «محمد إدريس ديبي إتنو»، نجل «إدريس». ومن المتوقع أن تظل الحكومة المؤقتة في السلطة لمدة 18 شهرًا.
في هذا الصدد، بلغ التوتر السياسي السائد في البلاد قبل الانتخابات ذروته في أعمال العنف المسلح التي بدأت في اليوم نفسه الذي جرى فيه التصويت، عندما دخلت الجماعة المسلحة المعروفة "جبهة التغيير والكونكورد في تشاد" (FACT) إلى البلاد من ليبيا. ونفّذت هجومًا مرتبطًا تحديدًا بالانتخابات الرئاسية. ردا على ذلك، كانت الحكومة قد ذكرت أن المجموعة قد هربت بالفعل بعد هذا الاشتباك الأول. ومع ذلك، عاد المسلحون للهجوم، جنوبا، في اتجاه العاصمة، في 17 أبريل. أعلنت "جبهة التغيير والكونكورد في تشاد" علانية عزمها على عزل الرئيس «ديبي»، المتَّهم بإدارة السلطة بطريقة استبدادية. ومع ذلك، تميّزت فترة ما قبل الانتخابات بالعديد من الأحداث التي تسببت في عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية.
وفي هذا السياق، أفادت الأنباء أن «صالح كبزابو»، زعيم "حزب الاتحاد الوطني من أجل الديمقراطية والتجديد" (UNDR)، كان قد سحب، في 1 مارس، ترشيحه للانتخابات الرئاسية. جاء قراره بعد أن داهمت القوات الحكومية منزل «يايا ديلو»، المرشح الأخر الممثّل للمعارضة، في 28 فبراير، وقتلت بعض أفراد عائلته. في ضوء ذلك، اتهم «كبزابو» الرئيس التشادي باستخدام القوة لترهيب خصومه السياسيين، واصفًا اقتحام منزل «ديلو» بـ "هجوم عسكري".
في وقت إعلان انسحابه، كان «كبزابو» قد صرّح بأن الرئيس بهذه الطريقة سيكون قادرًا على "التعتيم" على الحملات الانتخابية لخصومه.
وفيما يتعلق بالترشيحات الرئاسية، تلقّت المحكمة الدستورية التشادية ما مجموعه 17 ترشيحا للسباق الرئاسي، جرت الموافقة على 10 منها فقط. وكان من بين الذين رفضوا «يايا ديلو». وبعد الهجوم على منزل «ديلو»، انسحب ثلاثة مرشحين، بمن فيهم «كبزابو». كان المعارضون الأخرون الذين كانوا يعتزمون تحدي «ديبي» أعضاء في أحزاب صغيرة ليس لها قاعدة شعبية حقيقية أو برنامج سياسي واضح، ما خلق مناخًا مناسبًا لانتصار «ديبي» السادس.
وخاض مرشحو المعارضة، سواء الذين رُفضوا أو الذين انسحبوا طوعا من السباق الرئاسي، مظاهرات لعدة أسابيع ضد ترشيح «ديبي» السادس. وفي رد فعل معارض، خرج مئات الأشخاص إلى الشوارع، في 6 فبراير، للاحتجاج على الرئيس. بشكل عام، حدث في السنوات الأخيرة تنظيم العديد من الإضرابات والاحتجاجات ضد «ديبي» بسبب المشاكل الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط والثورات المسلحة في شمال البلاد والاستياء الشعبي من سلوكه الاستبدادي.
أما في الأشهر التي سبقت التصويت، لجأ الرئيس المهيمن المقتول، للحفاظ على هيمنته السياسية، إلى السيطرة على وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة، إضافة الى حظر التظاهرات العامة للحد من ردود الفعل المعارضة واحتواء السخط الاجتماعي. وهذه القرارات أدت إلى اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة واعتقال المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني. بالإضافة إلى ذلك، جرى حظر المناقشات التفاعلية على المنصات الإعلامية طوال فترة الانتخابات وانقطع الوصول إلى الإنترنت الوطني بانتظام.
أما الانتخابات التشريعية التي جرت آخر مرة قبل حوالي 10 سنوات ، فقد حُدّد موعدها بعد الاقتراع الرئاسي.
تقييم الشعب لحكم الرئيس «ديبي»
أظهر المجتمع المدني موقفه المستاء من حقيقة أنه خلال قيادة ديبي، فشل الوضع الاجتماعي والسياسي فيما يتعلق بالقضية التي اعتبرتها الحكومة وشركاؤها الاستراتيجيون أولوية، وهي محاربة الإرهاب. هنا، نجد التذكير بأهمية موقع تشاد على الخريطة، فتشاد تقع بين منطقة الساحل شبه القاحلة الشاسعة وبحيرة تشاد، وهما منطقتان تأثرتا بتمرد الجهاديين عام 2012 في شمال مالي. يحد تشاد شمالا ليبيا، البلد الذي أصبح في السنوات العشر الأخيرة بؤرة تفريخ الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة والمرتزقة، وشرقا من قبل السودان، أحد الدول التي شهدت النزاعات السياسة المستنِدة على قوة صوت السلاح.
فرنسا، الأم المرضعة لنظام ديبي
أهم شريك استراتيجي لتشاد هي فرنسا، التي تعد حاليًا أكبر قوة عسكرية غربية تساهم في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. في 1 أغسطس 2014، حلت عملية "برخان" محل عملية "سرفال"، التي بدأت في 10 يناير 2013. منذ بدء المهمة المناهضة للجهاديين في منطقة الساحل في عام 2013، والتي كلّفت باريس ملايين الدولارات، قُتل 55 جنديًا فرنسيًا. علاوة على ذلك، وبعد مناقشات حول انسحاب جزئي محتمل لفرنسا من المنطقة، في 15 يوليو 2020، حدث نشر "فرقة عمل تاكوبا"، المكوَّنة من القوات الخاصة لبعض الدول الأوروبية بهدف مواجهة أنشطة الجماعات المسلحة، وليس فقط الجهاديين في منطقة غرب إفريقيا والساحل، بالتنسيق مع جيشي مالي والنيجر والدول الأوروبية المعنية، وهي بلجيكا وجمهورية التشيك والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والبرتغال والسويد والمملكة المتحدة وإيطاليا.