س: ماذا تطلبون من المجتمع الدولي وكيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يشترك في المفاوضات؟

ج:المساعدة في حل الأزمة اليمنية تتطلب من المجتمع الدولي ممارسة أقصى الضغوط على مليشيا الحوثي للكف عن انتهاج العنف لتحقيق مكاسب سياسية والجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك يتطلب كذلك ممارسة ضغوط حقيقية على النظام الإيراني لوقف دعمه لمليشيا الحوثي والالتزام بقرار مجلس الأمن 2216 بشأن عدم توريد السلاح للانقلابيين.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فنحن نطالبه بإقامة شراكة حقيقية مع الحكومة اليمنية ودعمها بكل السبل الممكنة لتحقيق السلام الشامل والدائم في اليمن.


س: وهل هناك دور لإيطاليا؟

ج: كما أود أن الفت انتباه الحكومة الإيطالية الصديقة إلى قضية مهمة ضمن القضايا المتعددة في الملف اليمني وهي قضية خزان النفط صافر الذي يشكل تهديدا بيئيا كبيرا ليس فقط على البحر الأحمر الذي يشترك في بيئة بحرية واحدة مع البحر الأبيض المتوسط، ولكن أيضا على البحار المجاورة، فالخزان يحتوي على أكثر من مليون برميل من النفط الخام وهو خزان متهالك بالإمكان أن يحدث تسريب أو انفجار في أي وقت وترفض مليشيا الحوثي السماح لفريق فني أممي من الوصول الى الخزان لتقييم وضعه واجراء الإصلاحات الأولية، وذلك وفقا لما دعا له مجلس الأمن في جلسه خاصة بتاريخ 15 يوليو 2020، ونتمنى أن نرى انخراط أكبر من الحكومة الإيطالية في هذا الملف والتحرك على مستوى الاتحاد الأوروبي للضغط على مليشيا الحوثي لمعالجة هذه المسالة ونزع فتيل كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية على اليمن والمنطقة والدول الأوروبية المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط.


س: إلى أين وصلتم مع الحوثيين في المفاوضات، وفي المبادرة التي أطلقتها السعودية؟

ج: رحبت الحكومة اليمنية بالمبادرة السعودية المكونة من أربعة نقاط من منطلق حرصها على إنهاء الانقلاب والحرب وتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعانيها الشعب اليمني، وقد تعاملنا بكل إيجابية مع الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام مارتن غريفيث والمبعوث الخاص الأمريكي تيم ليندركينج.

بالمقابل هناك ردود متناقضة من قيادات المليشيات الحوثية حيث ترفض المبادرة السعودية، كما تستمر المليشيات بالتصعيد العسكري في محافظة مأرب وتقصف مخيمات النازحين والأحياء السكنية بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية وتواصل استهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، ما يؤكد أن هذه المليشيات لا تملك قرارها وإنما هي أداه إيرانية لتنفيذ مشروع إيران التوسعي في اليمن والإقليم.


س: كيف تقيمون قصف الحوثي لمأرب وتعز وغيرها وكذلك استهداف مناطق سعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ؟

ج:عقيدة العنف والحرب والعدوان متأصلة في الحركة الحوثية وتمتد الحرب الحوثية على اليمنيين لسبعة عشرة سنة مضت ولا يتوقع من هذه الحركة سوى الاستمرار في العنف والعدوان واستهداف الأحياء السكنية ومخيمات النازحين والأعيان المدنية. وتجدر الإشارة إلى أن الحركة الحوثية تؤسس لدورة مستقبلية من العنف من خلال تغيير مناهج التعليم، ونشر أفكار هدامه وتربية الأطفال على كراهية الآخر واستعدائه كما تقييم مليشيا الحوثي مخيمات صيفية للأطفال لتكريس أفكارها الشمولية والعنصرية ونشر خطاب الكراهية. فهذه حركة لا يقتصر خطرها على اليمن والاقليم فقط بل أن ما تحمله من أفكار شمولية وعنصرية يجعلها تهدد الأمن والسلم في العالم.


س: سلمتم مجلس الأمن تقريراً اتهمتم فيه الحوثيين بالتعاون مع تنظيمي داعش والقاعدة، هل هناك أي تجاوب من مجلس الأمن؟

ج: العلاقة بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية هي امتداد لنفس العلاقة بين النظام الإيراني وتلك التنظيمات، والتقرير الذي أشرتم إليه هو أول تقرير من نوعه تسلمه الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن، وليس بالضرورة أن يكون هناك تجاوب مباشر مع التقرير باعتبار مجلس الأمن يمثل إرادات الدول المكونة له، ولكن ما يهم في الأمر هو الاستمرار في كشف تلك العلاقة وخطورتها على اليمن والإقليم والسلم والأمن الدوليين وطبيعة هذه الجماعة الإرهابية التي لم تترك محرما أو محظورا إلا استخدمته لتحقيق أهدافها السياسية، ونأمل أن يدرك المجتمع خطورة هذه الجماعة.


س: على أي أساس قام التعاون بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية؟

ج: هناك علاقة تعاون بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية حيث يعتبران الحكومة اليمنية عدوا مشتركا لكلامها، فبمجرد سيطرة المليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة بما فيها جهازي الاستخبارات (الأمن السياسي والأمن القومي) استولت المليشيات على كافة المعلومات في الجهازين وقامت بالتلاعب بتلك المعلومات واستغلالها لبناء علاقة وثيقة مع عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، وقد شمل التعاون بين المليشيات وهذه التنظيمات الإرهابية التعاون الأمني والاستخباراتي، وإطلاق عناصر تلك التنظيمات لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق الحكومة، وتوفير ملاذ آمن للعديد من أفراد هذه التنظيمات الإرهابية، وتنسيق العمليات القتالية في مواجهة قوات الشرعية، وتمكين عناصر التنظيمات الإرهابية من تشييد وتحصين معاقلها، وإصدار وثائق مزورة لعناصر من القاعدة وداعش.


س: الحكومة اتهمت سابقا الأمم المتحدة بالتقاعس، وهناك شخصيات اتهمتها كذلك بدعم الحوثيين، كيف تقيمون هذه الاتهامات؟

ج: نحن في الحكومة نقدر الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في اليمن وخاصة دورها الإنساني، ولكن بالتأكيد فقد رافق هذا الدور الكثير من القصور والإشكاليات الحقيقية، والأمر مرتبط بدرجة أساسية بتواجد المقرات الرئيسية للأمم المتحدة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية، حيث اتخذت المليشيات تلك المكاتب والموظفين كرهائن لديها تفرض عليهم ما تريد من سياستها، ومن يرفض توجهاتها تقوم بطرده، كما فرضت على المنظمات تقديم اعتمادات ومبالغ مالية لما يسمى “المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية” (SCMCHA)، وهناك جوانب فساد كبيرة تقوم الأمم المتحدة بالتحقيق بشأنها، وقد كشفت عنها وكالة أسوشيتد برس الأمريكية في أغسطس 2019، ولدينا الكثير من الشكاوي من ممثلي المنظمات الدولية الذين طردتهم المليشيات بسبب رفضهم الخضوع لإملاءات المليشيات. ولدينا مثال حي وهي بعثة UNMHA في الحديدة حيث عطلت عملها المليشيات الحوثية وجعلت منها مجرد رهينة لا تستطيع التحرك أو القيام بأي مهام.
مقابل ذلك، لم تقم تلك المنظمات بدورها الحقيقي في محافظة مأرب التي تأوي أكثر من 2 مليون من النازحين الذين فروا من بطش وعنف المليشيات، حيث لا يزال دور المنظمات في المحافظة متواضع جدا رغم الاحتياجات الكبيرة والملحة، بسبب تحكم المليشيات في صنعاء بالمساعدات المخصصة لمحافظة مأرب.
كما لم تدن تلك المنظمات الهجمات المتكررة للمليشيات على مخيمات النازحين في مأرب والأمر أيضا مرتبط بتواجد المراكز الإعلامية للمنظمات في صنعاء والتي تدار من قبل موظفين محليين فرضتهم المليشيات الحوثية، وهنا يمكن تفسير صمت المنظمات عما جرى ويجري للمهاجرين الأفارقة في صنعاء وعما يجري في مأرب مقارنة بصوتها المرتفع الذي لعب دورا مهما في منع تحرير محافظة الحديدة نهاية العام 2018.
لقد طالبنا مرار بإنهاء المركزية وإنشاء مراكز مستقلة عن صنعاء للإغاثة في مأرب وغيرها من المحافظات بعيدا عن تحكم وسيطرة المليشيات الحوثية، كما ناشدنا المنظمات بنقل مقراتها إلى مناطق الحكومة لتقوم بخدمة كل اليمنيين دون تأثير وتحكم المليشيات الحوثية، ودون تحقق ذلك سوف تستمر المليشيات بنهب المساعدات وبذلك ستسمر معاناة اليمنيين.


س: الى أي نقطة وصلتم في المواجهات العسكرية مع الحوثيين وهل خيار الحسم العسكري ما زال قائما، أم هناك بوادر للسلام؟

ج: خلال العامين الماضين لم تهاجم القوات الحكومة أي نقطة عسكرية حوثية أملا في تحقيق السلام، وموقف الجيش الوطني دفاعي ويقتصر على صد هجمات الانقلابيين الحوثيين، وما زالت المليشيا الحوثية مستمرة في عدوانها وهجومها على محافظة مارب ولكنه هجوم عبثي لا ينتج عنه سواء مزيد من الدماء وأعداد كبيرة من القتلى في صفوف المليشيا مع عجز كامل عن تحقيق أي تقدم على الأرض، فتلجأ الى استهداف المدنيين ومخيمات النازحين بالصواريخ الباليستية، وموقف المليشيا مازال متعنت وتعرقل جهود إحلال السلام.