كان حظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ساري المفعول في ميانمار منذ عام 1991، وجرى تمديده في عام 2000 وجعله أكثر صرامة.
على مدى ثلاثة عقود، كانت الدول الأوروبية تخشى أن ينتهي الأمر بالأسلحة في قوات الأمن والجيش، والتي لها تاريخ طويل في التدخل في الحياة السياسية في ميانمار: حتى بعد بدء الانتقال إلى الديمقراطية في عام 2011، واصل الجيش ممارسة الكثير من السيطرة على السياسة الوطنية، غير متخلّين أبدا عن السلطة. في السنوات الأخيرة، كانوا مسؤولين أيضًا عن الاضطهاد الرهيب لأقلية الروهينجا العرقية، والتي أطلق عليها البعض "الإبادة الجماعية".
لكن في الماضي، حدث بالفعل أن الأسلحة والذخائر الأوروبية، بما في ذلك الأسلحة الإيطالية، انتهى بها المطاف في ميانمار: في عام 2015، كانت هناك حالة شحنة من البنادق البحرية أنتجتها شركة "أوتو ميلارا" (Oto Melara) الإيطالية والتي وصلت إلى البحرية البورمية.
في هذا السياق، أوضح «جورجو بيريتّا» (Giorgio Beretta)، المحلل في "المرصد الدائم للأسلحة الخفيفة وسياسات الأمن والدفاع" (أوبال) في "بريشا"، أن الفرضية الأكثر احتمالية في ذلك الوقت هي أن الذخيرة الإيطالية الموجودة في ميانمار - والتي للوهلة الأولى تنتمي إلى رصاصة للبنادق - وصلت من خلال ما يسمى بـ "التثليث"، أي مروراً ببلد تستطيع إيطاليا فيه نظرياً تصدير الأسلحة والذخيرة.
أما بالنسبة للأسلحة والذخائر العسكرية، فالتصدير والتثليث محظوران بموجب القانون الإيطالي وتراقبهما وزارة الخارجية، وتميل الشركات إلى احترامهما. تمتلك "كيدّيتي" أيضًا ترخيصًا لتصدير ذخيرة عسكرية منذ عام 2014، لكن وفقًا لتحليل "أوبال"، لم تستخدمها أبدًا حتى عام 2019: إشارة إلى أنه ليس من المعتاد بيع مثل هذه المنتجات في الخارج. أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، في اتصال مع صحيفة "إل_بوست"، أن "كيدّيتي" لم تستخدم ترخيصها حتى في عام 2020.
بالنسبة للأسلحة والذخيرة "الشائعة"، وهي أخف من الأسلحة العسكرية، يكون التثليث أسهل: في الواقع، يسمح القانون 110 لعام 1975 بتصديرها بإذن من رئيس شرطة المقاطعة التي يوجد بها مقر الشركة وشهادة الجمارك، بينما بالنسبة للمشتري لا توجد قيود على إعادة البيع.
يزعم موقع "إيراوادادي" الإخباري في ميانمار الذي أبلغ عن حالة الخرطوشة الإيطالية التي جرى العثور عليها في "يانغون"، أنه حدد شحنة من ذخيرة البنادق المباعة إلى ميانمار من تايلاند قبل عامين في قاعدة بيانات تديرها الأمم المتحدة. جرى بيع شحنة مماثلة من إيطاليا إلى سنغافورة ثم من سنغافورة إلى تايلاند. ومع ذلك، لا يوجد دليل على أنها الذخيرة نفسها.
في اتصال مع صحيفة "إل بوست"، أوضح كاتب المقال على موقع "إيراوادادي" أنه "بالحكم من المعلومات العامة، من المستحيل حاليًا تحديد كيفية وصول الرصاص إلى ميانمار".
وفي بيان نشره إيراوادادي ، قالت الشركة الإيطالية "كيدّيتي" إنه لم يسبق لها تصدير منتجاتها إلى ميانمار. اتصلت "إل بوست" بالشركة الإيطالية وطرحت عليها مزيد من الأسئلة حول أصل الرصاصة والخطوات التي جعلتها تصل إلى ميانمار، ولم ترد الشركة، تمامًا كما لم يرد مقر شرطة "ليفورنو" على الأسئلة للتوضيح. من ناحية أخرى، أوضح مسؤول بمصلحة الجمارك أن مثل هذه البيانات "عامة ولكن ليست عامة"، موضحًا أنه سيكون من الصعب استعادتها.
استمرت الاحتجاجات في ميانمار منذ أسابيع. في العديد من المدن، حدث قمع الاحتجاجات بالعنف من قبل الجيش والشرطة: يوم الأربعاء 3 مارس وحده، توفي ما لا يقل عن 38 شخصًا خلال المظاهرات. وتشمل مطالب المتظاهرين إطلاق سراح «أونغ سان سو كي» (Aung San Suu Kyi)، الزعيمة الفعلية السابقة لميانمار، التي اعتقلها الجيش خلال الانقلاب. كان حزبها، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، قد فازت بشكل واضح في انتخابات نوفمبر الماضي، على الرغم من ادعاء الجيش دون دليل على أن النتائج كانت نتيجة تزوير.