وكان الاجتماع هو المرة الأولى التي يلتقي فيها بابا كنيسة روما برجل دين شيعي من هذا المستوى. وجرت زيارة البابا «فرنشيسكو» في منزل السيستاني وهو منزل متواضع مستأجر في أزقة النجف قرب مسجد الامام علي. وكان في استقبال البابا مجموعة من العراقيين بملابسهم التقليدية، وعندما دخل المنزل، أطلق سراح بعض الحمام كرمز للسلام. وعقد الاجتماع منفصلا ولم يكن مفتوحا للصحافة.
«آية الله العظمى علي السيستاني» هو أحد أهم شخصيات الإسلام الشيعي في كل من العراق والخارج، وهو شخصية ذات نفوذ سياسي كبير. كدليل على ذلك، في عام 2005، من خلال مرسومه، "صوت العراقيين" لأول مرة في انتخابات حرة. ثم، في عام 2014، جمع «السيستاني» آلاف الرجال للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفي عام 2019، دعم المظاهرات الجماهيرية للسكان وشجع على استقالة الحكومة التي كانت في ذلك الوقت. لا يمنح «السيستاني» اجتماعات عادة، لدرجة أنه كان سيرفض التحدث مع رئيس الوزراء العراقي في منصبه أو مع سلفه. وبحسب مصدر داخل ديوان الرئاسة العراقية، فإن الشرط الذي وضعه الزعيم الشيعي للقاء البابا هو عدم حضور أي مسؤول حكومي في بغداد.
وبعد لقائه مع «السيستاني»، يتوجه البابا إلى مدينة أور الواقعة في جنوب البلاد، مسقط رأس نبي الله إبراهيم عليه السلام، شخصية محورية في المسيحية والإسلام وأديان إبراهيمية أخرى.
بدأ البابا زيارته للعراق في 5 مارس، واصفا نفسه بأنه "حاج سلام باحث عن الأخوة". وستنتهي إقامته في الدولة الشرق أوسطية في 8 مارس، بعد لقائه مع «السيستاني» والرئيس العراقي «برهم صالح» والسلطات الكردية في أربيل والجاليات المسيحية في بغداد والموصل و"قرقوش". هذه الأخيرة هي أكبر مدينة مسيحية في العراق، حيث أجبر تنظيم داعش سكانها في عام 2014 على الفرار إلى كردستان العراق وتركيا ولبنان والأردن. لهذا السبب، بمجرد وصوله إلى أربيل، سيلتقي البابا بالسلطات الكردية وبعض اللاجئين المسيحيين البالغ عددهم 150 ألفًا الذين لجأوا إلى المنطقة.
وبمناسبة زيارة البابا فرنسيس ، اتخذ العراق إجراءات أمنية استثنائية حيث تأتي الزيارة في وقت تتزايد فيه الهجمات الداخلية في البلاد وخلال ذروة حالات الإصابة بفيروس كورونا. في بغداد ، وخلال لقاء مع مسؤولين عراقيين ودبلوماسيين في القصر الرئاسي ، طلب البابا من العراق منح صانعي السلام فرصة. وفي العاصمة العراقية ، زار البابا كنيسة مسيحية قتل فيها نحو 50 من المؤمنين على يد مسلحين إسلاميين في عام 2010.
رحلة البابا «فرنشيسكو» إلى العراق، والتي تعتبر من أكثر الرحلات خطورة من قبل البابا، هي واحدة من ما يسمى بـ "رحلات الحوار بين الأديان" التي قادته إلى العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، مثل تركيا والأردن ومصر وبنغلاديش، أذربيجان، الإمارات العربية المتحدة والأراضي الفلسطينية. على الرغم من زيادة الأمن في الدولة الشرق أوسطية منذ هزيمة داعش في عام 2017، لا تزال هناك حلقات عنف متكررة تعكس التوترات الإقليمية والدولية.