وبحسب ما أورده المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية «محمد القبلاوي»، فقد وصل الوفد المصري إلى طرابلس للإعلان رسميًا عن افتتاح قنصلية داخل سفارة القاهرة بالعاصمة الليبية، حيث سيبدأ دبلوماسيون ومسؤولون أمنيون في تقديم الخدمات للمصريين المقيمين في ليبيا. هذه خطوة أولى نحو إعادة فتح السفارة المصرية بشكل كامل ونحو استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشمال أفريقيين. وأوضح «القبلاوي»، في هذا الصدد، أن اجتماع يوم أمس يمثل استمرارًا لاجتماع 27 ديسمبر، وهو التاريخ الذي زار فيه وفد مصري رفيع المستوى طرابلس لأول مرة منذ 2014.
وخلال المحادثات، بالإضافة إلى الحديث عن الإجراءات اللوجستية وتوقيت إعادة فتح البعثة الدبلوماسية، هنأ الجانب المصري محاوريه على آخر النتائج المهمة التي تحققت على المستوى السياسي، مع الإشارة بشكل خاص إلى تعيين السلطة التنفيذية الجديدة التي ستقود ليبيا حتى انتخابات 24 ديسمبر 2021. من جانب آخر، أفاد «محمد سيالة» أن طرابلس ستقدم المساعدة اللازمة للوفد المصري، حتى يتمكن من إعادة فتح السفارة، ولضمان تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وليبيا في مختلف المجالات.
وأغلقت السفارة المصرية في طرابلس عام 2014 بعد أن اقتحم مسلحون ليبيون المبنى وخطفوا أربعة أعضاء من السلك الدبلوماسي، أُطلق سراحهم فيما بعد. خلال الأزمة الليبية، وقفت القاهرة إلى جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة «خليفة حفتر»، وحتى بعد وقف إطلاق النار، لم تغادر المشهد تمامًا. في هذا السياق، استضافت مدينة الغردقة المصرية يومي 28 و 29 سبتمبر 2020 إحدى الجولات الأولى لمحادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، والتي حدث خلالها تقديم "توصيات" تعتبر ذات صلة بتثبيت وقف إطلاق النار وتحقيق هدنة دائمة في ليبيا. ومع ذلك، في حين بدت القاهرة خلال سنوات الصراع مهتمة فقط بالشرق الليبي، والآن مع افتتاح القنصلية، يبدو أن البلاد مستعدة لإقامة علاقات مع جميع الأطراف الليبية.
وبحسب صحيفة "العرب"، فإن مصر تحاول بالفعل تقليص حجم الخسائر التي لحقت بليبيا على مدى السنوات القليلة الماضية. وبحسب الصحيفة، فقد سجلت الهزيمة الأخيرة خلال انتخابات السلطة التنفيذية في 5 فبراير، عندما لم يحقق مرشحا القاهرة المفضلان، «عقيلة صالح» و«فتحي باشاغا»، النتيجة المرجوة. ولهذا تحاول الدولة الآن الاستمرار على طريق الدبلوماسية، وكذلك إعادة العلاقات مع غرب ليبيا ومع السلطات التنفيذية المؤقتة، وعلى رأسها رئيس المجلس الرئاسي «محمد يونس المنفي»، ورئيس الوزراء ، «عبد الحميد دبيبة». وكما أوضحت "العرب"، فإن القاهرة ترغب بالتالي في إرسال رسالة إلى تركيا تحذرها من حقيقة أنها لن تلعب وحدها في الغرب الليبي. وتسلط الصحيفة نفسها الضوء على أن "الغياب الدبلوماسي المصري" عن طرابلس ساهم في توفير بيئة مواتية لتركيا التي استمرت في عملياتها العسكرية والسياسية والاقتصادية، بالتعاون مع رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء المنتهية ولايته «فايز السراج» الذي أتاح لها التقدم تدريجياً نحو الغرب.
ومع ذلك، أدركت مصر الآن الحاجة إلى إعادة العلاقات مع تلك الطبقة السياسية في طرابلس التي فقدت الاتصال بها، مما يعزز دورها في عملية المصالحة. ولهذا، بحسب مصادر مصرية، فإن القاهرة مصممة على زيادة وجودها في غرب ليبيا، من أجل الحد من دور أنقرة العسكري والأمني، حيث قد يمثل الوجود التركي عقبة أمام تحقيق الاستقرار في ليبيا. ووفقًا للمصادر ذاتها، سيكون هدف مصر أيضًا منع تركيا من الاستفادة من مرحلة الانتقال السياسي لعرض دور دائم على جماعة الإخوان المسلمين، وهو سيناريو يجب على مصر أن تحاول تجنبه.