وحسب ما أُعلن في التقرير السري الموجه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 18 فبراير، أرسل «إريك برنس» مرتزقة أجانب وأسلحة مقابل 80 مليون دولار إلى الجنرال «حفتر» في عام 2019، وهو العام الذي شن فيه «حفتر» هجوما على طرابلس، في 4 أبريل. كانت المدينة موطنًا لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها رسميًا من قبل الأمم المتحدة، وفي ذلك الوقت بقيادة رئيس الوزراء «فايز السراج»، الذي أراد «حفتر» الإطاحة به. جرى التصدي لهذه العملية بعد ذلك من قبل حكومة الوفاق الوطني في 4 يونيو من العام التالي، أيضًا بفضل التدخل العسكري لتركيا.
على وجه التحديد، تضمنت الصفقة البالغة 80 مليون دولار، التي وافق عليها «حفتر» و«إريك برنس» بعد عشرة أيام من بدء الهجوم على طرابلس، إرسال مرتزقة إلى الجنرال الليبي مسلحين، من بين أمور أخرى، بطائرات عسكرية وهجوم وزوارق حربية ووسائل لشن "حروب معلوماتية": تتمثل في اعتراض وتعديل وتدمير أنظمة معلومات واتصالات العدو، والمضي قدمًا لضمان الحفاظ على توازن نسبي للمعلومات في الجبهة. تتميز هذه الحرب باستخدام التقنيات الإلكترونية والحاسوبية وأنظمة الاتصالات. كان من المفترض أن يشكل رجال «برنس» فريق هجوم لتعقب وقتل القادة الليبيين المعارضين لـ«حفتر»، بما في ذلك بعض الذين هم أيضًا من مواطني دول الاتحاد الأوروبي. بعد أربعة أيام، لاحظت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الاجتماع بين «برنس» و«حفتر» في 18 يونيو، وهو الاجتماع الذي مهد لدعم «ترامب» علنًا الجنرال الليبي. لكن لاحقًا، بعد وصول 20 من مرتزقة «برنس» إلى بنغازي، بدعوى أنهم كانوا متجهين إلى مشروع نفطي، نشأ جدال حول عدم وصول مروحيات من نوع "كوبرا" كان قد وعد بها «حفتر». بعد تصاعد التوترات، في 29 يونيو 2019، غادر مرتزقة«برنس» ليبيا متوجهين إلى "مالطا"، ولكن في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، سيبقى فريق من خبراء الحرب الإلكترونية والمزيد من الطائرات الهجومية، مع أنواع مختلفة من الوثائق، التي عثر عليها محققو الأمم المتحدة لاحقًا. وحسب بعض الصحف، جرى إحضار 3 طائرات على الأقل إلى ليبيا مقابل 10 ملايين دولار.
«إريك برنس» عضو سابق في القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية، وهو شقيق «بيتسي ديفوس» (Betsy DeVos)، وزيرة التعليم السابقة في «إدارة ترامب». حامت انتقادات شديدة حول «برنس» فيما يتعلق بشركته العسكرية الخاصة "بلاك ووتر وورلدوايد" (Blackwater Worldwide)، حيث اتُهم المجندون فيها بقتل 17 مدنياً غير مسلحين في العراق في عام 2007. ثم سُجن أربعة منهم فقط ليصفح «ترامب» عنهم. وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، بعد فضائح أخرى، في العقد الماضي، أعاد «برنس» إطلاق صورته كمسؤول قادر على إبرام صفقات في البلدان الغنية بالموارد ولكنها متأثرة بالصراعات. خلال رئاسة «ترامب»، كان الرجل داعمًا ومانحًا لإدارة الرئيس السابق. أما بالنسبة إلى ليبيا على وجه التحديد، فقد كان لـ«برنس» أعمالًا تجارية في البلاد منذ عام 2013، لا سيما مع «حفتر»، الذي قدم له، على سبيل المثال، طائرة خاصة في عام 2015، ثم استخدمها للتنقل في جميع أنحاء المنطقة.
المزاعم الواردة في التقرير الذي جرى الوصول إليه من قبل واشنطن" "بوست و"نيويورك" تايمز" ستجعل «برنس» عرضة للعقوبات من قبل الأمم المتحدة، والتي تشمل حظر السفر، وتجميد حساباته المصرفية وممتلكاته الأخرى، حتى لو كان هذا الاحتمال يبدو غير مؤكد. رفض الرجل التعاون في تحقيق الأمم المتحدة الذي استمر 18 شهرًا، ورفض محاموه حتى الآن التعليق على الأمر. لكن في عام 2020، قال محاموه لصحيفة "نيويورك تايمز" إن «برينس» لا علاقة له بالعمليات العسكرية في ليبيا.
سيثير التقرير المعني، الذي يحتوي على أسماء مشفرة وقصص صادمة وحسابات بنكية خارجية وعمليات نقل أسلحة سرية في ثماني دول، أسئلة حول ما إذا كان «برينس» قد استغل علاقاته بإدارة «ترامب» لتنظيم العملية في ليبيا. وفقًا للتقرير، سافر صديق «برينس» وشريكه السابق، «كريستيان دورانت» (Christiaan Durrant)، إلى الأردن لشراء "مروحيات كوبرا" أمريكية الصنع من جيش البلاد، وطمأن الأطراف المقابلة بأن لديهم "أي إذن" وأن عمل فريقهم جرت الموافقة عليه "على أعلى المستويات ". لكن المسؤولون الأردنيون وقفوا البيع، ما أجبر المرتزقة على البحث عن طائرات أخرى في جنوب إفريقيا. في هذا السياق، وفقًا لمسؤول غربي لم يذكر اسمه لصحيفة "نيويورك تايمز"، يُزعم أن محققي الأمم المتحدة حصلوا على تنصت على «دورانت» في لوحة مفاتيح البيت الأبيض في يوليو 2019، بعد أن واجهت العملية التي كانت تجرى وقتئذ بعض المشاكل.
بالإضافة إلى ما ذُكر سابقا، توجد مسألة أخرى، التي تبقى مفتوحةً في التقرير المقدم إلى الأمم المتحدة هو مصدر التمويل البالغ 80 مليونًا لعملية المرتزق «إريك برنس». وفقًا لبعض المحللين، قد تكون الإمارات العربية المتحدة. في الوقت الحالي، يُزعم أن إدارة الرئيس الأمريكي، «جو بايدن»، تحاول وقف وصول الأسلحة الأمريكية إلى مناطق عديدة تشهد الصراعات المسلحة، خاصة في الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد، بدأت تحقيقها الخاص.