وربطت مصادر إعلامية مختلفة في العالم العربي زيارة «آل ثاني» المفاجئة بمحاولة قطرية للجمع بين القوى السياسية اللبنانية على طاولة المفاوضات، كما حدث في عام 2008، عندما تم التوقيع عليها في 21 مايو من ذلك العام. أطلق عليه اسم "اتفاق الدوحة" الذي وضع حداً لأزمة سياسية لبنانية استمرت نحو 18 شهراً مع تجنب حرب أهلية محتملة في نفس الوقت. في ظل استمرار الجمود السياسي، يمكن أن تعود الدوحة للعب دور مماثل، بعد أن قدمت الدولة الخليجية بالفعل دعمها المالي للبنان، البلد الذي شهد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية منذ الحرب الأهلية في العراق. 1975-1990 ، تفاقمت بسبب وباء كوفيدـ19 والانفجار المدمر الذي ضرب ميناء بيروت في 4 أغسطس 2020.
لدى استقباله نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وعدد من السفراء، استعرض الرئيس دياب الأوضاع العامة في لبنان والجهود لتأليف الحكومة وما يمكن أن تقوم به قطر لتشجيع الأطراف اللبنانية للإسراع بعملية التشكيل#حسان_دياب @MBA_AlThani_ #لبنان #pcm pic.twitter.com/ieQx0gsmzm
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) February 9, 2021
تضمنت زيارة الوزير القطري مباحثات مع الرئيس اللبناني «ميشال عون» ورئيس مجلس النواب «نبيه بري» ورئيس الوزراء المنتهية ولايته «حسان دياب»، جرى خلالها بحث الوضع العام في لبنان، وما جرى القيام به حتى الآن لخروج لبنان من الجمود السياسي وما يمكن أن تفعله قطر لتشجيع الأحزاب اللبنانية على الإسراع في تشكيل الحكومة. وبالتوازي مع ذلك، جرى تحليل السياق الإقليمي والدولي، فيما جرى تسليط الضوء على ضرورة عدم تأخير تشكيل الفريق الحكومي. وشُكرت الدوحة وأُشيد بالمساعدة الإنسانية والمالية التي قدّمتها في عدة مناسبات، بينها إنشاء جسر جوي بين بيروت والدوحة بهدف إرسال موارد غذائية وأجهزة طبية ومستشفيات ميدانية بسعة 500 سرير لكل منها لمكافحة فيروس كوفيدـ19.
بالتزامن مع زيارة «آل ثاني» إلى لبنان، يوجد رئيس الوزراء اللبناني المكلف «سعد الحريري» في باريس للقاء سياسيين ودبلوماسيين فرنسيين، وكذلك مع الرئيس «إيمانويل ماكرون». واقترح الأخير، عقب حادثة 4 أغسطس، خارطة طريق يجب اتباعها لإصلاح الوضع السياسي اللبناني، تنص على تشكيل حكومة مستقلة، بعيدة عن القوى السياسية، وتتكون من خبراء قادرين على وضع الإجراءات اللازمة هناك إصلاحات قائمة لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور باستمرار. يمثل هذا المسؤول التنفيذي الشرط المطلوب من قبل فرنسا والجهات المانحة الدولية الأخرى لتقديم الدعم الاقتصادي للبنان. من جهته، تعهد «الحريري» بتشكيل فريق حكومي على غرار الفرنسيين اعتبارًا من 22 أكتوبر 2020، وهو اليوم الذي عُيّن فيه رئيسًا للوزراء للمرة الرابعة منذ عام 2015. لكن حتى الآن، لم ينجح رئيس الوزراء المكلف في إنجاز مهمته.
وبحسب ما أوردته صحيفة "العرب"، لا يمكن استبعاد الفرضية القائلة بأن زيارة «آل ثاني» للبنان تمثل رد فعل لمصر، بعد أن عقد سعد «الحريري» اجتماعاً مع رئيس الجمهورية، «عبد الفتاح السيسي» في 3 فبراير، بالقاهرة. لذلك يمكن أن يكون هدف الدوحة كسب مكان في الساحة اللبنانية مع عرقلة دخول مصر. تؤكد قطر، من ناحية، أن لديها القدرات الاقتصادية المناسبة لكسب ثقة بيروت، بينما تمكنت من ناحية أخرى، مع مرور الوقت، من إقامة علاقات مع مختلف الفاعلين السياسيين اللبنانيين، بما في ذلك "حزب الله". في مواجهة هذا السيناريو، يعتقد العديد من المحللين أن قطر تعتقد أن اللحظة قد تكون مناسبة لمحاولة الوصول إلى "اتفاق الدوحة" الجديد. في هذه الحالة، لن يُستبعد التنسيق بين الدوحة وأنقرة، اللّتان ستحاولان معًا تحقيق نصر دبلوماسي كبير، على حساب القاهرة. ومع ذلك، فقد أكد العديد من المحللين أن التوصل إلى اتفاق جديد مثل الاتفاق في عام 2008 ليس بالأمر السهل، لأننا نواجه سياقًا وطنيًا وإقليميًا مختلفًا.