هذا الحكم هو المرة الأولى التي تحكم فيها محكمة خارج سوريا في التعذيب الذي أمر به نظام الرئيس السوري «بشار الأسد». يأمل نشطاء حقوق الإنسان أن يشكل القرار سابقة لقضايا أخرى.
وعرّفت الصحافة الألمانية الرجل على أنه «إياد الغريب» (43 عاما)، أحد عناصر المخابرات السورية الذي اتهم مع مواطنه «أنور رسلان» (57 عاما) بالمشاركة في الاعتقالات وتسهيل التعذيب والسماح بقتل المتظاهرين وبعض الشخصيات المعارضة في سوريا، في السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، التي بدأت في عام 2011، بينما «أنور رسلان» متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية واغتصاب وقتل 58 شخصا في الفترة نفسها.
كلاهما («إياد» و«رسلان») فرا من سوريا طلبا للجوء السياسي في ألمانيا هربا من النظام. ومع ذلك، على عكس معظم اللاجئين، كان الرجلان جزءًا من آلية القمع التي تمارسها الدولة السورية ووجرت محاسبتهما على أفعالهما أمام محكمة ألمانية. قال ممثلو الادعاء إن «إياد غريب» نقل ما لا يقل عن 30 متظاهرا مناهضا للحكومة إلى سجن سري بالقرب من دمشق يعرف باسم "الخطيب"، أو "القسم 251" للتعذيب. وطالبت النيابة بالحكم على «إياد» بالسجن خمس سنوات ونصف. من ناحية أخرى، اقترح الدفاع التبرئة بحجة أن المتهم كان يمكن أن يُقتل إذا لم يتبع أوامره.
وعلّق وزير الخارجية الألمانية «هايكو ماس» (Heiko Maas)، على هذه المحاكمة ووصفها بـ"التاريخية".
Das ist ein historisches Urteil. Es ist das erste Urteil, was Verantwortliche für #Folter in #Syrien zur Rechenschaft zieht und es schafft zumindest ein wenig Gerechtigkeit. Die Entscheidung hat für viele Menschen nicht nur in Syrien eine hohe symbolische Bedeutung. https://t.co/wLEeYHUNqw
— Heiko Maas 🇪🇺 (@HeikoMaas) February 24, 2021
وقال كوميتات على حسابه الرسمي على تويتر:"هذا حكم تاريخي. إنه أول حكم يحاسب المسئولين عن الأحداث في سوريا، وهذا على الأقل يخلق بعض العدالة. للحكم معنى رمزي هام لكثير من الناس، ليس فقط في سوريا." وهو التعليق نفسه الذي تقاسمه المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، «دينيس كوميتات» (Dennis Kumetat).
وأفاد الدفاع أنه على الرغم من أن الرجل ساعد في سجن المحتجين على النظام السوري، إلا أنه في النهاية لم ينفذ أوامر رئيسه بإطلاق النار عليه. انشق «إياد» في عام 2012 وفر من سوريا بعد عام. بعد أن أمضى بعض الوقت في تركيا واليونان، وصل إلى ألمانيا في 2018 حيث تعرف عليه بعض الأشخاص الذين كان مسجونين، وكثير منهم وصلوا إلى ألمانيا كلاجئين. جرى اعتقاله في عام 2019، إلى جانب المسؤول السوري الكبير السابق، «أنور رسلان»، عند رفع القضية إلى محكمة كوبلنز، استند المدعون الألمان إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية في القانون الدولي، الذي يسمح بمحاكمة جرائم الحرب التي يرتكبها الأجانب في دول أخرى.
خلال 10 أشهر من الجلسات، شهد أكثر من 12 رجلاً وامرأة سوريين على الانتهاكات التي تعرضوا لها في مركز احتجاز "الخطيب". كما فحصت المحكمة آلاف الصور التي التقطها ضابط شرطة من سوريا، والتي تظهر ضحايا التعذيب الذي حدث في السجن السري.
بشأن هذا الموضوع، كتبت «سارة كيالي»، باحثة سورية في هيومن رايتس ووتش، على تويتر: "هذا القرار التاريخي، بفضل جهود السوريين المذهلين، هو بداية طريق نحو عدالة كاملة في سوريا".
صدر الحكم!
— Sara Kayyali (@skayyali1) February 24, 2021
محكمة ألمانية في #كوبلنز تدين المتهم إياد أ. بالضلوع في جرائم ضد الإنسانية في #سوريا.
هذا الحكم التاريخي الذي جعلته جهود السوريين ممكنا هو بداية الطريق نحو عدالة أشمل في سوريا https://t.co/rY3c2yRrH9 pic.twitter.com/KUA0FPykvL
لا تزال محاكمة «أنور رسلان» مستمرة ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر 2021. كان الرجل البالغ من العمر 58 عامًا أحد رؤساء «إياد» وهو متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب الإشراف على انتهاكات 4000 سجين، ما تسبب وفاة ما لا يقل عن 58 شخصًا في معتقل الخطيب بين عامي 2011 و 2012. وأفادت النيابة العامة أن السجناء في المنشأة عُلّقوا من الرسغين، وتعرضوا للصعق بالصدمات الكهربائية، والضرب حتى فقدان الوعي، وتعرضوا بطريقة تعذيب تسمى " دولاب "العجلة"، حيث جرى إجبار الضحايا على الصعود في إطار شاحنة ليتم صعقهم.