ولكن من هو «جيك أنجيلي» وبماذا يؤمن أتباع "كيو أنون"؟ الشاب البالغ من العمر 32 عامًا والذي يحمل لقبًا إيطاليًا هو ممثل طموح من ولاية "أريزونا"، وهو يتردد بانتظام على المظاهرات السياسية اليمينية المتطرفة التي نظمت في ولايته في العام الماضي. يسمي نفسه "شامان كيو أنون" وهو من أشد المؤيدين لنظرية المؤامرة التي تنص على وجود مؤامرة سرية افتراضية نظمتها بعض القوى الخفية للعمل ضد رئيس الولايات المتحدة «دونالد ترامب». يدّعي "كيو أنون" أن ترامب يحارب "عصابة الدولة العميقة" المكونة من مشتهي الأطفال والمتاجرين بالبشر. لعبت الحركة التي تقف وراء هذه النظرية دورًا مهمًا في تنظيم احتجاجات "أوقفوا السرقة" (Stop the Steal)، التي أقيمت على مستوى البلاد في الشهرين التاليين لانتصار «جو بايدن» كرئيس جديد للولايات المتحدة.
الشامان هم سحرة دينيون يقولون بأن لديهم قوة تتغلب على النيران، ويستطيعون إنجاز الأمور عن طريق جلسات تحضير الأرواح التي فيها تغادر أرواحهم أجسامهم إلى عوالم الروح أو تحت الأرض حتى تستمر بمعالجة المهمات. الغرض الرئيسي للشامان في أي مكان هو المعالجة. يسيطر الشامان الناجح على الأرواح التي يعمل معها، ويستطيع (كما يدعي) التواصل مع الموتى. يدرب الشامان أحياناً بواسطة "سيد الشامانات" والذي يكون أكثر خبرة منه في الشامانية. يجب على الشامان معرفة كيفية السيطرة واستخدام بعض الأمور الشخصية الطقوسية، مثل قرع الطبال أو العربة التي يقودها للسفر، كما يجب عليه حفظ تلك الأشكال والأغاني الطقوسية المهمة بالنسبة إليه.
الشامانية: دين بدائي من أديان شمالي آسيا يتميز بالاعتقاد بوجود عالم محجوب هو عالم الالهة والشياطين وارواح السلف. وان هذا العالم لا يستجيب الاّ للشامان وهو كاهن يستخدم السحر لمعالجة المرضى ولكشف المخبأ والسيطرة على الأحداث. (عن قاموس المورد) هم أيضًا من زرعوا التبغ وأول من استخدموا السجائر في الاحتفالات الدينية
تتضمن الشامانية تصوراً خاصاً للانسان وللعالم، وهو تصور يفترض صلة خاصة بين الناس والآلهة، وتلزمه وظيفه وهي وظيفة الشامان التي تتنبأ بكل اختلال ممكن وتستجيب لكل مصيبة، تفسرها أو تحيد عنها أو تشافي منها، الشامانية اذن هي جملة افكار تبرر مجموعة افعال . ولايمكننا فهمها الا إذا ادركنا استعمالها والاكراهات الناتجة عنها. وبمكن تجميع المبادئ الكبرى الميزة للشامانية في ثلاث اقسام: يتكون الكائن الإنساني من جسم أو من مكون أو عدة مكونات غير مرئية، غالبًا ما تعرف (بروح) أو (النفس) يمكنها ان تغادر الغلاف الجسماني وتبقى حية بعد الموت والغياب المفاجئ والليلي لواحدة من هذه المكونات هو مايفسر الحلم، وغيابها المستمر ويفسر المرض اما غيابها النهائي فيعني الموت .يمكن للناس، وايضا لكل كائنات الطبيعية الحية أو الجامدة ان تمتلك أرواحا.
أما "كيو أنون"، فهي نظرية مؤامرة من ابتداع اليمين الأمريكي المتطرّف تتناول بالتفصيل خطّة سرية مزعومة لما يُسمّى «الدولة العميقة في الولايات المتحدة» ضدّ الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وأنصاره. بدأ تداوُل النظرية في أكتوبر 2017 بمنشور على منتديات لوحة الصور فورتشان لكاتب باسم مستعار Q (كيو)، من المفترض أنه مواطن أمريكي، ومن المحتمل أنّ الاسم فيما بعد ضمّ عدة أشخاص. زعم Q وصوله إلى معلومات سرية تتعلق بإدارة الرئيس «ترامب» ومعارضيها في الولايات المتحدة. اتهم Q عددًا من ممثلي هوليوود الليبراليين وسياسيين ديمقراطيين ومسؤولين في أعلى المستويات باشتراكهم في عصابة دوليّة للإتجار بالأطفال، وادّعى أن ترامب تظاهر بالتواطؤ مع الروس لتجنيد المحقق «روبرت مولر» في صفّه لكشف العصابة ومنع وقوع انقلاب عسكري يقوده «باراك أوباما»، و«هيلاري كلينتون»، و«جورج سوروس». الرمز Q هو إشارة إلى تصريح الوصول Q الخاص بالمعلومات الحساسة. يستخدم المؤمنون بنظرية "كيو آنون" في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاج #WWG1WGA، اختصارًا لشعار «where we go one, we go all» الذي يعني: «حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا».
تنتشر نظرية المؤامرة هذه بين أنصار الرئيس «ترامب» بأسماء مثل العاصفة والصحوة الكبرى، وتنبغي ملاحظة الارتباط الوثيق بين مفاهيم نظرية مؤامرة "كيو أنون" ومفردات الخطاب الديني مثل المليارية والإيمان بفناء العالم (أبوكاليبس). لطالما اتّسمت هذه النظرية بكونها «لا أساس لها من الصحة»، و«مختلة»، و«خالية من الأدلة». أُطلق على معتنقي هذه النظرية وصف «طائفة مهووسة بالمؤامرات» و«بعض أنصار «ترامب» الأكثر غرابة على الإنترنت».
وفقًا لمراجعة ترافيس، الباحث في شؤون نظريات المؤامرة، والذي استقصى ظاهرة كيو أنون وكتب باستفاضة عنها في الواشنطن بوست، فجوهر نظرية المؤامرة هو
وجود مجموعة سرية دولية من عبدة الشيطان والمتحرشين بالأطفال يحكمون العالم، بصورة أساسية، وهم المسيطرون على كل شيء. فهم يحركون السياسيين، ويسيطرون على وسائل الإعلام، وعلى هوليوود، ويُخفون وجودهم. وكانوا مستمرين في حكمهم للعالم لولا انتخاب دونالد ترامب رئيسًا
والذي انتُخب أصلًا لوضع حدّ لهذه المجموعة السرية، وكل ما يقوم به Q هو الكشف عن جهود ترامب التي يبذلها خلف الكواليس في حرب هذه الجماعة السرية. أما «العاصفة» فهي حدث سيقع مستقبلًا سيفضي إلى اعتقال الألوف من الناس، وأعضاء تلك الجماعة السرية، وسيُرسلون على الأرجح إلى سجن غوانتانامو أو سيخضعون لمحاكمات عسكرية، وسيضطر الجيش الأمريكي للاضطلاع بحُكم البلاد وإن بقسوة. وستكون النتيجة النهائية هو الخلاص وتحقيق المدينة الفاضلة على الأرض.
بدأ أنصار نظرية كيو أنون بالظهور في تجمعات حملات إعادة انتخاب ترامب في صيف العام 2018. حصل مايكل «لايونيل» ليبرون، وهو شخصية تلفزيونية وإذاعية وأحد مروّجي نظرية المؤامرة كيو أنون حصل على فرصة التقاط صورة مع الرئيس ترامب في المكتب البيضوي في 24 أغسطس 2018. حضر بيل ميتشل، وهو مذيع تلفزيوني يروج للنظرية، قمة وسائل التواصل الاجتماعية في البيت الأبيض في يوليو 2019. في أغسطس 2019 نُشر تقرير يفيد بأن جهاز التحقيقات الفيدرالية إف بي آي خلص إلى اعتبار كيو أنون مصدرًا محتملًا للإرهاب المحلي، وهي أول مرة تصنِّف بها الوكالةُ نظرية مؤامرة هامشية على أنها مصدر خطر؛ وبعد ساعات من نشر التقرير، نفى متحدّث في إحدى حملات ترامب الانتخابية أن يكون استخدامه للشعار «حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا» ذا علاقةٍ بكيو أنون.
في مقابلة حديثة مع صحيفة "أريزونا ريبابليك" (The Arizona Republic)، قال «جيك أنجيلي»، بلا قميص دائمًا، بوجه ملون وخوذة فايكنغ على رأسه، إن وظيفته هي أن يشرح للناس معتقداته حول "كيو آنون" والحقائق الأخرى التي، بالنسبة له، يظلون مستترين. في فبراير 2020، هتف "الشامان" للحشد بمظاهرة في مدينة "فينيكس" (Phoenix)، عاصمة ولاية أريزونا، دعما لـ«ترامب». أظهر لافتة كتب عليها "أرسلني كيو" وقال للصحفيين في الموقع: "كرة الثلج تتدحرج وهي تكبر فقط. الآن نحن التيار الرئيسي ".
بالإضافة إلى نظريات الفساد الحكومية ، يعتقد «أنجيلي» أن قادة العالم يحاولون إخفاء الاختراقات العلمية الناجحة عن العامة من أجل الحفاظ على النظام كما هو. من بين شخصياته المرجعية «ميلتون ويليام كوبر» (Milton William Cooper)، مؤلف كتاب "هاذا حصان شاحب" (Behold a Pale Horse) الذي يتحدث عن وجود حياة خارج كوكب الأرض والنظرية التي بموجبها خلق الإنسان "الإيدز" للتأثير على الأقليات العرقية. مثل ذوي الأصول الأسبانية والسود والمثليين جنسياً وأن العلاج قد تم إنشاؤه من قبل. في بداية شهر نوفمبر، شارك «أنجيلي» في المظاهرات في "ماريكوبا"، أريزونا، حيث حضر أيضًا منظِّر المؤامرة أليكس جونز ، وفي 30 نوفمبر شارك في جلسة استماع غير رسمية حول الانتخابات الأمريكية عقدها «رودي جولياني» (Rudy Giuliani) مع مشرعين جمهوريين آخرين منهم من وصفوا بأنهم "وطنيون رائعون".
تضمنت انتفاضة الأربعاء أنصار «ترامب» الذين يتبنون نظرية "كيو أنون"، وكذلك أعضاء من مجموعات اليمين المتطرف الأخرى، بما في ذلك "براود بويز" (Proud Boys). "براود بويز"، جماعة يمين متطرفة يتشكل جل أعضائها من الذكور فقط، تعد الجماعة مناصرة لأيديولوجية الفاشية الجديدة و"الدفاع عن القيم الغرب" و "رفض الاعتذار عن خلق العالم الحديث" ومؤيدة لتوجهات «دونالد ترامب»، كما تروج وتشارك في العنف السياسي في الولايات المتحدة. برزت الجماعة حديثا وبالرغم من رفضها للعنصرية رسميًا، إلا أن العديد من أعضائها ينتمون إلى جماعات سيادة العرق الأبيض مما حذى بمجتمع الاستخبارات الأمريكي إلى وصفهم "بأخطر مجموعة متعصبة للبيض".
تأسست المجموعة في عام 2016 من خلال مجلة "تاكي" ذات التوجه اليميني المتطرف تحت قيادة المؤسس المشارك لشركة إعلام فايس الكندية والمعلق السابق «غافن ماكننيس» الذي وصفها بأنها أخوية أو "نادي للرجال"، فيما اشتق اسمها من أغنية "Proud of Your Boy" من عرض مسرحية ديزني الموسيقية "علاء الدين" لعام 2011.
احتفل العديد من أنصار «ترامب» المنتمين إلى أطراف اليمين المتطرف بحصار الكابيتول، ووصفوه بأنه الخطوة الأولى نحو نوع من الحرب الأهلية. وشوهد العديد من الأشخاص يرتدون إكسسوارات متعلقة بـ"كيو أنون" أثناء أعمال الشغب.
اجتمع الكونجرس الأمريكي يوم الأربعاء 6 يناير لتأكيد انتخاب «جو بايدن» رئيسًا. غير راضين عن نتيجة التصويت، الذي اعتقدوا أنه تم تزويره، اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول، وتمكنوا من اختراق الحواجز الأمنية ودخول المبنى. في شوارع واشنطن، تم تصوير "براود بويز"، و "بوغالو"، وجماعات يمينية متطرفة أخرى معروفة في الولايات المتحدة، ولكن أيضًا قدماء "حزب الشاي"، وقادة الجماعات المناهضة للكمامة، ومنكري كوفيد.