غادر الزورق المعني من سواحل مدينة "زوارة" الليبية، تحديدا، من ميناء صيد، في 10 أكتوبر 2013، وعلى متنه مواطنين سوريين بشكل أساسي. بعد بضع ساعات، بدأت المياه تتسرب إلى القارب فغمرته بسبب حادث، وفي فترة قصيرة من الزمن، انقلب.
وأكدت اللجنة، المؤلفة من 18 خبيرا مستقلا، أن "إيطاليا لم تستطع الاستجابة بسرعة لنداء ات الاستغاثة بعد أن صُدم القارب بسفينة تحمل علما بربريا في المياه الدولية، على بعد حوالي 113 كيلومترا جنوب جزيرة لامبيدوزا الإيطالية". وكانت نداء ات الاستغاثة الموجهة إلى السلطات الإيطالية قد أُعيد توجيهها إلى مالطا، التي كان ساحلها على بعد حوالي 218 كيلومترا من مكان الحادث. ومع ذلك، بحلول الوقت الذي تمكن فيه زورق دورية مالطي من الوصول إلى المهاجرين، كان القارب قد انقلب بالفعل.
ووصفت إحدى أعضاء اللجنة، «هيلين تيغرودجا» (Hélène Tigroudja)، الحادث بأنه "حالة معقدة" لأن السفينة كانت في المياه الدولية داخل منطقة البحث والإنقاذ (SAR) في مالطا، ولكن التأخر المتعمد للاستجابة لنداء الاستغاثة في الوقت المناسب من السلطات الإيطالية سبّب المأساة، في الوقت الذي كان ممكنا التحرك بسرعة لتفادي وقوعها. وجاء قرار اللجنة في أعقاب شكوى مشتركة قدّمها ثلاثة سوريين ومواطن فلسطيني نجوا من الحادث وفقدوا عائلاتهم.
اتصل بعض المهاجرين على متن القارب بالسلطات الإيطالية، وأرسلوا لهم إحداثيات (GPS) وحذرهم من أن القارب على وشك الغرق. لقد اتصلوا عدة مرات، لكن رد إيطاليا كان دائمًا هو نفسه: كونه في منطقة البحث والإنقاذ في مالطا، كان إنقاذ القارب متروكًا للأخير. كان العامل الإيطالي، المكلف بالرد على المكالمات، قد أرسل للمهاجرين رقم هاتف مركز تنسيق الإغاثة المالطي، والذي اتصل به الأشخاص على متن القارب بشكل متكرر لمدة ساعتين على الأقل. لم يصل زورق الدورية المالطي إلى مكان الحادث إلا في الساعة 5:50 مساءً، عندما انتهت المأساة بالفعل. من جانبها أمرت إيطاليا سفينتها البحرية ITS Libra، التي كانت قريبة، بالحضور لإنقاذ القارب بعد الساعة 18:00 فقط، استجابة لطلب مالطا.
وقالت «هيلين تيغرودجا»: "لو وجهت السلطات الإيطالية سفينتها الحربية وزوارق خفر السواحل فور تلقي نداء ات الإغاثة، لكان رجال الإنقاذ قد وصلوا إلى القارب قبل ساعتين على الأقل من غرقه".
القارب المعني، كان قد فجّر خلافا سياسيا بين إيطاليا ومالطا بسبب إغاثة المهاجرين البالغ عددهم حينها 450 فردا، بحجة أن الزورق يوجد في المياه الدولية، تحديدا في منطقة البحث. وعلى الرغم من وجود الزورق كان يوجد على مسافة 20 ميل عن جزيرة لامبيدوزا، إلا أن خفر السواحل الإيطالي تقاعس عن إنقاذ أرواح بشرية، ربما لإعطاء درس مرعب لمن يفكر في تكرار المحاولة نفسها.
في هذا الصدد، قال «ماتيو سالفيني» (Matteo Salvini)، الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الداخلية الإيطالية، في تدوينة على حسابه الرسمي على فايسبوك بأن الزورق لن يستطيع ولا يجب أن يصل إلى أي ميناء إيطالي.
منذ عام 2014، توفي أكثر من 20 ألف مهاجر ولاجئ في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا من ساحل شمال إفريقيا. في حين غرق الكثيرون في البحر، اعترض خفر السواحل الليبي آلاف آخرين وأعادهم قسرا إلى ليبيا، حيث انتهى بهم الأمر رهن الاحتجاز وأُجبروا على المعاناة من ظروف غير إنسانية، وفقًا لتقارير المنظمات الدولية. منذ فبراير2017، اعترض خفر السواحل الليبي 36 ألف شخص على الأقل وأُعيدوا إلى الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
وصفت المفوضية الطريق المتَّبع في البحر الأبيض المتوسط الأوسط بأنه أخطر طريق في العالم. حوالي واحد من كل ستة أشخاص، من بين أولئك الذين يغادرون سواحل شمال إفريقيا، يفقدون حياتهم. يقوم مهربو البشر، ومعظمهم من العاملين في ليبيا، بإطلاق قوارب مطاطية أو قوارب صيد متهالكة، مكتظة بالمهاجرين، على أمل الوصول إلى الشواطئ الأوروبية. يفرّ البعض من الصراع أو الاضطهاد، بينما يفرّ العديد من مئات الآلاف من الأشخاص الذين يحدث إنقاذهم في البحر في السنوات الأخيرة من الفقر.
وفقًا للبيانات الصادرة عن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (UNHCR)، في عام 2020، وصل ما يزيد قليلاً عن 94000 مهاجر إلى أوروبا، منهم 5626 في شهر ديسمبر وحده. من بين الدول الأوروبية، كانت إسبانيا الدولة التي استقبلت أكبر عدد من الأشخاص، حيث سجلت أكثر من 41000 وافد، تليها إيطاليا بأكثر من 31100 شخص، واليونان مع أكثر من 15500 ، ومالطا مع ما يقرب من 3000 وافد، وقبرص بحوالي 1000 وافد. في عام 2020 أيضًا، بلغ عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في البحر 1،152، وفقًا لبيانات من "المنظمة الدولية للهجرة" (IOM)، والتي كشفت أيضًا عن تسجيل أعلى معدل وفيات في وسط البحر الأبيض المتوسط.
أظهرت البيانات المسجلة في عام 2020 انخفاضًا في كل من عدد الوافدين و نسبة الوفيات مقارنة بعام 2019، حيث بلغ إجمالي عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا 126663 شخصًا وعدد الوفيات في البحر الأبيض المتوسط 1885. ووفقًا للبيانات الأولية من فرونتكس، في عام 2020، كان من الممكن أن يكون هناك انخفاض بنسبة %23 عمليات العبور غير القانونية لحدود الاتحاد الأوروبي، ويرجع ذلك أساسًا إلى تأثير الفيروس التاجي والتدابير التقييدية التي تبنتها الحكومات الأوروبية.