جاء هذا الإعلان على هامش مؤتمر أمني عقد في المنامة بالبحرين أمس الجمعة. وأصدر وزير الخارجية السعودي بيانًا لوكالة "فرانس برس"، أوردته قناة الجزيرة الإنجليزية لاحقًا، قال فيه: "في هذه العملية، نقوم بالتنسيق الكامل مع شركائنا، واحتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي إيجابي للغاية [ …] أي قرار سيؤثر على جميع الأطراف المعنية ". وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق شامل، حدّد الأمير «فيصل» بعد ذلك أنه يتوقع حلاً يغطي جميع الجوانب، وهو مُرْضٍ يرضي جميع الأطراف المعنية، وأكّد أن ذلك يجب أن يحدث "قريبًا".
جاء إعلان الوزير السعودي بعد ثلاثة أيام من زيارة قام بها «جاريد كوشنر»، كبير مستشاري وصهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، إلى قطر، في 2 ديسمبر الماضي. في هذه المناسبة بالضبط، انطلقت أول محاولة للتقارب بين قطر والمملكة العربية السعودية لحل أزمة الخليج. وفي هذا السياق، فإن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، «دونالد ترامب»، بحسب قناة "الجزيرة الإنجليزية"، من بين الذين يشجّعون على القرار، بحيث تتوحّد كل دول المنطقة المعنية ضد إيران. وفيما يتعلّق بطهران بالتحديد، في 5 ديسمبر، حدّد وزير الخارجية السعودي أنه إذا قررت إدارة الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، «جو بايدن»، استعادة الاتفاق النووي الإيراني، أو الخطة الشاملة المشتركة لـ العمل (JCPOA)، الذي تخلى عنه «ترامب» في 8 مايو 2018، يجب استشارة دول الخليج، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تكون مثل هذه الاتفاقية مستدامة.
وقال وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» (Mohammad Javad Zarif) في تغريدة على تويتر إنه يأمل في أن تساهم المصالحة الخليجية في "الاستقرار والتنمية السياسية والاقتصادية لجميع شعوب منطقتنا".
We welcome understandings in the Persian Gulf announced by Kuwait.
— Javad Zarif (@JZarif) December 4, 2020
Iran's longstanding policy is diplomacy, good neighborly relations & regional dialogue.
We hope reconciliation contributes to stability and political & economic development for all peoples of our region.#HOPE
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة «ستيفان دوجاريك» (Stephane Dujarric) إن بيان الكويت يشجع الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريس» (Antonio Guterres) ويأمل في أن تعمل جميع الدول المعنية معا لحل خلافاتهم رسميا.
استمرت الأزمة الخليجية منذ 5 يونيو 2017 عندما وقع فرْض حظر دبلوماسي واقتصادي ولوجستي على قطر من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، حيث جرى تحميل دولة قطر مسؤولية دعم وتمويل الجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله ودعم إيران، الخصم الرئيسي للرياض في المنطقة. من جهتها، طالما رفضت قطر هذه الاتهامات، معتبرة إياها "لا أساس لها من الصحّة"، لكنها ظلت منذ ذلك الحين في عزلة أدّت إلى إغلاق الحدود الجوية والبحرية والبرية، وطرد المواطنين القطريين من الدول المروّجة للحظر. وقد أعربت قطر مرارا عن استعدادها لحل الأزمة بالوسائل السلمية والدبلوماسية. ولإنهاء هذا الوضع، أصدرت القاهرة، والرياض، وأبو ظبي والمنامة إنذارًا نهائيًا مقسمًا إلى 13 نقطة تشمل إغلاق تلفزيون الجزيرة الإخبارية اليومية وغيرها من وسائل الإعلام والحد من العلاقات مع إيران. لكن بالنسبة للدوحة، كانت هذه طلبات غير عادلة وغير واقعية لم تقبلها قط.
وتحديدا فيما يتعلق بالشروط المفروضة على قطر وإمكانية تخفيفها، قال وزير الخارجية السعودي: "ما يمكنني قوله الآن حتى لا تُبطَل المفاوضات الجارية هو أن القرار سيكون مُرْضيا للجميع".
قبل الأمير «فيصل»، في 4 ديسمبر الماضي، أعلن وزير خارجية الكويت، الدولة التي تتوسط بين الطرفين، الشيخ «أحمد ناصر الصبّاح»، عن وجود تقدّم في الحوار بين الدول المعنية، دون أن يعلن مع ذلك نقطة تحول حاسمة. وكان «الصبّاح» قد أعلن: "جرت مؤخرا حوارات مثمرة أعربت فيها كافة الأطراف عن استعدادها للتوصّل إلى اتفاق نهائي". كما قال وزير الخارجية القطري، «محمد بن عبد الرحمن آل ثاني»، في الخامس من ديسمبر: "الآن هناك تحرك جاري نأمل أن يضع حدًا لهذه الأزمة". أما البحرين ومصر والإمارات فلم تقوما بالإدلاء بأي تصريحات.
وقال «محمد بن عبد الرحمن آل ثاني» في تغريدة على حسابه بتويتر إن "بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية".
بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية. نشكر للكويت الشقيقة وساطتها منذ بداية الأزمة، كما نقدر الجهود الأمريكية المبذولة في هذا الصدد ونؤكد أن أولويتنا كانت وستظل مصلحة وأمن شعوب الخليج والمنطقة.
— محمد بن عبدالرحمن (@MBA_AlThani_) December 4, 2020
وبحسب بعض المحللين، فإن أي نقطة تحوّل قد تحدث في هذا السياق ستعنى بشكل أساسي بالعلاقات بين قطر والمملكة العربية السعودية، لكن بالكاد تتعلق بالإمارات العربية المتحدة، التي كانت حتى الآن الدولة الأكثر انتقادًا للدوحة. لكن في رد على سؤال حول موقف أبوظبي من التطورات الأخيرة، شدّد وزير خارجية المملكة العربية السعودية على وجود آلية تنسيق مع جميع شركاء الرياض وأن الجميع يتفق مع العملية في دورة.
في هذا السياق، قال وزير خارجية قطر، «محمد آل ثاني»، الجمعة، إن حل الأزمة الخليجية لا بد أن يكون شاملا، نافيا وجود علاقة بين حل الأزمة والتطبيع مع إسرائيل.
جاء ذلك في كلمة مصورة، خلال منتدى روما الدولي لحوار البحر المتوسط، عبر تقنية الاتصال المرئي.
وقال «آل ثاني»: "أي حل للأزمة الخليجية لا بد أن يكون حلا شاملا ليحفظ وحدة الخليج".
وأضاف: "متفائلون بحل الأزمة الخليجية ولا نستطيع القول أن جميع المشاكل ستحل بيوم واحد".
وحول أحاديث عن وجود علاقة بين مستجدات الأزمة الخليجية والتطبيع، قال المسؤول القطري: "الأزمة الخليجية لا صلة لها باتفاقات أبراهام أو أي تطبيع مع إسرائيل".
وأردف قائلا: "التطبيع مع إسرائيل في الوقت الراهن لن يضيف أي قيمة للشعب الفلسطيني".
والخميس، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن إدارة الرئيس «دونالد ترامب» ترغب في حلحلة الأزمة الخليجية قبل رحيلها بهدف تضييق الخناق على إيران.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، إنه "ضمن الخطوات الأولى في هذا الاتجاه تضغط إدارة «ترامب» على السعودية لفتح مجالها الجوي للرحلات الجوية القطرية التي تدفع ملايين الدولارات مقابل استخدام المجال الجوي لإيران".
فيما نقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، عن 3 مصادر مطلعة (لم تسمهم)، الخميس، إن السعودية وقطر تقتربان من التوصل لاتفاق أولي لإنهاء الخلاف المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، بضغط من «ترامب».
وأوردت الوكالة، عن مصدر رابع (لم تسمه) قوله إن "التوصل إلى اتفاق أوسع لإعادة ترتيب الأوضاع لا يزال بعيد المنال بسبب استمرار وجود قضايا عالقة، مثل علاقة الدوحة مع طهران".
والأربعاء، بحث أمير قطر، الشيخ «تميم بن حمد»، مع «جاريد كوشنر» مستشار «ترامب» وصهره، في الدوحة، القضايا الإقليمية والدولية، لا سيما تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وفق بيان قطري رسمي.
ولم يذكر البيان تفاصيل أكثر بشأن زيارة «كوشنر»، غير أن وسائل إعلام أمريكية قالت إن زيارة مستشار «ترامب» لقطر تستهدف "تأمين مزيد من الاتفاقات الدبلوماسية بالشرق الأوسط قبل مغادرة البيت الأبيض في يناير المقبل".
ومن المقرر أن يتوجه «كوشنر» أيضا إلى السعودية، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين وخليجيين (لم تسمّهم) قولهم إن "«كوشنر» سيلتقي ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، في مدينة نيوم (شمالي المملكة)".
ورجح المسؤولون، أن تبحث لقاءات «كوشنر» في قطر والسعودية عدة قضايا، أبرزها الأزمة الخليجية، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إضافة للنفوذ الإيراني بالمنطقة.