جاء الحكم في 11 ديسمبر من قبل المحكمة الخاصة بلبنان، ومقرها لاهاي وبدعم من الأمم المتحدة، بعد أن أصدرت الأخيرة، في 18 أغسطس، الحكم الذي أدان «عياش» بقتل «الحريري» و 21 شخصا أخرين. لكن المحكمة الدولية اعترفت بأنها لم تعثر على دليل قاطع يربط قيادة حزب الله بمقتل رئيس الوزراء.
«سليم جميل عياش»، رجل يبلغ من العمر 56 عامًا، حوكم غيابيًا، حيث رفض زعيم "حزب الله" «حسن نصر الله» دائمًا تسليم وكيله وثلاثة متهمين آخرين ينتمون أيضًا إلى الحركة الشيعية. وتضم قائمة الإتهام أيضا من بين المتهمين الأربعة «عياش أسد صبرا» و«حسين عنيسي» و«حسن حبيب مرعي»، لكن أُدين «سالم» فقط، بينما جرت تبرئة الثلاثة الآخرين لعدم كفاية الأدلة. إلا أن زعيم الحزب الشيعي شدد مرارًا وتكرارًا على أن أعضائه أبرياء وأن المحكمة الخاصة تمثل "مؤامرة" ضد الجماعة.
وهناك خمس جرائم أدت إلى إدانة «سليم عياش» المتهم بالقتل العمد والتآمر وتنفيذ عملية إرهابية بواسطة المتفجرات. على وجه الخصوص، توفي رفيق الحريري بعد أن فجر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات أثناء مرور موكبه على طول الواجهة البحرية لبيروت في 14 فبراير 2005. بالإضافة إلى 21 قتيلاً، أصيب 226 آخرون في الانفجار. وفي هذا السياق، اتُهم «سليم عياش» بالتخطيط للهجوم، رغم أن عميل حزب الله هو "رجل مقاومة أمين".
وطبقاً لأحد القضاة، فقد استخدم «سالم» هاتفاً خلوياً تم تعريفه على أنه "حاسم" أثناء الهجوم. سبب ذلك، تم تعريف دورها على أنه "مركزي" لأغراض العملية. كان المتهمون الأربعة قد تابعوا تحركات رئيس الوزراء في الأشهر التي سبقت الهجوم، وبمجرد اكتمال المهمة، كانوا سيغلقون هواتفهم المحمولة. وكما حددته القاضية «جانيت نوسوورثي» (Janet Nosworthy)، فإن الهواتف المحمولة الأربعة "كانت مترابطة ومنسقة مع بعضها البعض وتعمل كشبكات سرية". علاوة على ذلك، وبحسب المحكمة، فإن جريمة القتل "ذات الدوافع السياسية" كانت نتيجة عمل إرهابي يهدف إلى إثارة الذعر بين اللبنانيين.
في الوقت الحالي، يبدو أن «عياش» لا يزال هارباً. المحكمة الخاصة لا تنص على عقوبة الإعدام والعقوبة القصوى هي السجن مدى الحياة. وبدأت المحاكمة على خلفية اغتيال «رفيق الحريري» عام 2009 وكلفت نحو مليار دولار دفع لبنان %49 منها. إذا تم القبض على الجاني من قبل السلطات اللبنانية، يمكن أن تبدأ العملية من جديد.
وكان ممثلو الادعاء، في نوفمبر الماضي، قد قالوا إن السجن المؤبد هو "الحكم الوحيد العادل والمتناسب"، بالنظر إلى مسؤولية عميل حزب الله في "أخطر هجوم إرهابي على الأراضي اللبنانية". حتى وفقًا لبعض الخبراء القانونيين، فإن للحكم بعض الأهمية، حتى في حالة عدم وجود «عياش» في قفص الاتهام. ومع ذلك، أكد باحث من معهد آسر في لاهاي أن المحاكمات الغيابية ليست "الطريقة المثلى لإقامة العدل الدولي"، لكن المحاكم الدولية غالبًا ما تكون "عمالقة بلا أذرع ولا أرجل"، والذين يعتمدون على الدول الفردية لاعتقال المشتبه بهم ولا يمكنها تنفيذ المراسيم وحدها.
أعلن «سعد الحريري»، نجل رفيق ورئيس الوزراء اللبناني المكلف حاليًا للمرة الرابعة، في أغسطس أنه قبل حكم المحكمة، لكنه طالب بإحقاق العدالة وإدانة المسؤولين. وبحسب «سعد»، فإن من قتل والده كان هدفه تغيير وجه لبنان ونظامه و"الهوية الحضارية" للبلاد. لهذا السبب، قال رئيس الوزراء السابق، لن يكون هناك حل وسط. وكشف سعد بعد ذلك عن أن مقتل والده، كما ذكرت المحكمة، جاء بعد حضوره اجتماعًا مع بعض قادة المعارضة، حدث فيه إبراز ضرورة إنهاء التدخل السوري في البلاد.