"الهدية المسمومة" من «ماكرون» لـ«تبّون»..تعرف على اللعبة المزدوجة للسفير الفرنسي الذي يرفضه الجزائريون! - الإيطالية نيوز

"الهدية المسمومة" من «ماكرون» لـ«تبّون»..تعرف على اللعبة المزدوجة للسفير الفرنسي الذي يرفضه الجزائريون!

الإيطالية نيوز، الجمعة 11 ديسمبر 2020 - يعتقد الرئيس الفرنسي، «أيمانويل ماكرون»، من خلال تعيين «فرانسوا غوييت» (François Gouyette) سفيراً لفرنسا بالجزائر مع اقتراب تقاعده، أنه سيُعيد تنشيط العلاقات بين فرنسا والجزير التي تتميز في الوقت الراهن بانعدام ثقة غير مسبوق. اتهمت الجزائر القوة الاستعمارية السابقة بالتدخل في شؤونها الداخلية، ودعم عملائها من النظام السابق، والتلاعب ببعض التيارات الإسلامية اليسارية التي تشن حربا إعلامية من فرنسا في محاولة لزعزعة استقرار البلاد وتعريض أمنها الداخلي للخطر مستغلة غياب رئيس الدولة، «عبد المجيد تبّون»، الذي يتلقى العلاج حاليا في ألمانيا.


بعد أن عبّر عن عدم ثقته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر قائلا باقتضاب إنه "أحاط علما بهذه الانتخابات"، بدلا من تهنئة الرئيس الجديد «عبد المجيد تبون»، كما تقتضي التقاليد الدبلوماسية بين الدول ذات السيادة، قرر «إيمانويل ماكرون»، أسوأ رئيس منتخب للجمهورية الخامسة، بسرعة فتح صفحة جديدة في العلاقات المضطربة بين البلدين. يمكن العثور على سبب هذا التغيير في موقف "المستأجَر" الحالي للإليزيه في رد الفعل الفوري لرئيس الدولة الجزائرية فيما يتعلق بنظيره الفرنسي الذي، من خلال دعوة السلطات الجزائرية إلى "الحوار مع الناس "سمحوا لأنفسهم بالتدخل الفظ الذي لا يغفر في الديمقراطية الجزائرية.  هذا التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر تهور خطير وخطأ سياسي جسيم دفع عبد المجيد تبون للرد بشكل مباشر : "ما كنت لأرد عليه ... دعه يروّج لشعاره الزائف في بلاده، أنا منتخَب من الشعب الجزائري. وسأعترف فقط بالشعب الجزائري."


مما لا شك فيه أن «إيمانويل ماكرون» تلقى نصائحا كثيرة من قبل حاشيته في هذه القضية، لذا، ضاعف منذ ذلك الحين جهوده للتعويض عن هذا "الخطأ الفادح". أولا على مستوى اللغة السياسية، ثم على مستوى التاريخ المشترك.


«غوييت» هدية مسمومة من «ماكرون» للجزائر

إن تعيين «فرونسوا غوييت» كسفير في الجزائر في سنة 2020 كان، في نظر الرئيس الفرنسي، "إشارة" و "ضمان" للسياسة الفرنسية الجديدة إزاء هذا البلد الشمال إفريقي. الجزائريون سرعان ما فطنوا للدور الذين عين من أجل لعبه السفير الفرنسي الجديد في الجزائر فعبروا بخيبة أمل عن انتخابه، إذ رأوا في هذا التعيين "هدية مسمومة" من «ماكرون».


«فرونسوا غوييت»، يتحدث بالعربية، متزوج من مواطنة جزائرية، وكان يعتبر مقرّبا من «جون بيير شوفينمو» (Jean-Pierre Chevènement)، هذا الأخير صديق دائم للجزائر. كان مستشاره خلال الفترة التي قضاها في وزارة الداخلية. كما عمل "غوييت" دبلوماسياً في العديد من الدول العربية والمتوسطية (السعودية، قبرص، سوريا، تركيا، الإمارات، تونس، وفي الاتحاد الأوروبي كان مسؤولا عن عملية برشلونة..). لكن هذا المشوار لا يخفي دوره في زعزعة استقرار الدول العربية وخاصة في ليبيا، حيث شغل منصب السفير عندما أطيح بنظام «معمر القدافي» بقيادة فرنسا في عهد «ساركوزي»، والمملكة المتحدة تحت حكم «كاميرون»، والولايات المتحدة في عهد «أوباما».


وعلى عكس ما يقدمه بعض المحللين السياسيين والإعلاميين الفرنسيين ـ ربما لتوفرهم على معلومات مغلوطة أو لتعمدهم تضليل الرأي العام خدمة لأجندات دبلوماسية خاصة يسطّرها مسيّرو الإليزيه ـ على أنه شخصية ناشطة ومخلصة وتدرس لكل خطوة عواقبها، وذو رؤية ثاقبة لتلقلبات الأحداث السياسية للوسط الذي يوجد فيه، فإن السفير الفرنسي الحالي في الجزائر «فرونسوا غوييت»، في الواقع، هو "أحد المسؤلين الرئيسيين على إشعال فتيل الفوضى الليبية"، كما أكده دبلوماسيون فرنسيون الذين استجوبوه قبل وقت قصير من اغتيال «القذافي»، في إطار جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة، في 8 مارس 2011. 

(اقرأ تقرير هذه الجلسة: http://www.assemblee-nationale.fr/13/cr-cafe/10-11/c1011041.asp). حتى «جون بيير شوفينمو»، معلمه المفترض، عارض التدخل الذي دعا إليه سفير «ساركوزي» السابق. وفي حديثه أمام مجلس الشيوخ في 12 يوليو، قال «شوفينمو» عن دور فرنسا في ليبيا: لقد تجاوزنا خط المسؤولية للحماية، نحن نقوم بالتشويش


لم يكن «فرونسوا غوييت» غافلًا عن المخاطر التي لا تُحصى عند القيام بمحاولة صناعة "ليبيا جديدة" في كنف نظام شديد المراقبة مثل نظام معمر القدافي، الذي بات في نظر الدول الغربية ذات الفكر الإمبريالي التوسعي، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا" ورقة مفلسة يجب حرقها واستبدالها بأخرى أكثر ليونة وانصياعا للاقتراحات.  لقد قالها غوييت بصوت عالٍ وواضح أمام النواب الذين استجوبوه في فبراير 2011 الشهير. كان يعرف من يفعله، ولا سيما مع إسلاميي القاعدة والإخوان المسلمين، يدا في يد مع «برنارد هنري ليفي» (Bernard Henri-Lévy) و الاستخبارات الفرنسية وعملائها الخونة. كان يعلم أن هذا لن يؤدي إلّا إلى الفوضى. هذا لم يمنعه من خدمة هذه الخطة الشيطانية التي فتحت "صندوق باندورا"، الذي  انبثقت منه شياطين الإرهاب والجريمة المنظّمة والهجرة الجماعية...


حتى أنه كررها في ندوة مكرسة للربيع العربي، وألقى "نبوءات" تبين أنها خاطئة تمامًا عن مستقبل ليبيا.


في مؤتمر بعنوان "هل هو الربيع العربي؟"، المنعقد في باريس بتاريخ 26 مايو 2011، تجرأ «فرونسوا غوييت» على بالحديث عن مستقبل: يتعلق الأمر إذن بظاهرة وطنية. وإن إعادة إستملاك علم ليبيا المستقلة، بدا يرفع ويرفرف في بنغازي كما في المناطق ذات الأصول الأمازيغية، في الزاوية ومصراتة، وكان يكفي أن تظهر للناس عدم وجود أية رغبة أو نية في تقسيم البلد من قبل المتمردين. أرى بانتظام ليبيين من طرابلس، من الجبال، لا يطمحون إلا لشيئٍ واحداً فقط، سقوط النظام وبزوغ فجرعهد جديد. يبدو لي أن الشعور بالتضامن الذي يوحِّد أهل "بنغازي" وسكان "مصراتة" وجبال "الزنتان" العرب والبربر يجب أن يؤخَذ بعين الاعتبار. ما يسمح لك تتفادى التفكير عمدا في عدد معين من الأكاذيب التي ترد إليك من عملاء مخلصين لفرنسا بهدف بلوغ أهداف مخطط لها ومسطرة في برنامج التغيير.

(https://www.fondation-res-publica.org/Intervention-de-Francois-Gouyette_a593.html)

يا لغياب البصيرة! فالإنسان ملزَم بأن يحكّم عقله في كلِّ الأُمور، فلا يكتفي بظواهر الأُمور، بل ينظر إلى بواطنها عندما يقرأ، أو عندما يسمع، أو عندما يرى الأشياء من حوله، و لا يُخدع بجمالات الصُّور، ولا بتنميق الكلام، وهناك الكثيرون يتفنّون بخداعه، وقد باتت وسائل الإعلام والتواصل تساهم في خداع البصر والسمع وفي تزييف الحقائق. فبعد مرور عشر سنوات على "الربيع الليبي"، على المرء فقط أن ينظر إلى خريطة البلد لفهم إلى أي مدى أدت هذه "الثورة" إلى إسقاط الدولة والجيش والتماسك الاجتماعي وتثبيت الفوضى في المغرب العربي. بل إن منطقة الساحل الإفريقي تهدد أمن أوروبا وفرنسا.


بالكاد تم تنصيبه في الجزائر العاصمة، استأنف السفير «غويت» مقاربات الربيع التي، كما نعلم، زرعت الخراب والرعب والفوضى أينما تم تنفيذها. مستغلا غياب الرئيس «عبد المجيد تبون» الموجود حاليا في ألمانيا لأسباب العلاج. بدأ غويت منذ أكثر من الأسبوعين الأخيرين من شهر نوفمبر الماضي، في بدء "مشاورات" في مقر إقامته مع شخصيات ووسائل إعلام أخرى لتخيل "سيناريوهات خطيرة وهمية تهدد السلطة". 


ولم يقف تدخل السفير الفرنسي في الشؤون الجزائرية عند هذا الحد، بل تجاوزه بإجراء أول مقابلة له مع إذاعة (Radio M) على شبكة الإنترنت يتابعها نحو نصف مليون مستخدم. 

https://www.facebook.com/watch/live/?v=938579733342528&ref=watch_permalink

الإذاعة، حسب ما هو معروف عنها، تسمى أيضا إذاعة "المعارضة الديمقراطية"، يقوم مضيفوها، بحسب الباحث «أحمد بن سعدي»، بدعوة كل شخص يتوافق معها في الأفكار والتوجه الفكري وترفض التحدث مع أولئك الذين يتعارضون مع مواقفها خشية أن يزعزع منهجها السياسي.