من جانبه طلب الرئيس الفرنسي "الاحترام" بعد إبلاغه بتصريحات «أردوغان». وحسب ما نقله موقع "Brut" الإخباري، أفاد «ماكرون» أن الزعيم التركي يقوّض حرية شعبه بسياسته، في تهديد صريح من الرئيس الفرنسي العلماني لخصمه التركي المسلم، من جهة، وفي محاولة لتحريض الشعب التركي ضد «رجب طيب إردوغان» من جهة أخرى.
فقط كتذكير، توتّرت العلاقات بين فرنسا وتركيا بشكل خاص في الفترة الماضية بسبب الخلافات السياسية بين باريس وأنقرة حول مختلف القضايا الدولية، من سوريا، إلى ليبيا، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لكنّها بلغت ذروتها مع تأييد الرئيس الفرنسي للرسوم الكاريكاتورية المسيئة لرسول المسلمين، وخروجه في أكثر من مناسبة للإعلان عن أن تصوير الشخصيات العامة (مستثنيا نفسه) والسخرية منها، بمن فيهم الأنبياء والرسل ورموز الديانات، مسموح به من باب حرية التعبير، في المقابل، يغضب الرئيس الفرنسي ويدين كل من ينتقذ مواقفه وتصرفاته، كما فعل مؤخرا" : سحب «ماكرون» سفيره في إسطنبول عندما وصف «إردوغان» «ماكرون» بالمريض عقليا، الذي يحتاج إلى علاج"، ما يظهر تناقضا ضخما لدى الرئيس الفرنسي صاحب الشعار الجمهوري "الإخاء والمساوة والحرية".
في أكتوبر، وصف الرئيس الفرنسي الإسلام بأنه دين "في أزمة" على المستوى العالمي، ووعد بالالتزام بمحاربة الانفصالية الإسلامية في بلاده، ما دفع «إردوغان»، جنبا الى جنب مع رئيس كشمير، الى دعوة «إيمانويل ماكرون» إلى إعادة مراجعة مواقفه، وإلى ترتيب أموره وتفادي خلطها، حتى لا يساهم في تعريض حياة ملايين المسلمين إلى الخطر بتحريض غير المسلمين ضدهم. بالإضافة الى ذلك، كان «إردوغان» قد قال بأن "ما يتعرض له المسلمين حاليا في أوروبا مثلما كان يتعرض له اليهود في فترة النازية".
تركيا دولة ذات أغلبية مسلمة ولكنها دولة علمانية. وهي جزء من الناتو منذ عام 1952 ولكنها لم تتمكن بعد من دخول الاتحاد الأوروبي، حيث تم حظر طلبها للعضوية لعقود بسبب سلسلة طويلة من الخلافات.
بعد إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي «محمد» التي ظهرت لأول مرة على صفحات المجلة قبل مذبحة 7 يناير 2015، عرضت صحيفة "شارلي إيبدو" في 28 أكتوبر صورة كاريكاتورية استفزازية للرئيس التركي «أردوغان» على الصفحة الأولى، ما يثير غضب حكومة أنقرة.
في أعقاب الاحتجاجات وموجة العنف التي ضربت فرنسا في الأسابيع الأخيرة، حفّف «ماكرون» من نبرته وأقر، في 1 نوفمبر، بأن الرسوم الكاريكاتورية لمحمد يمكن اعتبارها صادمة للبعض. ومع ذلك، حذّر الرئيس الفرنسي، في رسالة صدرت في منتصف نوفمبر، من أنه لا تزال هناك "أرض خصبة" لـ "التطرف" في البلاد. وكتب: "في بعض المناطق وعلى الإنترنت، تقوم الجماعات الإسلامية المتطرفة بتعليم أطفالنا كراهية الجمهورية، وتدعوهم إلى تجاهل قوانينها. هذا ما تحارب فرنسا ضده. إن الكراهية والموت ما تهدد أولادك لا الإسلام. نحن نعارض الخداع والتعصب والتطرف العنيف، وليس الدّين.
تعد فرنسا موطنًا لأكبر أقلية مسلمة في أوروبا، وتسببت الهجمات في الأشهر الأخيرة في توترات جديدة وصدع اجتماعي جديد. في 25 سبتمبر، طعن رجل باكستاني يبلغ من العمر 18 عامًا وصل إلى فرنسا قبل ثلاث سنوات شخصين خارج المكاتب السابقة لمجلة تشارلي إيبدو الساخرة في باريس. في 16 أكتوبر، قطع رأس مدرس اللغة الفرنسية، «صمويل باتي»، في وضح النهار خارج مدرسة في إحدى البلديات الفرنسية شمال العاصمة بسبب إظهاره رسوم كاريكاتورية للنبي محمد لطلابه خلال في درس حول حرية التعبير. في 29 أكتوبر، وقع هجوم بسكين في كاتدرائية في مدينة نيس، وبعد يومين فقط، أطلق رجل النار على كاهن أرثوذكسي في ليونر، مع الاعتداء على محجبتين جزائريتين طعنا بسكين بالقرب من برج إيفيل، في باريس.
في 20 أكتوبر، أمرت فرنسا بإغلاق مؤقت لمسجد خارج باريس في إطار حملة قمع ضد الأفراد المشتبه في سردهم لخطابات الكراهية بعد مقتل المعلم «صمويل باتي». شارك مسجد بانتين الكبير، الواقع في ضاحية متهدمة في الضواحي الشمالية الشرقية للعاصمة، مقطع فيديو على صفحته على فيسبوك تقول السلطات إنه أشعل نار الكراهية ضد باتي. كما أغلقت فرنسا منظمتين، وهما الجمعية الخيرية الإسلامية BarakaCity ومجموعة الحقوق المدنية التي تراقب جرائم الكراهية، وهي جماعة ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا (CCIF). وقد نفت المنظمتان تصريحات الحكومة الفرنسية التي اتهمتهما بعلاقات "متطرفة".